ما الذي يوحيه كون قطر وإيران وجهين لعملة واحدة غير ما نعرفه عن تنسيق تاريخي عدواني بين نظام الملالي ونظام حمد ثم تميم
وضع قطر حالياً لا يسمح لنا بأن نغض الطرف عنه، فلا نكتب فيه وعنه بما يرضي ضمائرنا، ولا أن نكتفي بالقليل مما يُعَدُّ وجهة نظر موضوعية لكل منا، فالمسلك القطري، والسياسة القطرية، والارتهان للعدو، كلها محفزات للكتابة عن قطر، وللخوف منها وعليها، طالما أصرَّ نظام تميم على ممارسة العدوان، والتآمر على الجار والشقيق, وظنَّ أن الإرهابيين هم من يحمونه من غضبة الشعب، ومن أوهامه بأن الدول الشقيقة تتآمر عليه، فيما أن هذه مشكلته مع نفسه، بقبوله ما يمليه عليه عدوه وعدونا، واستسلامه لما يصله من آراء حاقدة، فلا يتردد في قبولها وتبنِّيها.
* *
لهذا نواصل الكتابة عن قطر، نحاول أن نشخِّص حالتها، ونفتح النوافذ لها لتستنشق هواءً نقياً، لا يصلها ملوثاً من أعدائها وأعدائنا، ونقول لها بصراحة ووضوح وصدق، إن قدرها أن تبقى دولة عربية وخليجية، وأنه لا معنى لها أن يأخذها الإيرانيون إلى ما يلبي مصالحهم لا مصالحها، ونزيد على ذلك بأن نحذّرها من الانغماس في وحل المؤامرات التي تدبَّر ضد مصالحها، ونقول لها أكثر إن الإرهاب خط أحمر، ومثله التطرف، وكذلك التحريض والتدخل في الشؤون الداخلية لدولنا، وإن الدول الأربع لا تقبل ولن تتسامح من الآن مع أية إشارات يظهر منها بأن الدوحة تواصل مؤامراتها ضد أشقائها وجيرانها.
نعم هما -إيران وقطر- وجهان لعملة واحدة، فهما معاً مع حزب الله بالدعم والمساندة، ومع بشار الأسد ضد مصالح الشعب في سوريا، وتدعمان الحوثيين ضد النظام اليمني الشرعي، وحماس صديقة للطرفين، والإخوان المسلمون تنظيم خطير يتعاون مع الدوحة وطهران
* *
إذاً نحن أمام حالة قطرية، ندخل معها الآن في تجربة جديدة بعد سنوات من الصراع غير المعلن، وبعد كثير من المؤامرات القطرية الخبيثة التي كانت تحاط بالسرية وتدارى بالكتمان؛ حيث كان يُعتقد أن الوساطات يمكن أن تعطي مفعولها على نار هادئة، فتوقف قطر من تهورها وشيطنتها وعبثها بأمن دول الخليج، ولمَّا فشل كل هذا، وتأكد للدول الأربع أنه لا أمل في موقف جديد لقطر ينهي هذه الحقبة من الخلاف معها، جاءت القرارات الأخيرة، لتقول لقطر: كوني مع أشقائك أو مع إيران دون أن يلف مواقفك الغموض والكذب والاحتيال، حتى تعرف كل دولة طريقها ومصلحتها، والأسلوب الأمثل للتعامل معك.
* *
كانت النتيجة بعد كل هذه التجارب، ومع ازدياد التحديات، وإكثار قطر من مؤامراتها، الوصول إلى نتيجة مؤداها أن إيران وقطر وجهان لعملة واحدة، وأن لا فائدة من الحوار معها، على الأقل في هذه المرحلة الراهنة، حيث المراهقة السياسية لدى نظام تميم، وأن من الأفضل لقطر وللدول الأربع، ولصالح المنطقة، إظهار وإيضاح هذه الدول لمواقفها من العبث القطري، وأخذ القرارات المناسبة التي تمنع وصول الإرهاب من الدوحة إلى دولها وشعوبها، وفي هذا إظهار لتصميمها بأن ما كان مجال انتظار من الدوحة لمعالجة ما هو موضع ملاحظة عليها، لن يكون كذلك الآن، فقد أُعطيتْ قطر من الوقت ما يكفي للعدول عن سياسة الإرهاب والتحريض والتطرف والتدخل في شؤون الدول، ولكنها أبت أن تحيد عن شيء مما هو مجال إزعاج لأشقائها وجيرانها.
* *
نعم هما -إيران وقطر- وجهان لعملة واحدة، فهما معاً مع حزب الله بالدعم والمساندة، ومع بشار الأسد ضد مصالح الشعب في سوريا، وتدعمان الحوثيين ضد النظام اليمني الشرعي، وحماس صديقة للطرفين، والإخوان المسلمون تنظيم خطير يتعاون مع الدوحة وطهران، وكلتا الدولتين تدعمان الإرهاب، وتربطهما علاقة مع إسرائيل، أي أن إيران وقطر أشبه ما تكونان بعملة واحدة ولكن بوجهين، فهناك تنسيق في السياسات، والتدخل في شؤون الدول الخليجية والعربية عموماً، وتبني الإرهاب والتطرف والتحريض، حتى في مجال الإعلام لا نجد فارقاً بين برامج قناة الجزيرة والقنوات المحسوبة على إيران، مثل العالم والمنار والميادين وغيرها، فكلها توجهها واحد من حيث تبني سياسة تحريض مواطني الدول العربية والخليجية في الظهور ضد أنظمتها، وخلق الفوضى بالمظاهرات والأعمال الدموية، والاعتداء على حريات المواطنين، وتخريب ممتلكاتهم.
* *
ما الذي يوحيه كون قطر وإيران وجهين لعملة واحدة غير ما نعرفه عن تنسيق تاريخي عدواني بين نظام الملالي في إيران ونظام حمد ثم تميم في قطر، وتفاصيل ذلك: التحريض الإيراني- القطري للإرهابيين في المنطقة الشرقية من المملكة وفي مصر والبحرين والإمارات، ودعم الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، ونظام بشار الأسد في سوريا، وما خفي أخطر وأعظم، حتى وإن أخذ نظام تميم بالأسلوب الإيراني نفسه في ادعاء المظلومية، والإنكار والكذب لكل التُّهم التي وُجهتْ له، رغم وجود ما هو موثَّق بالصوت والصورة والمستند الكتابي، بمعنى أننا نتعامل مع نظام قطري أعمى، ويجهل أو يتجاهل ما هو مطلوب منه، اعتماداً على مساندة من أعداء أمتنا، دون أن يفطن إلى أن ما يعمله وكأنه يحفر قبره بنفسه.
* *
هذا بعض ما يمكن أن يقال عن العملة القطرية- الإيرانية الموحدة، أشعر أنها عملة طاردة لكل المواقف النزيهة، محبطة لتطلعات المواطنين القطريين، فيها من اللؤم والحقد والكراهية ما يصوره وجهاها، وهي إذ تحمل هذا التوافق والمواصفات، إنما يبحث الوجه القوي عن تقزيم الوجه الضعيف، فنحن أمام مؤامرة تبدأ بقطر وتنتهي بها، فهي الآن كالغريق، وكلما فكَّر النظام بوضعه قاده جهله إلى الذهاب لطهران، فكل شيء يتم هكذا بين الدولتين، ولو كان الأمر بيد النظام القطري لألزم المواطنين القطريين بالتشيُّع، فها هو على خطى طهران يطالب بتدويل الحج كما فعلت إيران من قبل، وها هو يشكك بالخدمات التي تقدمها المملكة للحجاج، وكانت إيران قد سبقته في ذلك، وضمن هذا التوجه القطري الإيراني فقد نددت الدوحة بما قامت به المملكة من عمل للقضاء على البؤر الإرهابية في (المسورة) بمحافظة القطيف لحماية المواطنين من شرهم، وهي متناغمة في ذلك مع طهران.
* *
وفي كل يوم تتكشف لنا أمور في غاية الخطورة عن تآمر قطر على أشقائها، وتجاوبها مع إيران في تنفيذ المخططات التي تعرِّض سلامة المواطنين للخطر، بما لا يجعل الدوحة في وضع الدولة القادرة على استحضار ما يؤكد براءتها في دعم الإرهاب كما هي طهران، فهي منغمسة في وحل المؤامرات في شراكة مع عدونا إيران، ومتجذرة في العمق، حيث كانت لاعباً خطيراً كما تؤكد ذلك الوثائق والمستندات التي تدينها كدولة إرهابية، وتضعها إلى جانب شريكها إيران على قدم المساواة في العمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، واستخدام العملاء في تنفيذ هذه المؤامرات القذرة، أي أننا ننظر إلى العلاقة القطرية- الإيرانية على أنها عملة واحدة وجهها الأول إيران والوجه الآخر قطر.
* *
وبناءً على الحقائق التي تحاول قطر التنصل منها، والمعلومات الموثقة التي تتوالى من العواصم العربية الأربع عن الدور المشبوه الذي تؤديه الدوحة متأثرة بالأفكار والممارسات الإيرانية، فإننا لا نملك ما يمكن أن نبرئ به ساحة الشقيقة الصغرى من الإرهاب والتطرف والتحريض والتدخل الخطير في شؤون الدول الشقيقة لقطر، طالما أن الشواهد أمامنا تدينها، وتكاد أن تنطق بما لم يُعلن عنه من ممارساتها الإرهابية بعد، أي أن الفرصة لإنقاذ قطر من الوضع الصعب الذي تمر به الآن -وكما ذكرنا ذلك من قبل- هي الآن بيد النظام القطري، بأن ينسحب من الحلف مع إيران وأعداء أمتنا، ولا تكون قطر تابعة لنظام إيران، ولا وجهاً معها في عملة واحدة.
* *
وعلى نظام الشيخ تميم أن يستوعب الدرس، ويستفيد من الموقف الرباعي ضد قطر، ويفكر جيداً بما يمكن أن تكون عليه البلاد فيما لو استمر النظام في عناده وإصراره على المضي بهذه السياسة الرعناء، فما يحدث من قطر لا يمكن أن يوصف بأكثر من أنه تهور يلقي بمصالح المواطنين إلى المجهول، ويجر الشقيقة إلى أتون مشكلات لا مصلحة لها فيها، وأن هذه الدول وتلك المجاميع وهؤلاء الأفراد بكل ما يقدمونه لقطر لا يبحثون عن مصالح لها، ولا يسعون إلى ما يخدم مستقبلها، وإنما همهم ومسعاهم وأهدافهم أن تبقى قطر الوجه الآخر في العملة القطرية- الإيرانية.
نقلا عن "الجزيرة السعودية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة