نعي "القاعدة".. عرّاب الإرهاب "كهل عاجز" والتهديد يتمدد بـ"خراسان"
٢٢ عاما مرت على أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة، وحديث "القاعدة" مستمر ويتمدد في أروقة القضاء والسياسة والاستخبارات.
هذا الحديث تطور على مدار عقدين من المحاسبة إلى المعاقبة ثم اجتثاث الرؤوس قبل أن يصل محطة تقييم الموقف، وهل تستطيع القاعدة العودة إلى الواجهة، أم أن التنظيم في عداد الأموات؟
وفي نقطة الجدل الأخيرة، قدم مسؤولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون، في سلسلة مقابلات أُجريت في وقت سابق من هذا الشهر، ما يرقى إلى "نعي"، على حد تعبير الكاتب في صحيفة واشنطن بوست ديفيد إغناتيوس.
إذ قالت كريستي أبي زيد، مديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، إن تنظيم القاعدة "في هاوية تاريخية... ومن غير المرجح أن يعود إلى الحياة"، بعد أن "فقد القدرة على الوصول إلى الأهداف، وموهبة القيادة، وتماسك المجموعة، والتزام الأطراف بالقواعد، والبيئة المحلية الملائمة".
فيما وصف مسؤول كبير آخر، العناصر المتبقية في التنظيم، بأنها "دار رعاية لكبار السن في تنظيم القاعدة".
ومع ذلك، كما هو الحال مع معظم الأشياء، فإن الواقع أكثر تعقيدا وأقل تشجيعا بكثير. على الرغم من أن التقليل من أهمية التحدي الإرهابي الحالي وسط التركيز المتزايد على المنافسة الجيوسياسية بين القوى العظمى أمر منطقي سياسيا، وفق تحليل لمجلة فورين بولسي الأمريكية.
بيْد أن الصورة الكاملة في عام 2023 مثيرة للقلق: اليوم، هناك المزيد من الجماعات الإرهابية النشطة في المزيد من البلدان حول العالم، مع المزيد من الأراضي تحت سيطرتهم أكثر من أي وقت مضى.
في حماية طالبان
وفي أفغانستان، أصبح تنظيم القاعدة بلا أدنى شك ظلاً لما كان عليه في السابق، ولكن هذا كان صحيحاً لسنوات عديدة. وفي حين يقول المسؤولون الأمريكيون إن التنظيم لديه "أقل من اثني عشر" عنصرا ناشطاً في أفغانستان اليوم، فإن الأمم المتحدة تقدر العدد التقديري للمسلحين بنحو 400 مسلح.
تقدير الأمم المتحدة، وفق فورين بولسي، يضع في الاعتبار تأسيس معسكرات تدريب جديدة ومرافق لوجستية في تسعة أقاليم في أفغانستان، إذ تصف المنظمة علاقة طالبان بالقاعدة، بأنها "وثيقة وتكافلية"، حيث توفر الأولى لتنظيم القاعدة "الغطاء الذي يحتاجه لإعادة البناء".
وقال تحليل"فورين بولسي، إن توفير مثل هذا الغطاء، ليس قصة خيالية اختلقها دعاة الحرب، بل هو ما حدد علاقات الجماعتين على مدى عقدين من الزمن، و"هو السبب وراء تواجد زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري في مخبأ آمن لطالبان في كابول بعد سيطرتها على العاصمة الأفغانية قبل مقتله في يوليو/تموز 2022".
وفي حين أن خليفة الظواهري، المفترض سيف العدل ربما لا يزال في الجوار في إيران، فمن شبه المؤكد أن مرشحًا آخر يتمتع بنفس القدر من الكفاءة، وهو حمزة الغامدي، يخضع لشكل من أشكال حماية طالبان في الوقت الراهن، وفق التقرير ذاته.
ولكن بعيداً عن تنظيم القاعدة، فإن التهديد الإرهابي المنبثق من أفغانستان يبقى كبيرا، إذ تعمل الآن ما لا يقل عن 20 جماعة إرهابية على الأراضي الأفغانية مع حرية مناورة أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الانسحاب الأمريكي، ويحتفظ معظمها بوجود ثانوي مستمر في دول آسيوية مثل باكستان أو الهند أو أوزبكستان أو قيرغيزستان أو كازاخستان أو سوريا.
تهديد من خرسان
ومن بين هذه الجماعات تنظيم "داعش"- ولاية خراسان، الذي قال قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في مارس/آذار الماضي، إنه سيكون قادراً على تنفيذ هجمات خارجية في غضون ستة أشهر.
ووفقاً لمسؤول أوروبي كبير في مجال مكافحة الإرهاب، والذي تحدث مع "فورين بولسي" بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة معلومات حساسة، فإن هذا التهديد أصبح بالفعل "مباشراً" و"نشطاً" و"فورياً" ويصل إلى الغرب.
وما يثير القلق أن المعلومات الاستخباراتية وراء هذا التقييم جاءت من مراقبة أنشطة تنظيم "داعش ولاية خراسان" خارج أفغانستان، ربما لأن الانسحاب الأمريكي من البلاد يعني أن الولايات المتحدة وأوروبا الآن "يفتقران إلى التفاصيل اللازمة لرؤية صورة التهديد الكاملة"، وفقًا للجنرال مايكل إريك كوريلا من القيادة المركزية الأمريكية.
وحقيقة أن هذه "المؤامرات" الجارية يتم توجيهها مركزيًا من أفغانستان، كما أوضح المسؤول الأوروبي، تجعل مثل هذه البقعة الاستخباراتية العمياء، "مثيرة للقلق بشكل غير عادي"، على حد قوله، بل إنه لفت إلى أن الواقع على الأرض أعقد من المرصود.
ووفق فورين بولسي، طالما ظلت الأزمة السياسية الأكبر في سوريا دون حل، فإن تنظيم "داعش" وعشرات الجماعات الإرهابية الأخرى سوف تستمر في كسب الأرض، ما يجعل التهديد الإرهابي قائما.