الخسة والدناءة بلغت بنظام الحمدين إلى اتهام التحالف العربي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في اليمن
في الطب يبحث الطبيب عن المرض الذي يعانيه الجسد، ويبذل ما يستطيع من جهد ووقت وصبر ومثابرة، فيبحث دون كلل أو ملل عن موضع العلة، فالتشخيص الدقيق والمتأني سيؤدي حتمًا للعلاج الصحيح المناسب للمرض الذي سيتبين وجوده، ومع العلاج تستمر الملاحظة والمتابعة لتجنُّب تعرُّض الجسد للمضاعفات أثناء وقت العلاج المقرر فإن كان الاستشفاء يسير كما هو مخطط له ومرسوم ومتوقع من قبل الطبيب المعالج، فيلزم ذلك بعض الوقت لبيان النتائج وظهور آثارها لتراها عين العامة بعد أن كانت لا تُرى إلا بعين الطبيب المعالج.
كذلك كان الحال مع الجسد المريض قطر، والذي أصيب بمرض عضال شخَّصه الطبيب فوجد أنه مرض "تمويل الإرهاب" والكيد والغدر بالجار والتآمر عليه ومحاولة إسقاطه بشتى الطرق، وبعد كشف الطبيب عقد مؤتمرًا صحفيًا بين فيه وفي حدود ما يجب أن يتم تبيانه للعامة عن المرض والعلاج الذي سينتهجه، مع توقع اللجوء لعلاج تتابعي إن فشل العلاج الأول في تحقيق الغاية المنشودة منه، كما أعلن الطبيب أنه ارتأى المقاطعة علاجًا مبدئيًا يرى فيه أنه مفيد وسيؤدي للشفاء من تلك الآفة إن التزم ذاك الجسد بالضوابط الدولية والأخوية وحقوق الجيرة، لأن المقاطعة ستقف حائلًا أمام ممارسته لألاعيبه والكذب الذي كان يمارسه والظهور بموقف في العلن بشكل مغاير عن الموقف الذي ينتهجه في الخفاء فقد أصبح تحت المراقبة.
كان هذا تلخيصًا لواقع الأزمة الخليجية منذ بدايتها مرورًا بتشخيصها وإعلان العلاج المناسب لها، ومتابعة الحالة ليتسنى للطبيب ممثلًا في الدول الأربع بالتدخل لتغيير طريقة وأسلوب العلاج المتبع، فقد سبق وأن أعلنت هذه الدول عن أن المقاطعة هي مجرد بداية وستستمر إلى أن تبدي قطر تجاوبًا، وإلا فإن إجراءات وخيارات أخرى هي مطروحة لكنها غير معلنة على أن يتم الإعلان عنها في الوقت والزمان والمكان المناسب.
بعد الرد القطري على مطالب دول المقاطعة والذي جاء قبيل الاجتماع المقرر له في القاهرة تعالت الأصوات والتأملات مطالبة برد قوي وتصعيد يتماشى من جانب مع تسريب قطر لتلك المطالب، ومن جانب آخر للرد على عنجهية ومكابرة الرد القطري الذي بادر بأخذ منحى التصعيد، إلا أن الحنكة والحكمة السياسية للدول الأربع أثبتت علو كعبها على السياسة الشاذة لنظام الحمدين، فتجلى ذلك في الخروج بمؤتمر هادئ يضع النقاط على الحروف ويبين أن الدول الأربع مستمرة في المقاطعة وعلى المتضرر اللجوء للعقل والحكمة، إلا ان نظام الحمدين استمر في غيّه واتجه شرقًا وغربًا للضغط على دول المقاطعة، فلم ينجح كما أنه جيَّش الأقلام المأجورة لكتابة المقالات وبحث الأكاذيب وفبركة التقارير المغلوطة، التي اتهمت السعودية بالإرهاب والإمارات بإدارة السجون السرية وأساءت لمصر العروبة والبحرين الوفية، وفي منحنى آخر بلغت الخسة والدناءة بنظام الحمدين إلى اتهام التحالف العربي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتسبب في انتشار مرض الكوليرا في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، بينما كان الحوثي حملًا وديعًا في منأى عن أي ذكر في تلك التقارير والاتهامات المشبوهة التي أرادت بها قطر تأليب الغرب على التحالف العربي الذي غدرت به وسربت المعلومات والإحداثيات للحوثي كي يستهدف قوات التحالف، التي استشهد على إثرها جنود من اليمن والسعودية والبحرين والإمارات والسودان.
عاد الترقب مجددًا لاجتماع وزراء خارجية الدول الأربع المقاطعة، وارتفعت التوقعات بفرض عقوبات جديدة أو التصعيد ضد قطر بأي شكل كان، خاصةً لتزامن الاجتماع مع طلب قطر تدويل الحرمين وتقديمها شكوى للأمم المتحدة، في توجه منها لتسييس موسم الحج ومنعها مواطنيها من تأدية فريضة الحج رغم إعلان المملكة العربية السعودية ومنذ بداية المقاطعة أنها لم ولن تمنع أي قطري من أداء مناسك الحج أو العمرة، ورغم محاولة التصعيد المتعمد من نظام الحمدين جاء الاجتماع الوزاري في المنامة هادئًا متزنًا وواضحًا مبينًا تمسك الدول باستمرار المقاطعة والأسس والطلبات التي قدمت لقطر، وأوضحت أنه لا يمنع من وجود حوار مع قطر ولكن بعد تنفيذها المطلوب منها.
اعتقد البعض أن ذلك يعتبر تراجعا ولكن اقرؤوا ما بين السطور يا سادة نعم للحوار بعد تنفيذ المطلوب، نعم لم يتم الإعلان عن عقوبات أو إجراءات جديدة، ذلك لأن المقاطعة تؤتي ثمارها ونحن نتابع تقدم قوات التحالف في اليمن وهزيمة داعش في العراق وسوريا وليبيا كما تحررت بنغازي من المتطرفين، والأهم أن نظام الحمدين الذي كان يتاجر بزرع الخوف بات خائفًا يترقب!
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة