هل باتت قطر في مواجهة استحقاقات الساعة الـ11؟ التعبير هنا يستخدم في أدبيات السياسة الأمريكية لوصف حالة كيان تضيق أمامه نافذة الفرص
هل باتت قطر في مواجهة استحقاقات الساعة الحادية عشرة؟ التعبير هنا يستخدم في الأدبيات السياسية الأمريكية لوصف حالة شخص أو كيان تضيق أمامه نافذة الفرص، وتوشك أن تُغلق من حوله، وهو ما تواجهه قطر في الأيام الأخيرة. لم يكن من الطبيعي أن ينطلي الخداع القطري على الجميع دفعة واحدة، أو أن تفلح الألاعيب الوهمية القطرية لشراء النفوذ بأموال الغاز والنفط، وفات القائمون على الأمر هناك أن الولاءات لا تُباع ولا تُشترى، وإنما تكتسب بالأعمال الإيجابية والإنسانية الخلاقة، لا بمشاهد الزور والزيف.
الاستثمار القطري في الحجر كذلك تمثل فيما أعلنته سفارة قطر في واشنطن عن تخصيص الدوحة لمبلغ خمسة مليارات دولار لتوسيع وتطوير قاعدة «العِديد»، وجعلها أكثر ديمومة بما يخدم القوات الأمريكية بحسب ما جاء على موقع السفارة على تويتر.
قطر تسابق الريح لتؤسس لها عشاً ثابتاً في الداخل الأمريكي، يقوى على مواجهة الرياح العاتية التي بدأت تهب على الدوحة مهددة باقتلاع النظام هناك من جذوره. ماذا عن الجهود القطرية في هذا السياق؟
خذ إليك ما أشارت إليه مجلة «بوليتيكو» الأمريكية السياسية الشهيرة الأيام القليلة الماضية من أن قطر تتطلع للحصول على حصة كبيرة من القناة الأمريكية الشهيرة «نيوز ماكس»، والهدف من وراء تلك الخطة محاولة التأثير المزدوجة من جانب على الشعب والرأي العام الأمريكي، ومن ناحية ثانية للتأثير في الرئيس الأمريكي نفسه. مالك هذه القناة هو «كريس رودي»، الصديق القريب جداً من ترامب، والذي يتمتع بنفوذ واضح في وسائل الإعلام المحافظة، ومعنى ذلك أن هناك محاولات قطرية دؤوبة للاقتراب من ترامب وبلورة صورة مغايرة لواقع قطر لديه.
والأمر الثاني الذي يمكن للقطريين فعله حال وصولهم إلى تلك الحصة من المحطة الشهيرة، يتصل بنوعية الأخبار والتغطيات التي تقدمها، وكيفية تحويل دفتها فعوضاً عن إماطة اللثام عن الحقائق، تريد قطر تقديم صورة مغلوطة وكاذبة تستفيد منها في التغطية على جرائمها.
الكارثة الحقيقية الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية هي أن كل شيء معروض للبيع على الرصيف تحت شعار الديمقراطية، فالمحطة الكبيرة والشهيرة وفي مقابل المائة مليون دولار التي تنوي قطر تقديمها لـ«رودي» تحت غطاء «توسيع عمليات التلفزيون» قد غيرت بالفعل من حدة تغطيتها الإعلامية حول الأزمة الخليجية ومقاطعة الدول الأربع لقطر.
في بدء الأزمة كانت «نيوز ماكس» تقدم تغطيات عن دور قطر المزعزع للاستقرار حول العالم والداعم للإرهاب، وفي برامج وتقارير أخرى كانت تشير إلى حتمية استقالة «ريكس تيلرسون» من منصبه بسبب علاقاته مع قطر راعية الإرهاب، إلا أن القناة عينها وبعد الأحاديث التحتية عن الشراكة المالية كانت تغير دفة اتجاهها في الداخل الأمريكي للتأثير على آراء الأمريكيين تجاه قطر، وبنوع خاص خلال زيارة تميم الأخيرة لواشنطن، ووصلت المداهنة حد اعتبار لقاء ترامب وأمير قطر بأنه يمثل «نعمة للاقتصاد الأمريكي».
محاولات شراء أرضية للنفوذ القطري في الداخل الأمريكي لا تستثني الحجر أو البشر، أما الأول فعبرت عنه وكالات الأنباء والصحف الأمريكية حين أشارت إلى قيام القطريين الأشهر القليلة الماضية بشراء «شقق سكنية» في برج ترامب الشهير في جزيرة مانهاتن بنيويورك، والهدف لا يخفى على أحد أي محاولة التقرب من ترامب بشكل أوثق وأعمق، ومحاولة استمالته إلى الصف القطري تجاه معارضيه.
الاستثمار القطري في الحجر كذلك تمثل فيما أعلنته سفارة قطر في واشنطن عن تخصيص الدوحة لمبلغ 5 مليارات دولار لتوسيع وتطوير قاعدة «العِديد»، وجعلها أكثر ديمومة بما يخدم القوات الأمريكية بحسب ما جاء على موقع السفارة على تويتر.
يعرف القائمون على الأمر في الدوحة أن الأحاديث جارية على قدم وساق في الكونجرس الأمريكي بشأن نقل القاعدة الأمريكية هناك إلى موقع وموضع آخر في الخليج العربي، وعليه فإنها تعمل جاهدة على إبقائها هناك من أجل ضمان نفوذ أمريكي. أما شراء النفوذ القطري في البشر، فقد وصل حد التفكير في الاستحواذ على ولاءات البشر النافذين أمريكيا، ومن هؤلاء «ستيف بانون» القوة الضاربة الفكرية في إدارة ترامب قبل أن يجبر على الاستقالة بسبب الصراع الدائرة في واشنطن. سؤال الساعة الحادية عشرة: هل كفل كل ما تقدم لقطر نفوذاً مريحاً لقطر في الداخل الأمريكي؟ بالقطع هذا لم يحدث بل العكس تماماً، إذ إن إدارة ترامب وجهت رسالة مفتوحة للدوحة تطالبها فيها بوقف تمويل المليشيات الموالية لإيران، وذلك على خلفية كشف تعاملات تجمعها بجماعات إرهابية في المنطقة، وهو ما كانت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قد أعلنته للعالم قبل نحو أسبوعين، فيما مسؤول أمني كبير وفي تصريحات لصحيفة «ذي ديلي تلغراف» يؤكد أن رسائل بريد إلكتروني تظهر أن عدداً من كبار المسؤولين في الحكومة القطرية قد أقاموا علاقات ودية مع شخصيات بارزة في الحرس الثوري الإيراني، وعدد من المنظمات الإرهابية التي ترعاها إيران".
ماذا يعني ما تقدم؟ باختصار غير مخل نحن أمام انكشاف الزيف القطري في الداخل الأمريكي ومعه لا تنفع فكرة شراء النفوذ أو الولاءات. الحقيقة لابد لها أن تعرف وتقال.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة