الوثائق السرية أفادت بلقاءات مسؤولين قطريين مع تل أبيب وأوضحت أن الدوحة تتبنى خطة موسعة لضرب استقرار المنطقة
على مدى أكثر من عقدين من الزمن شكلت قطر حجرَ عثرةٍ في المنطقة والوقائع التاريخية شاهدة على دورها التخريبي.. ولما شعرت الدوحة باضمحلال مكانتها وزوال هيمنتها وفشل دورها الذي كان مرسوماً لها على أن تكون المهيمنة والمسيطرة والمتحكمة بسياسات المنطقة بدأت تمضي على غير هدى متخبطة في سياستها الرعناء، وهذا التخبط القطري جعلها تبحث عمن يساندها خوفاً من السقوط الحتمي.
واعتمدت الدوحة على قناة الجزيرة القطرية، وكيف استخدمتها الأسرة الحاكمة في تأجيج الصراعات، ونشر الانقسامات في الدول العربية، إضافة إلى علاقاتها الواضحة بالتنظيمات الإرهابية، بداية من تنظيم القاعدة وانتهاء بداعش، ودعمها اللامحدود لجماعة الإخوان المسلمين، دعمت المليشيات والتنظيمات الإرهابية المسلحة في ليبيا منذ اندلاع ثورة ١٧ شباط، وهذا الدعم تخطى المليار دولار كما لجأت إلى تقديم الرشاوى للسياسيين وقادة المليشيات وأنهم كانوا يسافرون إلى الدوحة لتلقي التعليمات، والأموال التي دفعتها قطر حتى تتحكم في المليشيات ومن ثم صنع القرار في ليبيا.
قطر متوهمة جداً بزعمها أنها تستطيع قيادة المنطقة العربية والسيطرة عليها، وهي بالأساس سقطت كدولة ذات سيادة من خلال اعتمادها على الحماية الأجنبية، ومن هنا يتضح بشكل أساسي أن الدوحة لا تدار من قبل تميم بل من قبل قادة قوات تركية وإيرانية
ومن بوابة القواعد العسكرية الأمريكية عملت على تطوير وتوطيد علاقاتها المشبوهة مع العدو الإسرائيلي، حينها تولى آنذاك حمد بعمل علاقات علنية مع إسرائيل وعلى كل الأصعدة من التجارة إلى الأمن وأشياء أخرى.
الوثائق السرية أفادت بلقاءات مسؤولين قطريين مع تل أبيب وأوضحت أن الدوحة تتبنى خطة موسعة لضرب استقرار المنطقة تؤدي إلى إضرام نيران الحقد وإثارة الفتن والمشاكل في عدة دول عربية معتمدة الدوحة على قناة الجزيرة باعتبارها تشكل محوراً هداماً لتصعيد التوترات، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، في لقاء لها مع القناة الإسرائيلية الأولى، كشفت عن تمويل الدوحة الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبلغت قيمة هذا التمويل ثلاثة ملايين دولار.
ويواجه تميم انتقادات من مسؤولين أمريكيين يطالبون الدوحة بوقف تمويل الإرهاب، ورغم ذلك فالدوحة تتعامى وتتجاهل ما يوجه لها من انتقادات إقليمية وأوربية وأمريكية، وفي محاولة منها لإرضاء الإدارة الأمريكية قدمت عرضاً بتوسيع القاعدة الأمريكية لديها وإنشاء مدينة للجنود واستقبال قوات بحرية مع تقديم تكاليف مالية في هذا البرنامج بحدود خمسة مليارات دولار.
إصرار الدوحة على اتباع سياسات تدعم الإرهاب في المنطقة أدى بمطالبة نواب في الكونجرس الأمريكي إلى نقل قاعدة العديد العسكرية الأمريكية من قطر، وبرر نواب الكونجرس دعواتهم بأنه من غير المقبول أن تستضيف الدوحة قوات أمريكية وهي الداعمة للإرهاب من خلال تمويلها وتسليحها حركات متشددة في الوقت الذي ترى فيه واشنطن مجدداً اتخاذ إجراءات وقائية وتأديبية لقطر بعد التأكد من كونها الداعم الرئيسي والأكبر للجماعات المتطرفة التي تعتبرها أمريكا عدواً لها.
باتت قطر تعتمد على خليط غير متجانس من القوات الأجنبية لتأمين الجبهة الداخلية وحراسة العائلة الحاكمة، وزادت على إثرها المخاوف في قطر من حدوث تغيير مفاجئ على مستوى الحكم، وقد يتخلى الجيش القطري عن أحد أهم واجباته في ضمان الاستقرار الداخلي في الإمارة، وانتقلت هذه المهمة إلى قوات تركية، ووصول عناصر تابعة للحرس الإيراني بجوازات سفر باكستانية إلى الدوحة في مهمات أمنية وعسكرية.
احتجاجات أحزاب المعارضة التركية التي تحذر من أن الوجود العسكري التركي في قطر هو أمر خطير، فإن أنقرة تعتقد بوضوح أن حماية الإمارة سوف تعزز المصالح الوطنية لتركيا، وتُقدر أنقرة الدوحة لاصطفاف النظام القطري مع تركيا في مجموعة من الصراعات الإقليمية في ليبيا وسوريا ومصر والعراق، حيث يريد الأتراك جذب المزيد من الاستثمارات القطرية إلى اقتصادهم.
شركات البناء الرئيسية في تركيا تدفع النمو الاقتصادي في بلدها إلى الحصول على عقود أكثر ربحاً من الدوحة، وتعد تركيا الإمارة القطرية سوقاً رئيسية للأسلحة التي تصنعها شركاتها الدفاعية وترى أن قطر أول دولة عربية تقيم فيها تركيا قاعدة عسكرية التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من موقفها الاستراتيجي الأوسع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
قطر تنتظر مصيرها الأسود من الولايات المتحدة وبقية الدول التي تعتمد عليها، لا سيما أنها تعتقد أولاً بأنها دولة ذات سيادة وأن الإدارة الأمريكية تساندها، لكن قطر متوهمة جداً بزعمها أنها تستطيع قيادة المنطقة العربية والسيطرة عليها، وهي بالأساس سقطت كدولة ذات سيادة من خلال اعتمادها على الحماية الأجنبية.
ومن هنا يتضح بشكل أساسي أن الدوحة لا تدار من قبل تميم بل من قبل قادة قوات تركية وإيرانية، وهناك شخصيات عسكرية من كلتا الدولتين تتحكم في القرار السياسي والسيادي لدويلة قطر ومن بين الضباط العسكريين الأتراك وزير الدفاع التركي السابق عصمت يلماز صاحب فكرة تأسيس قاعدة تركية في قطر.
النظام القطري وقع في أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتلك شكلت ضريبة دعمه للإرهاب سواء دعمه التنظيم الدولي للإخوان وتنظيم بيت المقدس في سيناء أو إرهاب ليبيا أو المليشيات والفصائل المتطرفة في الأراضي السورية والتوقعات الإقليمية والدولية السقوط القريب لهذه الإمارة التي أعطت لنفسها حجماً أكبر.
النظام القطري استنفد أكثر من خمسين بالمائة من الاحتياطي النقدي في دعمه للإرهاب وهو ما يشكل خطراً كبيراً على وجوده وخطراً أكبر على العمالة الموجودة لديه كونها دولة مستهلكة تقوم فقط على الثروة النفطية، كما أنفقت الدوحة خمسة وثلاثين مليار دولار على مخاوفها الأمنية بتوقيع اتفاقيات عسكرية وصفقات أسلحة، ارتفعت وتيرتها منذ قرار المقاطعة العربية لحماية وجودها وهذه الأموال جعلت قطر تظن نفسها أنها دولة عظمى، وبذلك فإن المسؤولين في النظام القطري فقدوا القدرة على معرفة حجم بلادهم.
كل هذه الوقائع أكدت بما لا يدع مجالاً للشك، أن الدوحة تحولت إلى مرتع لكل من القوات الأمريكية والتركية والإيرانية، ولم يعد للجيش القطري أي أهمية أو قيمة في ظل استعانة تنظيم الحمدين بالقوات الأجنبية لحماية عرش النظام الذي تعرض لزلزال سياسي كبير منذ المقاطعة العربية للدوحة وهي على موعد مأساوي قادم ينتظرها عاجلاً أو آجلاً!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة