سجون بريطانيا تنتظر حمد بن جاسم.. وجرائمه تشعل الغضب
حمد بن جاسم عينته سفارة قطر بلندن بوظيفة عادية لمنحه حصانة دبلوماسية بعد دعاوى قضائية ضده
مع ثبوت تورط حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق وأحد أضلاع مثلث تنظيم الحمدين الإرهابي في جرائم رشوة واحتيال في قضية مصرف باركليز التي تتوالى جلسات محاكمتها في لندن، ومطالبة القاضي بإدراجه كمتهم في القضية، تجدد الجدل القانوني حول وضع بن جاسم.
- الجارديان: قطر تحايلت لإخفاء حصة حمد بن جاسم في بنك "باركليز"
- صحيفة: حمد بن جاسم أبرم اتفاقا مشبوها مع مسؤولين في باركليز
وكان بن جاسم قد أفلت بالفعل في وقت سابق من المقاضاة أمام المحكمة العليا البريطانية في دعوى سابقة أقامها فواز العطية، وهو مواطن بريطاني وناطق رسمي سابق باسم قطر، يتهم فيها الشيخ "إتش بي جي" باختطافه وتعذيبه.
حمد بن جاسم الملقب في الإعلام البريطاني باسم"إتش بي جي"، قامت السفارة القطرية في لندن بتعيينه بوظيفة عادية قبل سنوات من أجل منحه الحصانة الدبلوماسية بعد أن بدأت تلاحقه الدعاوى القضائية.
سيناريو تكرار إفلات بن جاسم من المحاكمة بسبب الحصانة المزيفة التي منحتها إياه سفارة بلاده، أثار غضبا في بريطانيا، وتعالت الأصوات التي تطالب الحكومة بإسقاط الحصانة المزيفة عن جاسم، ومحاكمته عن كل جرائمه السابقة.
3 جرائم
وإذا ما تم إسقاط الحصانة الدبلوماسية عن بن جاسم يُتوقع أن تتم مقاضاته لارتكابه 3 جرائم منفصلة، منها محاكمته القضية أمام محكمة ساوث وارك في لندن في قضية الرشوة التي تحصل عليها من بنك باركليز خاصة بعدما تكشفت أدلة كثيرة حول تورطه واحتمال سجنه، وفق القانون البريطاني.
وكان مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا اتهم 4 من كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين في باركليز بدفع رشاوى في شكل عمولات سرية ورسوم إضافية غير مبررة إلى حمد بن جاسم عام 2008 بلغت 322 مليون جنيه إسترليني، لتدبير عمليات ضخ للأموال سمحت للبنك بتجاوز الأزمة قبل عشر سنوات.
وعرض مكتب جرائم الاحتيال الخطيرة أدلة حاسمة ضد بن جاسم تتضمن حزمة من الرسائل الإلكترونية تفضح رئيس وزراء قطر السابق، وتتكلم عن دفع عمولات وكوبونات أرباح للأسهم، وأوراق مكتوبة بخط اليد ومكالمات وإيميلات، تكشف جميعها اتصالات مباشرة مع حمد بن جاسم ولقاءه مع تنفيذيين وجهاً لوجه في 2008.
وأشار القاضي روبرت جاي خلال المحاكمة إلى أنه من البديهي أن يتم إدراج الطرف الثاني في الاتفاقات المشبوهة، في إشارة إلى بن جاسم والجانب القطري، وعقب ذلك تجدد الجدل حول وضعه القانوني مع تكشف أمر الحصانة المزيفة.
وطالب معارضون بريطانيون حكومة تيريزا ماي بإصدار أمرا قضائيا بتجريده من الحصانة المزيفة، محذرين من أن التستر على «الشيخ إتش بي جي» للحماية من العقاب على جرائم بعضها جنائي، يمكن أن يكون مسوغاً للإفلات من إقرار العدالة في المحاكم البريطانية.
واعتبروا سماح الحكومة البريطانية بمثل هذا التحايل والتلاعب الذي يمس إقرار العدالة وحماية حقوق المودعين، من دافعي الضرائب البريطانية في بنك باركليز.
أما القضية الثانية بحق بن جاسم، حال إسقاط الحصانة عنه، فهي الدعوى القضائية التي رفعها ضده الناطق الأسبق باسم وزارة الخارجية القطرية فواز العطية.
والعطية هو صاحب القضية الأكثر شهرة ضد حمد بن جاسم التي كانت قيد النظر من قبل المحكمة الملكية "ستراند لندن" منذ أغسطس/ آب 2015، وتتعلق بقضية تعذيب، اتُهم فيها عملاء تابعون لابن جاسم بسجنه قسريا في الدوحة لمدة 15 شهرا من 2009 إلى 2011 وعذبوه، حيث تم وضعه في سجن انفرادي ومنعه من النوم، كما كان يسمح له بالخروج من محبسه فقط من أجل استجوابه بينما كانت يداه مكبلتين بالأصفاد.
وتضمنت الدعوى المقدمة إلى المحكمة قيام حمد بن جاسم عام 1997 بعرض شراء 20 ألف متر مربع من أراضي العطية في منطقة الريان غرب الدوحة، دون أن تذكر وثيقة المحكمة قيمة العرض.
فما كان من فواز العطية إلا أن رفض العرض لأنه كان أقل من قيمته الأصلية ما أغضب حمد بن جاسم، فقرر عزله من منصبه كناطق رسمي للخارجية القطرية ثم استولى بعد ذلك على قطعة الأرض عنوة.
وبحسب فواز العطية فهناك: "2 تريليون دولار ذهبت أدراج الرياح خلال قيادة حمد بن جاسم لدولة قطر بسبب فساده ومغامراته وتبذيره وفشله".
قصة الحصانة المزيفة
توماس دي لا ماري، محامي فواز العطية، أشار في تصريحات سابقة نقلتها جريدة الجارديان البريطانية إلى أن بن جاسم، تولى منصبا شكليا كدبلوماسي في لندن بعد أن ترك منصبه كرئيس للوزراء ليحمي نفسه من ادعاءات بجرائم جنائية.
ويقول دي لا ماري إنه منذ تقاعد في يونيو/حزيران 2013، ظهر في قائمة الدبلوماسيين بمكتب وزارة الخارجية والكومنولث في المملكة المتحدة بوصفه "مستشارًا للوزراء" في سفارة قطر بلندن، للتحايل على القوانين من خلال اكتساب الحصانة القانونية بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961.
ويوضح المحامي دي لا ماري أن "إتش بي جيه" في الواقع لم يتولَ منصبه في السفارة، واصفا هذا التعيين بأنه "عار"، ويقول: "لم يذهب حمد بن جاسم قط إلى وزارة الخارجية (البريطانية)، كما لم يذهب أبدًا إلى سفارة لندن أو حتى حضر أي حفل استقبال أقامه السفير القطري".
وكشف المحامي دي لا ماري أن بن جاسم يمضي وقته في متابعة صفقات تجارية شخصية، فيما يعد خرقا ومخالفة لشروط اتفاقية فيينا التي تحظر المشاركة في النشاط التجاري لتحقيق الربح الشخصي.
ويدعم المحامي اتهاماته بأنه قدم في أوراق الدعوى التي قدمها للمحكمة العليا في بريطانيا عام 2016، ورقة تتضمن شهادة رسمية من بنوك بريطانية تشير إلى أن الشيخ حمد بن جاسم يستفيد من ملكية عدد من فنادق لندن الرئيسية، وأنه قام بشراء شركة نفط في لندن مقابل مليار جنيه إسترليني بينما هو يشغل منصبه الدبلوماسي المزعوم.
وعلاوةً على قضية خطف وحبس وتعذيب فواز العطية لمدة 15 شهراً، من المتوقع أن تتم مقاضاة بن جاسم في سلسلة من التحقيقات رفيعة المستوى حول فضيحة رشاوى لاستضافة وتنظيم بطولة كأس العالم 2022 في قطر التي تفيد التحريات بأنه لعب أدواراً محورية في الممارسات «غير النزيهة» التي جرت ليحصل الملف القطري على الأصوات المؤيدة.
ثروة حرام.. وفساد سياسي
وإضافة إلى فساده في الجانب الاقتصادي، فتعد سياسات حمد بن جاسم إبان عمله رئيساً لوزراء أمير قطر السابق حمد بن خليفة، أحد أبرز أسباب أزمات قطر مع أشقائها، ويعد تدخل "تنظيم الحمدين" إلى اليوم في سياسة الدوحة أحد أسباب فقدان بوصلتها.
وقدرت ثروة بن جاسم بـ12 مليار دولار أمريكي عندما استقال من منصبه كرئيس لوزراء قطر ووزير خارجيتها في يونيو عام 2013، جمعها من الصفقات المشبوهة والعمولات الضخمة التي حصل عليها من ثروات الشعب القطري.