رفض الدول الأربع لدعوة قطر للحوار ليس رفضا للحوار ولكن لأنها متأكدة من أن الدعوة ترمي لإظهار الدوحة في صورة المظلوم
بعد كل الذي فعلته قطر، قبل أزمتها وخلال أزمتها ولا تزال، يأتي وزير خارجيتها ليقول ببساطة إنها على استعداد للحوار مع الدول الأربع التي اتخذت قرار مقاطعتها قبل نحو عامين، أملاً في أن تعود إلى رشدها وتتوقف عن التغريد خارج السرب وتمنع نفسها من دعم وتمويل الإرهاب، وبعد كل الذي فعله أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة ومناضلين وفي ثورة» في البحرين وأهلها وتسببوا في أضرار كثيرة، مادية ونفسية، يأتي منهم من يقول عبر الفضائيات «السوسة» وببساطة أيضاً إنهم على استعداد للحوار مع الحكومة.
المؤسف أن قطر غير صادقة في دعوتها وغير جادة، وأولئك أيضاً غير صادقين وغير جادين، لو أن الدول الأربع شعرت بصدق وجدية قطر لما تأخرت عن الاستجابة لهذه الدعوة
هكذا وبهذه السهولة والبرود يتم التصريح عن الاستعداد للحوار، وأنه هو الطريق الأفضل والمخرج الأنسب لكل مشكلة، لهذا فإن الجواب المنطقي من الدول الأربع على دعوة وزير خارجية قطر هو: أين كنت يا قطر؟ ولماذا لم يصدر منك تصريح كهذا من قبل وقبل أن تتطور الأمور وتتعقد؟ لماذا الآن؟ والجواب المنطقي نفسه يأتي من حكومة البحرين رداً على هذا النوع من التصريحات من «المعارضة»، والتي لم يعد لها قيمة ويعرف الجميع أنها تحصيل حاصل، وترمي إلى القول بأن الحكومة هي التي ترفض الحوار.
بعد قليل سيأتي أردوغان ليقول للسعودية إنه لم يقصد الإيذاء عبر ركوبه موجة الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وإنه على استعداد للحوار بغية إغلاق هذا الملف، وسيأتي روحاني ليقول للبحرين ولكل دول المنطقة إن النظام الإيراني لم يقصد التدخل في شؤونها الداخلية، وإنه على استعداد للحوار معها كي تفتح صفحة جديدة، وإن الأمر لا يتطلب سوى الثقة فيه! وسيأتي بعدهما مباشرة أو بصحبتهما أمين عام «حزب إيران في لبنان» ليقول مثل ما قالوا.
الحوار إن لم يأتِ في وقته لا قيمة له ولا يمكن أن يحل المشكلة، وليس مقبولاً أن تأتي الدعوة للحوار بمناسبة عقد مؤتمر صحفي لا علاقة لموضوعه بالحوار ولا بالمشكلة، لو أن دعوة قطر هذه جاءت فور اتخاذ الدول الأربع قرار مقاطعتها أو حتى بعد ذلك بقليل لكانت مقبولة ومعقولة، ولو كانت دعوة أولئك للحوار مع الحكومة جاءت قبل أن تتعقد الأمور ويتعرض الوطن لكل الذي تعرض له بسببهم وبسبب تعويقهم جلسات الحوار السابقة لكانت مقبولة ومعقولة.. آلآن وقد رفضت وتكبرت من قبل؟
رفض الدول الأربع دعوة قطر للحوار ليس لأنها ترفض الحوار ولكن لأنها متأكدة من أن ما قاله وزير الخارجية القطري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير الخارجية الروسي في الدوحة قبل يومين يرمي منه إلى إظهار قطر في صورة المظلوم، والقول إن الدول الأربع هي التي ترفض الحوار ولا تريد إغلاق هذا الملف، ورفض حكومة البحرين لما صار يصرح به أولئك في الفترة الأخيرة كثيراً ليس لأنها ترفض الحوار أو أنها تريد للمشكلة أن تستمر، ولكن لأنها متأكدة من أن ما يصرحون به هو للادعاء بالمظلومية، وإلا فكيف لمن يدعو للحوار يواصل في الإساءة لـ«وطنه»؟
لو أن قطر كانت تريد إنهاء المشكلة التي كانت هي سببها لقبلت منذ البدء بشروط الدول الأربع، ولما جرى كل الذي جرى، ولعادت الأمور إلى ما كانت عليه سريعاً، ولو أن أولئك كانوا يبحثون عن الحل لفعلوا ما كان ينبغي أن يفعلوه في جلسات الحوار التي كانت قد صرفت الحكومة جزءاً ثميناً من وقتها فيها، المؤسف أن قطر غير صادقة في دعوتها وغير جادة، وأولئك أيضاً غير صادقين وغير جادين، لو أن الدول الأربع شعرت بصدق وجدية قطر لما تأخرت عن الاستجابة لهذه الدعوة، ولو أن حكومة البحرين شعرت بصدق وجدية أولئك لدعتهم إلى جلسات حوار جديدة.
نقلاً عن "الوطن البحرينية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة