كلمة «شريفة» التي أطلقها الوزير القطري يجب أن تُضاف لقاموس طويل من الكذب والتزوير، يتميز به بيت الحكم في الدوحة
بعد مضي مئة يوم على مقاطعة قطر من قبل الدول الأربع المناهضة للإرهاب، واجهت الدوحة أول اختبار حقيقي للحوار وجهاً لوجه في اجتماع مجلس الجامعة العربية، كان الأول بعد أشهر من القطيعة التامة، والحديث عبر الوسطاء، لكن ما الذي حدث؟!..
كيف يمكن لأي سياسي «عاقل» أن يفهم كيف ينظر المجتمع الدولي لإيران باعتبارها دولة مارقة راعية للإرهاب، أن يصفها بالدولة «الشريفة»،؟أية سياسة تعلمها هذا الوزير ومن ورائه في الدوحة؟، وهل علاقات الدول تقيم نتيجة حمولتين بصل وطماطم وألبان أرسلتها طهران للدوحة؟
كعادة قطر في إضاعة الفرص والهروب للأمام، والتذاكي مع خلاف ليس فيه مجال للمراوغة، فالدول الأربع تعلم تماما طريقة تفكير الدوحة ومساحات المناورة الضيقة التي أمامها، إنه خصم كُشِف من 20 عاما.
تعاملت الدوحة مع الاجتماع بغرورها السياسي الذي يغرقها أكثر وأكثر في وحل صنعته بنفسها، ولم تعد قادرة على التخلص منه، بل أدت الرسائل التي أطلقها وزيرها المفوض للسياسة الخارجية إلى تأكيد صحة موقف الدول الأربع من الدوحة.
فهل يعقل أن يقسم وزير دولة للشؤون الخارجية خلال حوار دبلوماسي في مجمع إقليمي، واصفا دولة مختلفا معها بأنها «شريفة»، ما فعله الوزير لا تفعله «سيدات البيوت» في جلسات العصاري.
كيف يمكن لأي سياسي «عاقل» أن يفهم كيف ينظر المجتمع الدولي لإيران باعتبارها دولة مارقة راعية للإرهاب أن يصفها بالدولة «الشريفة»؟، أية سياسة تعلمها هذا الوزير ومن ورائه في الدوحة؟، وهل علاقات الدول تقيم نتيجة حمولتين بصل وطماطم وألبان أرسلتها طهران للدوحة.
إيران التي حاولت طوال ثماني سنوات الاستيلاء على بغداد عاصمة هارون الرشيد وقتلت مليوني عراقي، ودمرت دمشق الشهباء، واحتلت بيروت، وعبثت في البحرين واليمن والكويت، ودعمت الإرهابيين في السعودية ومصر، وتحولت لملاذ آمن للقاعدة وداعش وقادتها وعائلات الإرهابيين.
الدولة التي تسخّر 90% من ميزانيتها لتصدير الثورة والفكر الفارسي الاستعلائي للسيطرة على العرب وأراضيهم ومصيرهم ومستقبلهم، تصفها الدوحة بالدولة الشريفة، يا لرخص العواطف في سوق السياسة القطرية.
لنتذكر فقط أن موقف السعودية من إيران يستند على إيقاف المد الإرهابي لطهران في الخليج والعالم العربي، وتعرية النظام أمام المجتمع الدولي ومحاصرة شرّه، بينما تقوم الدوحة بتعويمه وإعادة تأهيله، بل وتبني مواقفه الحادة من الرياض.
هكذا قبلت الدوحة أن تكون رأس الحربة في المشروع الإيراني المهدد للسعودية، بدءاً من الخيانة العسكرية لدول التحالف في اليمن، مروراً بترويج العقيدة «الفارسية» في المنطقة، وتمويل أجنحتها العسكرية والسياسية، من حزب الله وحماس والجهاد والحوثيين ومسلحي العوامية وانتهاء بالحشد الشعبي.
سياسياً أضحت الدوحة ظهيراً إعلامياً يروّج لمواقف طهران ويدافع عن أولوياتها، بل وصل الأمر إلى حد إعلان الحرب على مشاريع الرياض، وهو ما ظهر جليّاً في نشر منصات قطر الإعلامية لرسالة جواد ظريف التي هاجم فيها المملكة عشية القمم الثلاث بين الدول العربية والإسلامية وأمريكا، إضافة لكلمة تميم في محفل عسكري أيّد فيها إيران وسمح بجلب عدد كبير من قوات الحرس الثوري لقطر، والعرض على طهران بناء قاعدة عسكرية في الدوحة.
كلمة «شريفة» التي أطلقها الوزير القطري يجب أن تُضاف لقاموس طويل من الكذب والتزوير، يتميز به بيت الحكم في الدوحة، لعل أشهرها الانتساب لعائلة آل الشيخ بترويج كذبة «جدي السادس عشر»، ومحاولة خداع العالم بكلمة «الحصار».
هو أسلوب اعتمده الحمدان لتحقيق مصالح سياسية، يقدمون لكل سياسي ومجتمع ما يحب سماعه ويدغدغ مشاعره، ففي طهران قال حمد بن خليفة إنه ينتمي لأسرة ذات أصول إيرانية، وفي الجزيرة العربية يدعي صلة قربى بالشخصية التاريخية القعقاع، وفي ليبيا يقول للعقيد معمر القذافي زوراً وكذباً إنه الحفيد السادس عشر للشيخ محمد بن عبد الوهاب، مبرراً طموحه السياسي ومسوّغاً لأوهامه للاستيلاء على الحكم في الجزيرة العربية والمملكة.
نقلا عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة