تميم وانتخابات برلمان قطر.. قرارات صادمة ووعود كاذبة
تميم بن حمد يصدر مرسوما بفض دور الانعقاد العادي الـ48 لمجلس الشورى المعين، دون أن يعلن أي مستجدات بشأن إجراء انتخابات برلمانية.
أصدر تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، الأربعاء، مرسوما بفض دور الانعقاد العادي الثامن والأربعين لمجلس الشورى المعين من قبله، دون أن يعلن أي مستجدات بشأن تنفيذ الوعد الذي سبق أن قطعه على نفسه بإجراء انتخابات برلمانية.
وكان حمد بن خليفة أمير قطر السابق، والد الأمير الحالي، قد تعهد للقطريين أكثر من مرة بإجراء انتخابات برلمانية، دون أن ينفذ أيا من وعوده.
وسيرا على نهج أبيه في الحنث بالوعود وعد تميم القطريين هو الآخر أكثر من مرة بإجراء انتخابات دون أن يفي بوعوده.
ومع كل قرار رسمي بشأن مجلس الشورى يترقب القطريين أن يفي تميم بوعوده، ويصدر قرارا واضحا بشأن تحديد موعد تلك الانتخابات، إلا أنه دائما ما يصدم القطريين إما بتجاهل وعوده تماما، أو عبر المماطلة في تنفيذ تعهداته بحديث مكرر عن الإعداد للانتخابات.
صدمات متلاحقة
أحدث القرارات بشأن مجلس الشورى، أصدرها تميم بن حمد آل ثاني، اليوم الأربعاء، بفض دور الانعقاد العادي الثامن والأربعين لمجلس الشورى اعتبارا من يوم الثلاثاء السابع من يوليو/تموز الجاري.
- إعلام قطر ودعم الإرهاب.. عرض مستمر في 2019
- انتخابات البرلمان في قطر.. وعود زائفة وأكاذيب مستمرة من "الحمدين"
المجلس نفسه، كانت انتهت مدة تعيينه، في مثل هذا اليوم من العام الماضي، إلا أن تميم وبدلا من أن يصدر قرارا بشأن الانتخابات كما وعد في نوفمبر 2017، صدم القطريين وأصدر قرارا بالتمديد للمجلس عامين تبدأ من أول يوليو/تموز 2019 وتنتهي في 30 يونيو/حزيران 2021.
وفي مواجهة الاستياء الشعبي، حاول تميم امتصاص غضب القطريين بوعد جديد، فأصدر في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2019 قرارا بإنشاء لجنة للتحضير لانتخابات مجلس الشورى، على أن تتولى اللجنة المزعومة كافة المهام المتعلقة بالتحضير لانتخابات مجلس الشورى والإشراف على إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة لتلك الانتحابات، واقتراح البرنامج الزمني لعملية الانتخابات.
وبعد مرور عام من إجمالي عامي التمديد لمجلس الشورى المعين، ومرور 8 أشهر على اللجنة المزعومة لم يتم الإعلان عن إجراء اتخذته اللجنة تمهيدا لإعداد انتخابات، سواء عبر الأدوات التشريعية أو الجداول الزمنية.
8 أشهر مرت على إنشاء اللجنة، لم تجتمع سوى اجتماع واحد بعد أيام من تشكيلها، اجتماع وحيد لم ينتج عنه أي شئ.
وحتى اليوم لم يتم الإعلان عن أي إنجازات حققتها اللجنة على طريق الإعداد للانتخابات.
واليوم والقطريون على بعد عام واحد فقط من انتهاء مدة التمديد لمجلس الشورى المعين، كانوا يتوقعون أن يصدر النظام ما يكشف عن جديته في تنفيذ وعوده بشأن إجراء الانتخابات، سواء بالإعلان عن الجداول الزمنية لإجراءها أو الأدوات التشريعية التي تنظمها، إلا أنه لم يتحقق أي شئ، ليستمر مسلسل الوعود الزائفة والأكاذيب المستمرة، الذي يعاني منه القطريون منذ 16 عاما، من الأب إلى الابن.
من الأب للابن.. الأكاذيب مستمرة
منذ عام 2004 حتى اليوم، كان الحمدين (أمير قطر السابق حمد بن خليفة ورئيس وزرائه آنذاك حمد بن جاسم) وتميم دائمي الوعود للقطريين بشأن انتخابات برلمانية في البلاد، إلا أن أيا من تلك الوعود لم ينفذ.
فبعد نحو 9 سنوات من انقلاب حمد بن خليفة آل ثاني على أبيه في 27 يونيو/حزيران 1995، صدر الدستور الدائم لدولة قطر في أبريل/نيسان 2004، ونص على إجراء انتخابات برلمانية وإعداد قانون لهذا الغرض.
وتنص المادة 77 من دستور قطر على أنه "يتألف مجلس الشورى من 45 عضوا، يتم انتخاب 30 منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الـ15 الآخرين من الوزراء أو غيرهم، وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم".
ونصت المادة 78 على أنه "يصدر نظام الانتخاب بقانون تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب"، وفيما كان ينتظر القطريون تطبيق الدستور، وعد حمد بن جاسم النائب الأول لرئيس الوزراء القطري وزير الخارجية آنذاك في يونيو/حزيران 2005 بأن الانتخابات البرلمانية لاختيار مجلس الشورى ستجرى "عام 2006 أو 2007 كحد أقصى".
ومضت 2006 و2007 دون أي انتخابات، وفي فبراير/شباط 2011 قال حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر آنذاك إن الدوحة تعمل على تنظيم انتخابات مجلس شورى "في المستقبل القريب".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011 كان حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق أكثر تحديدا من رئيس وزرائه في الوعد الجديد، فأعلن في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشورى أن الانتخابات البرلمانية ستجري في النصف الثاني من عام 2013، وقال نصا "أعلن من على منصة هذا المجلس أننا قررنا أن تجري انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013"، ومضى 2013 وتولى ابنه تميم الحكم، ولم تجر أي انتخابات.
وبعد 4 سنوات، وتحديدا في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 أعلن الابن من نفس موقع أبيه من على منصة مجلس الشورى إجراء انتخابات برلمانية.
وقال تميم "تقوم الحكومة حاليا بالإعداد لانتخابات مجلس الشورى، بما في ذلك إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، حيث نتجنب الحاجة إلى التعديل في كل فترة، فثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها ابتداء، لكي تكون انتخابات مجلس الشورى منصفة، وسوف تعرض على مجلسكم الموقر خلال العام المقبل (2018)".
وفي 22 نوفمبر 2017 أكد عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس وزراء تميم آنذاك إعداد قانون الانتخاب في 2018، ومضى قائلا "حاليا الحكومة على وشك الانتهاء من تعديلات بعض القوانين وإعداد قانون انتخاب مجلس الشورى، وسيعرض على مجلس الشورى العام المقبل (2018)، وسيتم الإعلان عن موعد الانتخابات بعد صدور قانون الانتخابات وتعديل التشريعات اللازمة".
وكعادة وعود نظام الحمدين مضى عام 2018 دون أن ينفذ وعوده بشأن إجراء الانتخابات أو تقديم قانون انتخابات لمجلس الشورى.
وانتهى عام 2018 ودخل عام 2019 ولم تعرض حكومة تميم أي قوانين بشأن الانتخابات البرلمانية على مجلس الشورى، والتي ينتظرها القطريون منذ سنوات.
وحينما حل موعد الانتخابات البلدية في قطر في 16 أبريل/نيسان 2019 وجدها القطريون فرصة لعقاب الحمدين وإحراجه أمام العالم على سياساته من جانب ووعوده الزائفة بشأن إجراء انتخابات برلمانية، فقاطع القطريون الانتخابات البلدية عقابا لتنظيم الحمدين ورفضا لسياساته.
وبدت مراكز الاقتراع خالية من الناخبين، الأمر الذي أربك تغطية تلفزيون قطر و"الجزيرة"، حيث امتنع تلفزيون قطر عن بث لقطات مباشرة من داخل مراكز الاقتراع، واكتفى بإجراء لقاءات خارج مراكز الاقتراع، وامتنعت "الجزيرة" عن نقل أي صور من مراكز الاقتراع، التي تبعد أمتارا عن مقرها في الدوحة.
ومع اقتراب موعد نهاية مدة البرلمان كان يأمل الكثيرون في أن ينفذ تميم وعده يوم 30 يونيو 2019، وهو موعد نهاية مدة المجلس المعين، بموجب القرار الذي سبق أن أصدره في 16 يونيو 2016، والذي قام فيه بمد مدة مجلس الشورى لـ3 سنوات ميلادية، تبدأ من أول يوليو 2016 وتنتهي في 30 يونيو 2019.
ولكن بدلا من تنفيذ وعده أصدر قرارا بمد مدة مجلس الشورى سنتين ميلاديتين، تبدأ من أول يوليو 2019 وتنتهي في 30 يونيو 2021.
وفي مواجهة الاستياء الشعبي، حاول تميم امتصاص غضب القطريين بوعد جديد، فأصدر في 30 أكتوبر 2019 قرارا بإنشاء لجنة للتحضير لانتخابات مجلس الشورى.
وفي خطاب افتتاح الدورة الـ48 لمجلس الشورى، نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حاول تميم الدفاع عن قراره بالتمديد لمجلس الشورى عامين، مشيرا إلى أن هذه الفترة لازمة حتى يتم الانتهاء من "الإجراءات الدستورية المطلوبة التي تتضمن إصدار العديد من القوانين والأدوات التشريعية الهامة، ومنها قانون نظام الانتخاب الذي يحدد شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب، ومرسوم بتحديد الدوائر الانتخابية ومناطق كل منها، وغيرها من الإجراءات الإدارية الضرورية".
وهي نفس المزاعم التي رددها في خطابه عام 2017، ووعد القطريين حينها بأنها تلك الإجراءات الدستورية ستنتهي في 2018.
واليوم مرت 3 أعوام على وعد تميم، وعام على التمديد لمجلس الشورى المعين، و8 شهور على تشكيل لجنة الاعداد للانتخابات، و16 عاما على وعد أبيه حمد بن خليفة من قبله، ولم يرى القطريين أي خطوة على أرض الواقع تمهيدا لإجراء تلك الانتخابات.
حياة تشريعية ميتة
وفي ظل إصرار "الحمدين" على عدم تنفيذ وعوده بإجراء انتخابات برلمانية تظل الحياة التشريعية في قطر ميتة، يديرها مجلس شورى معين من قبل الأمير فقط، لا يستشعرون مشاكل القطريين ومعاناتهم، ولا يعرف القطريون غالبية أعضائه، ولا يستطيعون التواصل معهم.
وتظل أحلام القطريين بمجلس منتخب مؤجلة، وسط صمت مطبق من "الجزيرة" وإعلام "الحمدين" عن ملف الانتخابات البرلمانية، فقطر و"جزيرتها" مشغولتان بإثارة الفتن ودعم الخراب تحت عنوان "الديمقراطية"، التي تنادي بها في كل مكان إلا على أراضيها.