بيان قطر عن تسريب الصومال.. 4 أدلة على دعم الإرهاب
ردا على تسريب صحيفة "نيويورك تايمز" قطر تتنصل من رجلها بالصومال وسفيرها يفضح وقوفها وراء تفجير مدينة بوصاصو في مايو الماضي
"لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها".. تلك الحكمة تنطبق إلى حد كبير على البيان الذي أصدرته قطر للرد على التسجيل الصوتي المسرب الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الإثنين، ويؤكد تورط قطر في تفجيرات حدثت في الصومال.
- قطر في الصومال.. استثمارات فوق دماء الأبرياء
- الصومال في أسبوع.. عميل قطر يسعى للسيطرة على البلاد ونذر فوضى أمنية
التسجيل المسرب عبارة عن مكالمة هاتفية بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم، ورجل الأعمال خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم من حمد، ويؤكد فيه المهندي للسفير أن "أصدقاء قطر" يقفون وراء التفجير الذي حدث في مدينة بوصاصو في مايو/أيار الماضي "لتعزيز مصالح قطر من خلال طرد منافسيها".
البيان الذي أصدره مكتب الاتصال الحكومي القطري للرد على التسجيل المسرب تضمن 4 دلائل تؤكد تورط تنظيم "الحمدين" من جانب وسذاجة وحماقة التبريرات التي ساقها للتهرب من تلك الورطة من جانب آخر.
أول تلك الدلائل هو محاولة البيان التنصل من كايد المقرب من أمير قطر وأنه "لا يمثل حكومة دولة قطر"، فيما تجاهل البيان تماما الحديث عن السفير القطري المتورط مع كايد في المؤامرة الإرهابية.
الأمر الثاني هو حديث قطر - وهي متهم رئيسي في المؤامرة الإرهابية - على أنه "سيتم إجراء تحقيق حول هذا الشخص"، فكيف يجري المتهم تحقيقا مع نفسه؟!.
الأمر الثالث اعترافها بطلب الحصول على نسخة من التسجيلات التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، وهو الطلب الذي رفضته الصحيفة، وهو الأمر الذي يعكس فزعا قطريا من وجود تفاصيل أخرى للتسجيل لم تكشف بعد أو مكالمات أخرى تم تسجيلها بالطريقة نفسها.
الدليل الرابع والأهم هو أن البيان لم ينكر صحة التسجيل أو يشكك في مصداقيته، بل بني محور تنصله من المسؤولية عنه، في التبرؤ فقط من رجل الأعمال المقرب من أمير قطر.
التسجيل المسرب
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الإثنين، مكالمة هاتفية بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم ورجل الأعمال خليفة كايد المهندي المقرب من أمير قطر.
خلال المكالمة يؤكد رجل الأعمال للسفير أن الدوحة تقف وراء التفجير الذي حدث في مدينة بوصاصو في مايو/أيار الماضي ويقول له بالحرف: "إن أصدقاء قطر نفذوا الهجوم".
وتقول الصحيفة: "إنه يبدو واضحا من سياق المكالمة أن الهجوم كان يستهدف "تعزيز مصالح قطر" في الصومال، كما تحاول الدوحة تقويض الدعم الذي تقدمه دول خليجية لمساعدة الصومال على استعادة عافيته".
وقال المهندي لسفير الدوحة حسن بن حمزة بن هاشم بعد أسبوع من تفجير بوصاصو في ١٨ من مايو/أيار الماضي: "التفجيرات والقتل نعرف من يقف وراءها".
وأضاف: "لقد كان أصدقاؤنا وراء التفجيرات الأخيرة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه لدى سؤاله عن محادثة الهاتف الخلوي لم يشكك المهندي ولا حكومة قطر في صحة التسجيل، لكنه قال: "إنه كان يتحدث بصفته مواطنا عاديا وليس مسؤولا حكوميا."
وذكرت نيويورك تايمز الأمريكية أن التسجيل الصوتي يكشف إقرار المهندي، المقرب من أمير قطر، خلال حديث مع سفير الدوحة في مقديشو، أن المتطرفين قاموا بتفجير بوصاصو لتعزيز مصالح قطر.
بيان قطر.. تجاهل السفير
مكتب الاتصال الحكومي القطري أصدر بيانا للرد على الفضيحة التي كشفتها نيويورك تايمز تضمن معالجة سطحية لاتهامات خطيرة، فالبيان يحمل استخفافا واضحا بعقول الرأي العام العربي والدولي والأفريقي.
فقد اختزلت قطر قضيتها في محاولة التبرؤ من رجل الأعمال خليفة كايد المهندي، متجاهلة تماما الحديث عن تورط سفيرها في المؤامرة، الأمر الذي يؤكد تورطها في دعم الإرهاب والإرهابيين في الصومال بل تنفيذ مؤامرات وتفجيرات إرهابية لتعزيز مصالحها.
وقال مكتب الاتصال الحكومي: "إن المدعو خليفة المهندي ليس مستشارا من أي نوع لحكومة دولة قطر، ولم يكن مستشارا أبدا وهو لا يمثل دولة قطر وليس له الحق في إصدار تعليق نيابة عن الحكومة".
من خليفة كايد المهندي؟
التبرؤ من الحديث عن رجل الأعمال القطري خليفة كايد المهندي المقرب من أمير قطر أمر لا يبدو منطقيا في ظل وجود دلائل قوية تؤكد عكس ذلك، أولها طريقة حديثه مع السفير القطري التي تؤكد المركز الذي يحتله تنظيم الحمدين، ثانيها تأكيد صحيفة "نيويورك تايمز" أن المهندي مقرب من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبينهما صور شخصية معا.
ووفقاً لتقارير إخبارية ورسائل نصية قدمتها وكالة استخبارات كثيرا ما يسافر المهندي مع الأمير، وهو ما أكده خبر سابق نشرته وسائل إعلام إندونيسية جاء فيه أن تميم بن حمد وصل إلى إندونيسيا بصحبة وفد، ومن بين هؤلاء ورد اسم خليفة كايد المهندي.
وكان تقرير أوردته صحيفة "تونيزي تيليجراف" التونسية عام 2017 تحدث عن المهندي باعتباره "رجل الاستخبارات القطرية" الذي يعمل انطلاقا من تونس لدعم مليشيات إرهابية في ليبيا المجاورة تحت غطاء رجل أعمال.
ونقل التقرير عن المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي أحمد المسماري أن وظيفة المهندي هي تمويل الإرهابيين في ليبيا، وذلك من تحويله أموالا من حساب له في بنك بتونس، نحو بنك آخر بولاية تطاوين، ومن ثم تصل هذه الأموال إلى ليبيا.
وعمل المهندي في تونس تحت غطاء المشاركة في مشاريع سياحية بمدينة توزر التونسية، وقدرت التقارير قيمة هذه الأموال التي حولت عبر هذا الحساب بـ8 مليارات دولار.
أما السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة فقد أصدر تميم قرارا بتعيينه سفيرا في مقديشو يوم 20 مارس/آذار 2018 بعد أن عمل لسنوات قائما بأعمال بالإنابة بسفارة بلاده في الصومال، ونشط خلال فترة عمله في التغلغل داخل الدولة الصومالية وشراء ولاءات المسؤولين الصوماليين.
تحقيقات المتهم
الأمر الثاني اللافت في البيان القطري هو حديث مكتب الاتصال الحكومي القطري عن إجراء تحقيق مع المهندي، مشددا على أنه "سيتم إجراء تحقيق حول هذا الشخص وسيتحمل تبعات مسؤولية تعليقاته بشكل قانوني".
وهو أمر فيه استخفاف كبير بعقول الرأي العام، فقطر المتهم الأول في الجريمة، وبيان مكتب الاتصال الحكومي ذاته لم ينكر صحة التسجيل، أو يحاول التشكيك به، فمن السذاجة قيام قطر بمحاولة التبرؤ منه عبر الزعم بإجراء تحقيق في مضمونه وعقابه عليه.
وهو تصريح يعيد للذاكرة ما قامت به قطر في مارس/آذار 2018، حينما أصدرت الداخلية القطرية قائمة بشخصيات وكيانات أدرجتها على قائمة الإرهاب، تشمل تصنيف 20 شخصا و8 كيانات، سبق أن تم إدراج معظمهم في قوائم الإرهاب الصادرة عن الدول المقاطعة لقطر.
وعقب إصدار القائمة، شهدت مسابقة رياضية في قطر تكريم مبارك العجي المدرج على قائمة الإرهاب القطرية.
وفي الشهر التالي، صدم العالم بحضور رئيس وزراء قطر حفل زواج نجل عبدالرحمن النعيمي المطلوب رقم واحد على قائمة الإرهاب القطرية والمدرج كذلك ضمن قائمة الإرهاب التابعة للخزانة الأمريكية منذ 2014، والمدرج على قوائم الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب؛ الأمر الذي اعتبره مراقبون أنه يكشف حجم التحالف بين نظام الحمدين وهذه الجماعات الإرهابية.
نسخة من التسجيل
الأمر الثالث البارز في التسجيل هو كشف مكتب الاتصال الحكومي أنه طلب الحصول على نسخة من التسجيلات التي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية بزعم دعم التحقيق الذي تجريه حكومة دولة قطر، مبينا أنه لم يتم قبول هذا الطلب نظرا للسياسة التحريرية الخاصة بالصحيفة.
وهو طلب يعكس فزعا قطريا من هذا التسجيل وما يحتويه يعكس رغبة قطرية بمعرفة ما إذا كان هذا محتوى التسجيل فقط، أم أن هناك أمورا أخرى قد تفضح تورطه في دعم الإرهاب لم تكشف عنها الصحيفة بعد، أيضا تود قطر إجراء تحليل فني لمعرفة كيفية تسجيل تلك المكالمة الهاتفية، وكل هذا يعكس حالة فزع قطري من المجهول الذي قد يظهر لاحقا.
اعتراف بصحة التسجيل
الدليل الرابع والأهم هو أن البيان لم ينكر صحة التسجيل أو يشكك في مصداقيته، ولم يشكك المهندي ولا حكومة قطر في صحة التسجيل. لكنهما زعما في ردهما على «نيويورك تايمز» أنه "كان يتحدث كمواطن"، الأمر الذي أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الدوحة ترتبط بعلاقات وثيقة مع الإرهابيين وتدعم المتطرفين الذين يشنون عمليات إرهابية في هذا البلد الأفريقي الممزق بهدف تحويل عقود عمل لصالح قطر.
كما نوّهت "نيويورك تايمز" بأن السفير القطري لم يُظهر أي رفض أو استنكارا حول أن القطريين لعبوا دورا في التفجيرات بالصومال، وقال المسؤول القطري في المكالمة: "إن هذه الهجمات تتم حتى يجبروا دولة تناهضها قطر على ترك الصومال".
هذا الدور التخريبي، حاول مكتب الاتصال الحكومي التغطية عليه بالزعم أن جمهورية الصومال شريك مهم لدولة قطر، ولا يتم التدخل في شؤونها الداخلية.
ونشط الدور القطري التخريبي في الصومال خلال مراحل عدة، أبرزها التفجيرات الإرهابية والتغلغل من خلال رجالها في المناصب الأمنية لتسهيل تنفيذ الأجندة التخريبية.
ودأب تنظيم الحمدين عبر عملائه في مقديشو على تنفيذ مخططاته التخريبية والقضاء على حكام الأقاليم المعارضين لهيمنته، ومن ثم تفتيت النظام الفيدرالي من أجل تقوية نفوذ الدوحة في البلد الواقع شرق قارة أفريقيا.
وتخوض الصومال حربا منذ سنوات ضد حركة "الشباب" التي تأسست مطلع 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكريا تنظيم "القاعدة" وتبنت العديد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة المئات.
وفي أغسطس/آب الماضي عيّن الرئيس محمد عبدالله فرماجو عميل قطر فهد الياسين مديرا للقصر الرئاسي ونائبا لرئيس جهاز المخابرات.
والياسين الذي يشغل أعلى المناصب في الصومال بدأ حياته عضوا نشطا في جماعة "الاعتصام" السلفية الجهادية ثم التحق بتنظيم الإخوان الإرهابي.
كما أقام علاقات قوية مع مفتي الإرهاب الهارب بقطر يوسف القرضاوي؛ ليكون بعد ذلك وسيط التمويلات بين نظام الدوحة والجماعات الإرهابية في الصومال قبل أن يصبح رئيسا لديوان الرئاسة في مقديشو مايو 2017.
وفي 2013 أصبح رئيسا لمكتب مركز "الجزيرة" للدراسات في شرق أفريقيا إلى جانب إدارته القصر الرئاسي؛ ما جعل المراقبين يصفونه بأنه الشخص الأكثر تأثيرا في الساحة السياسية الصومالية في الوقت الحالي، ومنفذ سياسات نظام الدوحة بالبلاد.
aXA6IDMuMTIuMTUyLjEwMiA= جزيرة ام اند امز