على مر التاريخ كان لكل أزمة شخصية مثيرة للجدل أو مصدر للنكتة السياسية، وفي الأزمة القطرية حاز وزير خارجيتها على لقب هذه الشخصية
على مر التاريخ كان لكل أزمة شخصية مثيرة للجدل أو مصدر للنكتة والسخرية السياسية، وفي الأزمة القطرية حاز وزير خارجيتها محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ودون أي منافس على لقب هذه الشخصية، حيث لا يزال تصريحه بأن بلاده "تقع في أسفل القائمة للدول المتورطة في جرم تمويل الإرهاب" يضرب به المثل في الأكاديميات والمعاهد الدبلوماسية حول أبرز سقطات الدبلوماسيين الذين سببوا الحرج لبلدانهم.
بالأمس ظهر علينا هذا الوزير بسقطة جديدة خلال مقابلة له مع قناة "MSNBC" الأمريكية، قال فيها إن بلاده أصبحت مثل "الساندويتش" بين المملكة العربية السعودية وإيران، معللا ذلك بأنها تشارك الحدود بين الدولتين، وغاب عن ذهنه أن دول الخليج جميعها دون استثناء تتشارك في حدودها بين المملكة العربية السعودية وإيران، ولكنها لم ترض أن تكون "ساندويتشا" كما رضت الدوحة أن تكون، بسبب تلك السياسات غير المسؤولة للنظام القطري.
ألم يكن من الأجدر بقطر أن تكون في صف السعودية في مواجهة الإرهاب الإيراني بدلا من أن تكون "ساندويتشا" بين الطرفين؟ وهل سيصف وزير الخارجية القطري بلاده مستقبلا بـ"الشاورما" في ظل التواجد التركي والتغلغل الإخونجي الإرهابي واختلاط الحابل بالنابل على أراضي الدوحة؟
يبدو أن الوزير القطري استلهم الاستهزاء بمكانة بلده من خلال الواقع الذي تكشّف للنظام القطري، ذلك الواقع الذي شعر في هذا النظام بضعف حيلته، وتقلّص خياراته وخسارته، لكل الاستراتيجيات التي راهن عليها.
ألم يكن من الأجدر بقطر أن تكون في صف السعودية في مواجهة الإرهاب الإيراني بدلا من أن تكون "ساندويتشا" بين الطرفين؟ وهل سيصف وزير الخارجية القطري بلاده مستقبلا بـ"الشاورما" في ظل التواجد التركي والتغلغل الإخونجي الإرهابي واختلاط الحابل بالنابل على أراضي الدوحة؟
كذلك استمد هذا الاستهزاء من نظرة حلفاء "تنظيم الحمدين" الإيرانيين والأتراك لقطر، ففي تصريح لوكالة تسنيم الإخبارية الإيرانية، قال رئيس منظمة التنمية التجارية الإيرانية، مجتبى خسروتاج، إن واحدة من المحافظات الإيرانية يمكنها سد حاجات قطر التي يقطنها 2.4 مليون نسمة، مضيفا أنه لا مشكلة فعلية في صادرات طهران إلى الدوحة.
وبالفعل يبدو أن التقارير الواردة من قطر تفيد بأن التجار الإيرانيين ينظرون إلى قطر بأنها مجرد مكبّ للأغذية الفاسدة والتي تزيد عن حاجة السوق في بلادهم، حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن رضا بديعي فرد، مدير مطار شيراز، توقف التصدير جزئيا إلى قطر بسبب احتواء المواد الغذائية الإيرانية المصدرة لها على بقايا الوحل.
ونقلت الوكالة الإيرانية عن وزارة الصحة القطرية إعلانها أن الفواكه المصدرة من طهران ذات منشأ كيمياوي، وهو الخبر الذي لم يجد له مكانا في وسائل الإعلام القطرية وأبواقها التي انشغلت في التشكيك وبث الأخبار الكاذبة حول صادرات الفواكه المصرية، متجاهلة إغراق السوق القطرية بالأغذية المسرطنة من إيران.
وعلى الجانب الآخر، كانت زيارة أردوغان لما يسمى بقاعدة طارق بن زياد العسكرية -التي يتواجد بها الجنود الأتراك- فصلا آخر من الاستهزاء بالسيادة القطرية التي يتغنى بها "تنظيم الحمدين"، بعد أن شاهد الجميع في تلك الزيارة التي تباهى بها أردوغان بين جنوده، كيف ظهر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع القطري خالد العطية خلال الزيارة بمظهر من فقد الولاية والسيادة على أرضه مكتف اليدين لا يملك من قراره شيئا.
إن مشهد العطية وسط الأتراك على أرض الدوحة ووصف محمد بن عبدالرحمن بلاده بـ"الساندويتش" يذكرنا ببيت الشعر الخالد لأبي الطيب المتنبي حين قال:
كُلُّ حِلْمٍ أتَى بغَيرِ اقْتِدار .. حُجّةٌ لاجئٌ إلَيها اللّئَامُ
مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ .. ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة