الإخوان يزينون شكل النظام الإيراني حين تراهم يتماهون معه بشكل تام في أدبياتهم وحتى مرجعياتهم الفكرية
وحده العمل كفيلٌ بإنقاذ الدول وجعلها متقدمة في كافة المجالات، والعمل هنا ليس حكراً على الحكومات فقط، فالشعوب هي أيضاً مطالبةٌ بمشاركة قيادتها، من خلال تحقيق الرؤى الاقتصادية الفعالة و إنجاز ما يترتب عليها من واجبات، كي تحصل على ما تمتلكه من حقوق، ويعدُ النموذج الخليجي العربي بشكل عام مثالاً يحتذى في شتى بقاع الأرض.
فالمواطنون الخليجيون العرب كما حكامهم - باستثناء نظام الحمدين في قطر - نهضوا بأوطانهم، وجعلوها بلداناً متطورة في كل شيء، ولاينكر أحدٌ بأن الحلم الذي يراود الأوروبي والأمريكي فضلاً عن الآسيوي أو الأفريقي، هو حلم الحصول على عقد عمل في دولة عربية خليجية كالإمارات أو السعودية، لأن الاستقرار الاقتصادي عنوانٌ واضحٌ للقراءة في مختلف مشاريع هذين البلدين بالذات.
ولأنني تعمدتُ سرد هذه المقدمة السريعة في بداية المقال، وجب عليَّ توضيح ما أبتغي إيصاله للقارئ العربي الكريم، حين نستعرض معاً طبيعة عيش بعض الشعوب العربية، التي ترزح تحت نير الشعارات والعنتريات الزائفة، فكثيرٌ من العرب غير الخليجيين مهووسون بما يسمونه عظمة إيران وقدرات تركيا، ولم ينلهم من نصيب تلك العظمة المزعومة والقدرات الكاذبة إلا الجوع والبطالة وصعوبات تبدأ وربما لاتنتهي.
المسألة حين ترتبط بتركيا أردوغان، لاتختلف كثيراً عن منهجية إيران، فأنقرة اليوم توزع الموت والخراب في شمال العراق وسوريا وكذلك ليبيا.
فإيران التي هي بنظر من يُسمون "جمهور المقاومة والممانعة"، عبارةٌ عن كيان إرهابي بشهادة العديد من حكومات الغرب والشرق، وقد ملَّ الشعب الإيراني نفسه من هذا الكيان، وتظاهر الملايين منهم في أكثر من مناسبة خلال الأعوام المنصرمة في شوارع طهران وغيرها من المدن بغية إسقاط نظام ولاية الفقيه الذي جوعهم ودمر حياتهم، وصب غالب الإيرانيين جامَّ غضبهم على ممارسات غير شرعية تقوم بها حكومة الملالي، التي نهبت ما في جيوب مواطنيها لتوزعه ذات اليمين وذات الشمال على ميليشيات إرهابية مسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
ويزين الإخوان شكل النظام الإيراني حين تراهم يتماهون معه بشكل تام في أدبياتهم وحتى مرجعياتهم الفكرية، وتساعدهم على ذلك أموال قطر التي يتم صرفها من أجل تحسين صورة إرهاب الحرس الثوري المصنف إرهابياً وبقية الميلشيات المرتبطة به، فالماكينات الإعلامية الإخوانية بدعم من الدوحة تسعى لتكريس الشعارات التي لاتسمن ولاتغني من جوع.
وحين يطلب الإرهابي حسن نصر الله - على سبيل المثال لا الحصر - من أتباعه النزول لشوارع بيروت وإحراق العلم الأمريكي، ضمن إطار مسرحية منفصلة تماماً عن الواقع، فإن الغاية من ذلك إشغال هذا الجمهور الجائع والعاطل عن العمل بدعاية آنية لن تغير من واقع حالهم شيئاً، فسرعان مايعود ذلك اللبناني ابن الضاحية الجنوبية - وهي المنطقة الأكثرُ فقراً في لبنان - ليجد أولاده في بيته يتضورون جوعاً، بينما أبناء قيادات ميليشيا حزب الله يركبون أفخم السيارات ويقيمون في قصورهم الحفلات، ويتمتعون بأغلب الميزات التي تجعلهم مرفهين على الدوام.
والمسألة حين ترتبط بتركيا أردوغان، لاتختلف كثيراً عن منهجية إيران، فأنقرة اليوم توزع الموت والخراب في شمال العراق وسوريا وكذلك ليبيا، ويبرر لها بعض العرب إرسال مرتزقة سوريين أو غير سوريين ليموتوا فداءً لأطماع هذا المغامر الفاشل بحسب وصف صحف تركية له، ونقمة الناخب التركي عليه تزداد، بعد أن قاطع العرب الخليجيون تركيا سياسياً واقتصاديا، وأحجم الأوربيون عن مساعدتها وتوقف الأمريكان عن التعامل معها كحليف استراتيجي يمكن الوثوق به.
وخلاصة القول فيما يتعلق بتلك الشعارات، أنها وبالٌ على أصحابها، فلا هي أطعمتهم من جوع ولا آمنتهم من خوف، وليت الذين يصبحون عليها ويمسون يعلمون بأن رفعة الشعوب ونجاحاتها تكمن في البحث عن مصالحها والتصالح مع حاضرها من أجل مستقبلها، وسأبقى - ومثلي الكثير من العرب - نرى في دول الخليج العربي سيما السعودية والإمارات معياراً واضحاً لفصل الأوهام والأحلام عن الحقائق، فالسعوديون والإماراتيون قدموا للإنسان - مواطناً كان أو مقيماً - حياة كريمة لاتتوفر أحياناً في أرقى دول العالم .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة