النظام القطري تجاوز كل الخطوط الحمراء بعد التوسع في سياسة تجنيس بعض الإسرائيليين
أوقع التكفيريون أنفسهم في معادلة ليست سليمة، وليست قائمة على حلول صحيحة وذات مشروعية، فدماء الأبرياء وقتل الأطفال ونحر الرقاب وجهاد النكاح، وتهديم البنى الاقتصادية والقيام بالعمليات التدميرية على امتداد الأرض العربية، عدا عن التعامل مع العدو الأساس، كل هذه السبل لا تدخل في إطار باب الجهاد إطلاقاً أو في تغيير مقدرات الأمة وتقدمها.
إن مشيخة قطر لا تُخفي علاقاتها مع الكيان الصهيوني بل كانت تحتمي به عندما تشتد النوائب السياسية عليها، وتبلغ ذروتها، ما جعلها تبحث عن عمق يحميها، وذلك على المكشوف وبشكل مفضوح.
اتباع تلك الوسائل المُحرّمة إسلامياً توحي بأن الذين يتبعون ذلك هم مجندون لصالح الصهيونية العالمية، وكل مبتغاهم تشويه جوهر الإسلام وتمزيق الصف العربي، والتطرف بحد ذاته هو نقيض لمفهوم الأمن الحضاري، وهو معاكس للتمدّن الإنساني والسلام الاجتماعي، وتشويه للعقائد الدينية والمبادئ والشرائع السماوية.
كانت الحكومات المتعاقبة في إسرائيل تُساند على الدوام الإخوان المسلمين سراً في داخل الأراضي العربية الفلسطينية، يوم لم تكن تناصب العداء إلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، واليوم جهاراً تعمد الحكومة الإسرائيلية على تأمين ما يتطلبه المتطرفون الإرهابيون، وأيضاً بموازاة ما يتلقونه من دعم وبخاصة المنتشرون على تخوم مدينة القنيطرة السورية، وعلى حدود الجبهة الجنوبية من سورية من اهتمام ورعاية عنصرية، ينفذون عملياتهم العدوانية، وفي حالات تعرّضهم لإصابات بالغة يتم إسعافهم إلى المشافي الإسرائيلية وتحت إشراف السلطات هناك.
وقد حصلت حالات من التماهي بشأن مداواة الجرحى التابعين لداعش وجبهة النصرة من بعض دول الجوار، سواء في المشافي التركية أو في إسرائيل، وقد توجهت الأردن في إصدار تصريحات تمنع بموجبها تداوي جرحى الإرهابيين في مشافيها، وليس بعيداً أن تعلن دولة قطر بالمسارعة إلى فتح مشافيها واستقبال الجرحى الإرهابيين، فالذي يُسخّر المال والدعم اللوجستي الواضح تسليحاً وعتاداً ومالاً ليس غريباً عنه أن يستقبل هؤلاء الجرحى وتحت أية ظروف مختلفة.
وفي تقريره أمام رئاسة مجلس الاتحاد الروسي – المجلس الأعلى للبرلمان- كشف يفغيني ساتانوفسكي الرئيس الأسبق للمؤتمر اليهودي الروسي، ومدير معهد إسرائيل والشرق الأوسط والأدنى، عن أبعاد وحقيقة الأوضاع الجيوسياسية لبلدان الشرقين الأوسط والأدنى، وبخاصة حول محور قطر وتركيا الذي يستند إلى تمويل قطر لمخططات الإخوان المسلمين في المنطقة وداخل تركيا من خلال حزب العدالة والتنمية.
وفيما يتعلق بإسرائيل فإنها تظل تنأى بنفسها عن التدخل المباشر، لكنها تحاول أن تتواصل مع عدد من الحكومات بالمنطقة، في المقابل فإنها لا تغفل عن متابعة النشاطات الإيرانية وعلاقات طهران الخارجية في ظل مخاوفها من احتمالات حصولها على الأسلحة النووية، وإنشاء قاعدة بحرية على ضفاف المتوسط في سورية وهو ما أشارت له إسرائيل بأنها سوف تعمل عند تحقق أي من هذه الأهداف إلى تدميرها فوراَ.
لكن ما تملكه إسرائيل من تكنولوجيا نووية متطورة تجعلها الثالثة بعد الولايات المتحدة وروسيا، وبوجود تلك الترسانة النووية تظل بمنأى عن المساءلة الدولية بخصوص سلاحها النووي، وتتعامى الدول الكبرى قصداً عن إثارة موضوع سلاحها هذا، وصولاً إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة التدمير الشامل.
ووفقا لما أشارت إليه القناة الإسرائيلية الثانية افتتحت داعش معسكراً لتدريب ثلاثمائة عنصر على الحدود السورية الإسرائيلية، ويأتي هذا القرار بعد تمكين العلاقات الداعشية مع تل أبيب في ضوء المتغيرات التي طرأت في منطقة الجزيرة السورية، وفي شمالها وشرقها.
وإسرائيل هي التي تنسق مع القوى الاستعمارية على إنشاء كيانات انفصالية في العراق وسورية ولبنان، رغم أن الغرب كاد أن ينفض يديه من إمكانية قيام دولة كردستانية، وتحرير الأراضي التي كانت تحتلها داعش في الموصل وسورية كانت بمثابة النهاية لداعش إلى حد ما.
وبالمقابل فشل إنشاء دولة كردستانية تشرف عليها أسرة بارزاني قد تنهي حقبة طويلة من الاضطرابات في المنطقة، وتلك القوى الاستعمارية عملت على فرض الهيمنة والوصاية على الأمة الإسلامية بعد تذويب هويتها الثقافية وخصوصيتها التاريخية والحضارية، مع حفاظ الغرب على هويته الثقافية وخصوصيته، والهوية بشكل أو بآخر بالنسبة للأمة العربية تعني وجودها الحضاري، ومن فقد هويته وتراثه فإنه يفقد وجوده وخصوصيته.
ونستذكر خلال الأسبوع الأخير من شهر شباط عام 2017م عندما أقدم داعش على إحراق مائة ألف كتاب في مكتبة الأنبار بالعراق، وعشرة آلاف كتاب في مكتبة الموصل والتي تحتوي على مخطوطات مهمة منها كتب تراثية وعلمية، وهذا العمل برمته معادٍ للحضارة والتاريخ، ونحن من أمة اقرأ تحولنا إلى أمة اقتل ،اذبح احرق !! ومتحف الموصل الحضاري أُحرِق ومعظم المدن التاريخية والمواقع الحضارية دُمرت وأُبيدت بغية إنهاء التراث وتحطيم وإبادة الحضارة العربية والإسلامية.
ما يمكن التأكيد عليه، وفي إطار التنسيق العملياتي المشبوه، أن النظام القطري تجاوز كل الخطوط الحمراء بعد التوسع في سياسة تجنيس بعض الإسرائيليين؛ لكي يقودوا الجيش القطري لحماية أركان نظامه، ومن ضمن هؤلاء الذين تم تجنيسهم وفقا لما ذكرته وسائل إعلام في الخامس عشر من شهر آب عام 2017م، فايل سكوتك الذي كان يخدم في جيش الاحتلال الصهيوني وبعد تجنيسه أصبح يشكل رتبة عسكرية عالية، وقائداً لإحدى الفرق في الجيش.
وفي ذلك فإن مشيخة قطر لا تخفي علاقاتها مع الكيان الصهيوني، بل كانت تحتمي به عندما تشتد النوائب السياسية عليها وتبلغ ذروتها مما جعلها تبحث عن عمق يحميها، وذلك على المكشوف وبشكل مفضوح، وبتعاونها المطلق مع الغزاة الصهاينة قد كرّست النزعات المذهبية، وبالمقابل فإن إسرائيل أثارت في كل الاتجاهات النعرات المذهبية والتي كانت على الدوام تجاهر بها وتعتبرها ضمانة لتسهيل هيمنتها على منطقتنا العربية وما بعدها .
ويعتبر كثيرون من المراقبين السياسيين والمحللين النفسيين تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية حيال المتطرفين، والدعم اللامحدود الذي يتلقونه من هذه الحكومة وقطر والبنتاغون الأميركي، تنفيذاً لحملة مدروسة ومبرمجة، لتقويض دعائم الدول العربية والإسلامية التي أُقيِمت وأُسِّست على مرتكزات وطنية أو قومية، وإعادة تشكيلها على أسس مذهبية، ذلك ما يروق للصهيونية العالمية.
إنها حملة سياسية وعسكرية تتناغم مع الإرهابيين العنصريين مما يؤدي بشكل أو بآخر إلى إحداث اختراق مباشر في جدار الأمن القومي العربي، فالخطر الصهيوني هو الخطر الوحيد والشامل بتهديداته على الأمة العربية والإسلامية في وقت يسعى فيه الداعمون للإرهاب إلى توسيع نطاق التمويل المالي والتدريب العسكري بغية استهداف المنطقة برمتها، وتحويلها إلى بؤر وصراعات عربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة