يتبين أن هؤلاء العملاء كانوا يتسترون بالدين لتنفيذ أجندات خارجية، تسعى لزعزعة الأمن، على أمل إسقاطه، كما يحلم نظام الحمدين في قطر
تتفق كل دول العالم على أن التخابر مع دولة أجنبية، والتجسس لصالحها وتنفيذ أجنداتها من أعظم الجرائم التي يمكن أن يرتكبها الإنسان، ولهذا سُميّت هذه الجريمة بـ"الخيانة العظمى"، ودائماً ما ينتهي الخائن نهاية مأساوية، فإما أن يقع تحت طائلة القبض والحساب، أو ينجو، ولكنه يعيش حياة بائسة، يملؤها الندم، وغالباً تنتهي حياته بالانتحار، كما حصل لمعظم الجواسيس عبر التاريخ.
يتبين أن هؤلاء العملاء كانوا يتسترون بالدين لتنفيذ أجندات خارجية، تسعى لزعزعة الأمن، على أمل إسقاطه، كما يحلم نظام الحمدين في قطر، ولكن ما كان خافياً على هذا الواعظ، مثل بقية زملائه، أن جهاز أمن الدولة كان يتابع ويراقب ويرصد، انتظاراً لليوم الموعود
لم نتفاجأ عندما أعلن جهاز أمن الدولة في المملكة القبض على خلية تجسس، فقد كنا، ومنذ سنوات، نتابع ما لا يخطر على بال، من قبل الحزبيين السعوديين، الذين يمارسون إثارة الشغب والبلبلة، والاعتراض على قرارات الدولة التنموية، وتهييج الشارع، وتشويه الرموز الوطنية، ومحاولة نزع المصداقية عن الإعلام الوطني، ولم يكن هذا هو كل شيء، ففي الوقت الذي كانوا يفعلون ذلك، كانوا يكيلون المديح لدول أخرى، وتحديداً قطر وتركيا، وهما الدولتان الداعمتان لتنظيم الإخوان الدولي، وإيواء رموزه، فالخطة تقتضي أن تتزامن الحرب على الوطن مع عرض نموذج دول خارجية وتلميعها، وكان كل ذلك يجري بشكل مكشوف وفجِّ، لدرجة تثير الغثيان، ودعوني أعرض لكم نموذجين صارخين من نماذج العمالة الصريحة.
ذات يوم، وفي أوج ما سُمي بالربيع العربي، وبعد أن أسقط باراك أوباما الرئيس حسني مبارك، ونصّب تنظيم الإخوان حاكماً لمصر، سافر إخونجي سعودي إلى مصر، وخطب هناك، مبشراً بقرب قدوم الخلافة الإسلامية، التي تعني عملياً سقوط أنظمة دول الخليج!، ولا يمكن أن ننسى انتفاخ أوداجه من الحماس، وهو ذات الواعظ، الذي كان قبل تلك الخطبة وبعدها، يقف موقفا صلباً من عمل المرأة في المملكة، ويشتم بعض المكوّنات الوطنية ويكفّرها، والغريب أنه عاد من مصر، واُستقبِل وكأن شيئا لم يكن، ولأن الإخونج كائنات تتمتع بغباء لا ينافسها فيه أحد، فهو وغيره لم يتوقعوا أن أجهزة الأمن اليقظة ترصد كل شيء، تحسباً ليوم موعود.
النموذج الآخر كان لواعظ ثري، وكل وعاظ الصحوة فاحشو الثراء على أي حال، إذ إن هذا الواعظ انطلق إلى كعبة المضيوم في قطر، وسكن في فندق تُباع فيه كل أنواع الخمور، وأخذ جولة بسيارة فخمة، مر من خلالها بكنيسة غير بعيدة عن الفندق الذي يقيم فيه، وفي نهاية الجولة، استلم حقيبة مليئة بما خف وزنه وغلا ثمنه، ثم بعد عودته إلى أرض الوطن، قاد مظاهرة عند الديوان الملكي، تعترض على عمل المرأة في إطار الضوابط الشرعية التي حددها كبار علماء المملكة!، وهنا يتبين أن هؤلاء العملاء كانوا يتسترون بالدين لتنفيذ أجندات خارجية، تسعى لزعزعة الأمن، على أمل إسقاطه، كما يحلم نظام الحمدين في قطر، ولكن ما كان خافياً على هذا الواعظ، مثل بقية زملائه، أن جهاز أمن الدولة كان يتابع ويراقب ويرصد، انتظاراً لليوم الموعود، أي يوم الحساب، الذي حان قبل عدة أيام، بعد أن انتظرناه طويلاً.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة