قطر تتحفظ على بياني مكة.. "الحمدين" ينحني لإيران
نظام "الحمدين" يثبت صواب موقف الدول الأربع في ظل بانحيازه للموقف الإيراني في مواجهة الاصطفاف الخليجي والعربي.
في سابقة في الأعراف الدبلوماسية، سجلت قطر موقفاً مخزياً جديداً في سجلها الأسود الطويل، فبعد 3 أيام كاملة على القمتين الخليجية والعربية الطارئتين، اللتين عقدتا في مكة مساء الخميس 30 مايو/أيار الماضي، أعلنت الدوحة تحفظها على بياني القمتين، رغم عدم إبدائها أي معارضة آنذاك.
- مؤسس المخابرات القطرية: تميم أداة إيران وتركيا لضرب استقرار المنطقة
- تنظيم الحمدين.. مندوب إيران وتركيا لشق الصف العربي
موقف الدوحة جاء بالتزامن مع ذكرى مرور عامين على مقاطعة قطر، التي بدأت في 5 يونيو/حزيران عام 2017، بإعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات ومصر والبحرين)، مقاطعتها لقطر؛ لإصرارها على دعم الإرهاب، والعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقمة تلو قمة، وموقف بعد موقف، وعام بعد عام، يثبت نظام "الحمدين" صواب موقف الدول الأربع، ويأبى إلا أن يواصل نفس نهجه، ويكرس عزلته، بانحيازه وانحناءه للموقف الإيراني في مواجهة الاصطفاف الخليجي والعربي لمواجهة جرائمه المستمرة.
تبرير مخجل
وكعادتها في تبديل المواقف وتزييف الحقائق، وإدمان الأكاذيب، أرجع محمد بن عبدالرحمن وزير خارجية نظام "الحمدين" تحفظ قطر على بياني القمتين، بعد 3 أيام كاملة، بأنها كانت تدرس تلك البيانات، زاعمة أنهما أعدا دون استشارة الدول المشاركة.
كما اعترفت صراحة وبوضوح بانتهاجها سياسة مناهضة للسياسة العربية والخليجية، مشيرة إلى أن تحفظها أيضا يعود إلى أن البيانين تضمنا بنودا لا تتفق مع السياسة الخارجية لدولة قطر، في إشارة إلى إدانتهما الجرائم الإيرانية وتدخلها في شؤون المنطقة.
وبالرجوع إلى البيانين، فإن تبرير وزير خارجية الحمدين "مخجل"، ينطلق من سياسة مخزية ينتهجها نظام الدوحة، فالبيانان يدينان جرائم إيران ويؤكدان "السعي إلى استعادة الاستقرار الأمني بالمنطقة، وأن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سياداتها".
واحتضنت مكة القمتين الخليجية والعربية الطارئتين، مساء الخميس، لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران على محطتي ضخ نفط بالسعودية، في 14 مايو/أيار الماضي، وما قامت به من اعتداء على 4 سفن تجارية بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة قبلها بيومين.
وأدان البيان الختامي للقمة الخليجية الطارئة "الهجمات التي قامت بها المليشيا الحوثية الإرهابية باستخدام طائرات مسيرة مفخخة استهدفت محطتي ضخ نفط في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض"، مشددا على أن هذه الأعمال الإرهابية تنطوي على تهديد خطير لأمن المنطقة والاقتصاد العالمي الذي يتأثر باستقرار إمدادات الطاقة.
وأكد "تضامن دول المجلس مع السعودية في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدف إلى إثارة الاضطرابات في المنطقة، وتأييد المجلس الأعلى ودعمه لكل الإجراءات والتدابير التي تتخذها لحماية أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها".
كما أدان البيان الختامي "تعرض 4 سفن تجارية مدنية لعمليات تخريبية في المياه الإقليمية للإمارات التي طالت ناقلة نفط إماراتية وناقلتي نفط سعوديتين وأخرى نرويجية، معتبراً ذلك تطوراً خطيراً يهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، وينعكس سلباً على السلم والأمن الإقليمي والدولي وعلى استقرار أسواق البترول".
وأكد قادة الخليج "تضامنهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة وتأييدهم ودعمهم كل الإجراءات والتدابير التي تتخذها لحماية أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها".
وطالبوا المجتمع الدولي بـ"تحمل مسؤولياته بالمحافظة على الأمن والسلم الدوليين، ويقوم باتخاذ إجراءات حازمة تجاه النظام الإيراني، وخطوات أكثر فاعلية وجدية لمنع حصول إيران على قدرات نووية، ووضع قيود أكثر صرامة على برنامج إيران للصواريخ الباليستية".
كما أكدوا "ضرورة أن تقوم إيران بتجنيب المنطقة مخاطر الحروب بالتزامها بالقوانين والمواثيق الدولية والتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ووقف دعم الجماعات والمليشيات الإرهابية، وتهديد أمن الممرات البحرية والملاحة الدولية".
وجدد قادة الخليج تأييدهم لـ"الاستراتيجية الأمريكية تجاه إيران، بما في ذلك ما يتعلق ببرنامجها النووي، وبرنامج الصواريخ الباليستية، وأنشطتها المزعزعة للأمن والاستقرار في المنطقة ودعمها الإرهاب ومكافحة الأنشطة العدوانية لحزب الله والحرس الثوري ومليشيا الحوثي وغيرها من التنظيمات الإرهابية".
بدورهم أدان القادة العرب المشاركون في القمة العربية الطارئة الأعمال التي قامت بها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران. وأكدوا في بيانهم الختامي "تضامن وتكاتف الدول العربية بعضها في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها".
وأضاف البيان أن "الدول العربية تسعى إلى استعادة الاستقرار الأمني في المنطقة، وأن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سياداتها".
كما أكد القادة العرب "حق السعودية في الدفاع عن أراضيها، وإدانة استمرار إطلاق الصواريخ الباليستية من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على أراضيها"، وأدان البيان استمرار الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات وتدخلها السافر في شؤون سوريا واستمرار الدعم الإيراني المتواصل لمليشيا الحوثي المناهضة للحكومة الشرعية في اليمن، والتدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، ومساندة الإرهاب.
وطالبوا المجتمع الدولي "باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والوقوف بكل حزم وقوة ضد أي محاولات إيرانية لتهديد أمن الطاقة وحرية وسلامة المنشآت البحرية في الخليج العربي والممرات المائية الأخرى، سواء قامت بها إيران أو عبر أذرعها في المنطقة".
كما أشار الوزير القطري إلى تحفظ بلاده على بند بيان القمة الخليجية الذي يتحدث عن وحدة مجلس التعاون الخليجي، متسائلا كيف يصح الحديث عن وحدة خليجية بينما تقاطع 3 دول خليجية دولة خليجية أخرى.
ولعل هذا البند الذي تتحفظ عليه قطر في البيان الختامي يؤكد فيه قادة دول الخليج المشاركون في القمة "على قوة وتماسك ومنعة مجلس التعاون، ووحدة الصف بين أعضائه، لمواجهة هذه التهديدات، لما يربط بينها من علاقات خاصة وسمات مشتركة أساسها العقيدة الإسلامية والثقافة العربية، والمصير المشترك ووحدة الهدف التي تجمع بين شعوبها، ورغبتها في تحقيق مزيد من التنسيق والتكامل والترابط بينها في جميع الميادين من خلال المسيرة الخيرة لمجلس التعاون".
هنا يطرح سؤال نفسه: هل من عاقل يعترض على هذا البند سوى من يعمل على شق الصف الخليجي وينحاز لحلفائه في محور الشر ضد مصالح شعوب دول الخليج بما فيها الشعب القطري نفسه؟
أكذوبة اختراق قنا
تصرف قطر المخزي جاء بالتزامن مع مرور عامين على مقاطعة قطر، ليعيد التسليط على نفس الأكاذيب التي انتهجتها عند بداية أزمتها.
وفي إطار سعيها الدائم لتزييف الحقيقة كانت تحاول قطر دائما اختزال سبب الأزمة في التصريحات التي نشرتها وكالة الأنباء القطرية في 24 مايو/أيار ٢٠١٧ لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والتي أعلن فيها رفض تصنيف جماعة الإخوان ضمن الجماعات الإرهابية، وكذلك دافع عن أدوار حزب الله وحركة حماس وإيران والعلاقة معها، وزعمت الدوحة بعد ذلك أن الوكالة تم اختراقها.
ولكن الحقيقة أن الأزمة أعمق من ذلك بكثير، حيث اندلعت في الأساس نتيجة سياسة متواصلة من تنظيم "الحمدين" لدعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
الأزمة جاءت نتيجة عدم التزام الدوحة باتفاقية الرياض التي وقعها في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 واتفاق الرياض التكميلي 16 نوفمبر/تشرين الثاني ،٢٠١٤ والتي وقع فيها أمير قطر على الالتزام بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول مجلس التعاون الخليجي بشكل مباشر أو غير مباشر، وعدم إيواء أو تجنيس أي من مواطني دول المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته إلا في حال موافقة دولته، وعدم دعم الإخوان.
كما تعهد أمير قطر بالالتزام بالتوجه السياسي الخارجي العام الذي تتفق عليه دول الخليج، وإغلاق المؤسسات التي تُدرِّب مواطنين خليجيين على تخريب دولهم.
وبعد أن استنفدت دول الرباعي العربي كل الوسائل لإقناع قطر بالرجوع إلى طريق الحق والالتزام بما تعهدت به ووقف دعمها للإرهاب، أعلنت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر في ٥ يونيو/حزيران ٢٠١٧ قطع علاقتها مع قطر، بسبب إصرار الأخيرة على دعم التنظيمات الإرهابية في عدد من الساحات العربية.
وفي 22 يونيو/حزيران ٢٠١٧، قدمت الدول الأربع إلى قطر، عبر الكويت، قائمة تضم 13 مطلباً لإعادة العلاقات مع الدوحة، كلها تدور في فلك ما سبق أن تعهد به أمير قطر في إطار اتفاق الرياض ٢٠١٣ واتفاق الرياض التكميلي ٢٠١٤.
وبدلا من أن تبدأ قطر في تنفيذ المطالب الـ13 للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب الهادفة إلى تصويب سياسة نظامها استمرت في المكابرة، والتدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية بشكل يمس أمنها القومي، عبر التآمر مع العملاء على الأرض أو عبر شن حملات افتراء وترويج أكاذيب منظَّمة وممنهجة تقوم بها قناة "الجزيرة" وإعلام قطر، وتنظيم منتديات ومؤتمرات تستهدف الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.
ومجددا، أثبتت قطر بموقفها من قمم مكة، صواب موقف الرباعي العربي، واستمرارها في انتهاج نفس السياسة التي تسعى لشق وحدة الصف الخليجي والعربي، وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز