يعود تاريخ علاقة الدوحة بالإخوان إلى خمسينيات القرن الماضي، وذلك حينما منحت أعضاء الجماعة الإرهابية حق اللجوء السياسي.
يعود تاريخ علاقة الدوحة بالإخوان إلى خمسينيات القرن الماضي، وذلك حينما منحت أعضاء الجماعة الإرهابية حق اللجوء السياسي، حينها تحولت الدوحة إلى مركز لعناصر جماعة الإخوان، مثل يوسف القرضاوي ومن يسير في فلكه وسعت إلى الاستفادة من علاقاتها الوثيقة معها للتأثير على السياسة الإقليمية، وسخرت فيما بعد قناة الجزيرة وبعض المؤسسات الإعلامية للترويج لآراء واتجاهات الشخصيات التي ترتبط بالجماعات المتطرفة بهدف تعزيز الأيديولوجيا الثيوقراطية لهذه الجماعات على صعيد المنطقة.
مهما أنفقت قطر من الأموال الطائلة على المؤسسات الإعلامية إقليمياً ودولياً فليس بإمكانها إطلاقاً تحسين صورتها الزائفة، وعما وقعت فيه من عيوب واضحة وسياسات هدامة سواء ما يتعلق بدعمها وتمويلها للإرهابيين أو انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان. لقد أصبح الجميع يدرك أن غايتها الوحيدة إشعال وإذكاء نيران الأحقاد وإثارة الصراعات.
ومع انطلاق قناة الجزيرة أدرك الساسة القطريون أهمية وسائل الإعلام التي تعمل لصالح الدوحة، ومع التطور التكنولوجي وصلت الاستثمارات القطرية إلى عالم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي إقليمياً ودولياً، خاصة تلك التي تلعب دوراً أساسياً في رسم سياسات بعض الدول، مما دفع بحكومة الدوحة لشراء أسهم عدة صحف ومؤسسات غربية باعتبار الإعلام من الأدوات الرئيسية للسياسة لخدمة أغراض الدوحة سياسياً ودينياً وطائفياً، ولإشعال نيران الضغائن وإذكاء الفتن وإثارة الصراعات السياسية وتأليبها. وهناك وسائل إعلام مملوكة لقطر صادرة بلغات أجنبية منها صحيفة الجارديان البريطانية التي اشترت النسبة المتبقية من قيمة الأسهم، لتصبح الآن خاضعة لملكيتها الخاصة، وذلك في محاولة منها لدعم مواقفها والدفاع عنها.
وأوضح تقرير لمؤسسة هنري جاكسون سوسيتي البحثية البريطانية عن أن علاقات قطر المالية والاستخباراتية مع الجماعات الإرهابية العالمية وعناصر متطرفة لا تزال قائمة، ويتطلب من الحكومة البريطانية وضع خطة لزيادة الضغط على الدوحة الداعمة للتنظيمات الإرهابية؛ حيث عملت الحكومة القطرية على تأمين وصول ما يقرب من مائتي مليون دولار إلى جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ونشرت صحيفة - تورنتو ستار- وهي واحدة من أكبر الصحف الكندية مقالاً كاملاً تحت عنوان - قطر دولة راعية للإرهاب- تضمن عدداً من المحاور المهمة حول علاقة قطر بدعم الإرهاب وتمويله في كثير من دول العالم، وأن الوقت قد حان لوضع قطر على رأس قائمة الدول الراعية للإرهاب.
كما نشرت جريدة فوكس نيوز الأمريكية تقريراً فضحت فيه تورط قطر في تقديمها الدعم المادي إلى بعض الصحفيين في جريدة نيويورك تايمز الذين يتلقون أموالاً عبر مؤسسة تدعمها قطر للتأثير على الرأي العام، وتدفع لهؤلاء مئات الملايين من الدولارات لشراء النفوذ والتلاعب بمحتوى واتجاهات الصحافة الغربية، وهذا ما تم الكشف عنه من خلال فيلم وثائقي بعنوان -أموال الدم – الذي يوضح تورطها في شراء عديد من الأقلام ليس فقط في نيويورك تايمز بل في شبكة سي إن إن الإخبارية التي انكشفت فيها علاقات خفية بين النظام القطري وعدد من محللي الأمن القومي في هذه الشبكة بهدف شن الحملات الإعلامية وشراء الذمم والحصص في بعض الصحف مثل الواشنطن بوست للتأثير في سياستها التحريرية.
ومن قبل قام النظام القطري بشراء مبنى صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في وسط باريس، واستحوذ على المبنى وعلى مكاتب السفارة الأمريكية في قلب العاصمة من خلال صفقة بلغت قيمتها نحو ثلاثمائة مليون يورو. ومن هنا أدرك المتابع التحول في كتابات الجريدة قبل وبعد عملية الشراء، إذ أصبحت الصحيفة من المدافعين عن قطر لتحسين صورتها أمام الرأي العام، وبث الكراهية بين الشعوب والطوائف المختلفة في العديد من الدول وبين شباب الفرنسية، وهو ما يعد هدفاً للدوحة. وهذا هو ما حذرت منه صحيفة ليبراسيون الفرنسية بالتدخل القطري السافر في الشأن الفرنسي.
أما بالنسبة لمعهد بروكينغز فهي مؤسسة إعلامية فكرية أمريكية أسسها سومرز بروكينغز مقرها في واشنطن وهي من أقدم مؤسسات الفكر والرأي وتهتم بالشؤون السياسية والحكم والتنمية في العالم. وقد بدأ التأثير القطري عندما عملت قطر على إنشاء مركز – بروكنجز- في الدوحة بتكلفة قدرها خمسة عشر مليون دولار في منحة على أربع سنوات – وهي منحة مشروطة بدعم المصالح القطرية- ليعترف بعدها مسؤولو المركز بعقد لقاءات دورية مع مسؤولين في الحكومة القطرية لمناقشة أنشطة وتمويل المركز.
وانتقد الباحث الأمريكي ديفيد ريبوي بمجموعة الدراسات الأمنية في واشنطن قطر التي تدفع أموالاً ضخمة لأفراد ووسائل إعلام أمريكية بهدف تنفيذ حملات مشبوهة وأعمال قرصنة ضد شخصيات معارضة لقطر في محاولة لإسكاتهم، وهناك عدة صحف أمريكية فضحت تهديدات قطر للصحفيين المنتقدين لها وللإخوان. وقد رفع إليوت برويدي دعوى قضائية ضد قطر متهماً إياها بسرقة وتسريب رسائل بريده الإلكتروني به وتوزيع فحواها على وسائل الإعلام، في محاولة لتشويه سمعته وقدرته على التصدي لرعاية قطر للمجموعات الإرهابية.
مهما أنفقت قطر من الأموال الطائلة على المؤسسات الإعلامية إقليمياً ودولياً فليس بإمكانها إطلاقاً تحسين صورتها الزائفة، وعما وقعت فيه من عيوب واضحة وسياسات هدامة سواء ما يتعلق بدعمها وتمويلها للإرهابيين أو انتهاكاتها المستمرة لحقوق الإنسان. لقد أصبح الجميع يدرك أن غايتها الوحيدة إشعال وإذكاء نيران الأحقاد وإثارة الصراعات لإحداث انقسامات في دول المنطقة ولحسن الحظ أن كل محاولاتها البائسة وحملاتها الزائفة باءت بالاندحار والفشل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة