معهد أمريكي: قاعدة تركيا العسكرية في قطر تجسيد لحلم أردوغان بالهيمنة
المعهد الأمريكي أشار إلى أن "قطر فتحت الباب على مصراعيه أمام تركيا لاستعادة نفوذها القديم إبّان الدولة العثمانية".
على خلفية استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الإثنين، لأمير قطر تميم بن حمد في أنقرة، صباح الإثنين، اعتبر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن الدوحة تمثل "تجسيدا لحلم أردوغان بالهيمنة والنفوذ في الدول العربية".
ولفت المعهد الأمريكي إلى أن "قطر فتحت الباب على مصراعيه أمام تركيا لاستعادة نفوذها القديم إبان الدولة العثمانية، عن طريق فتح أراضيها لإقامة قاعدة عسكرية تركية في قطر، للمرة الأولى في تاريخ الدول العربية والخليجية، بعد انهيار الدولة العثمانية".
وأوضحت الدراسة، التي أعدها سونر جاغايتاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، بالعاصمة الأمريكية، أن "استراتيجية تركيا في قطر تتلخص في عبارة قالها جنرال بريطاني سابق عن القواعد العسكرية البريطانية في الخارج وهي: يجب ألا يكون انتشارنا العسكري في تلك الدول كبيرا لإقحامنا في مأزق.. بل يجب أن يكون صغيرا جدا حتى نستطيع الخروج من المأزق عندما يبدأ".
تعاون قطر وتركيا العسكري
وكانت تركيا وقطر قد وقعتا اتفاقية تعاون في المجال العسكري، خلال وقت سابق، تقضي بتمركز ونشر نحو 3000 جندي من القوات التركية فوق الأراضي القطرية، في قاعدة الريان بضواحي الدوحة.
وتابع مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن أن "أهداف تركيا من القاعدة العسكرية فوق الأراضي القطرية تحقق العديد من المنافع بالنسبة للأتراك دون مسؤوليات كبيرة تقع على كاهلهم"، موضحا أن منافع أنقرة تتلخص فيما يلي:
1- القاعدة التركية في قطر تسمح لأنقرة بعرض معداتها العسكرية وتعزيز مبيعاتها العسكرية، لاسيما دبابات "ألتاي" ومدافع الهاوتزر ذاتية الدفع من طراز "فيرتينا" وأسلحة أخرى تركية الصنع.
2- كما تقدم القاعدة للجيش التركي وسيلة للتدريب في الصحراء كان يفتقر إليها حاليا.
3- تخطط أنقرة لأن تكون القاعدة مركزا للعمليات التركية المستقبلية ما وراء البحار.
4- تعد القاعدة التركية في قطر هدفا استراتيجيا تركيا لعودة البحرية التركية إلى المحيط الهندي للمرة الأولى منذ خمسينيات القرن السادس عشر، حين حارب العثمانيون الإمبراطورية البرتغالية من أجل فرض السيطرة على تلك المنطقة إلا أنهم تعرضوا للهزيمة.
5- القاعدة تسمح للقوات البحرية التركية بإنجاز عمليات مكافحة القرصنة وعمليات أخرى في الخليج العربي والمحيط الهندي وبحر العرب.
6- القاعدة تتيح انضمام تركيا لنادي نخبوي خاص من الدول ذات المكانة الرفيعة التي تحتفظ بقوات عسكرية دائمة في الشرق الأوسط؛ وهو ما يعزز مكانة تركيا في المجتمع الدولي.
7- القاعدة تمثل بالنسبة لنظام أردوغان تجسيدا لحلمه القديم بعودة بسط نفوذ أنقرة في الدول العربية.
8- تتيح القاعدة التركية في قطر تعامل أنقرة المباشر مع أزمات الخليج دون الرجوع إلى حلفائها في حلف "الناتو".
9- القاعدة تعزز لتركيا وجودها العسكري الدائم في العالم، حيث ستكون القاعدة التركية الثالثة خارج الأراضي التركية بعد قبرص الشمالية (التي تعترف بها أنقرة كدولة) وأذربيجان.
10- تسعى تركيا لإثبات أنها دولة غير غربية لها وزن على الساحة الدولية، وتعمل على مناطحة كل من: روسيا، التي نشرت قوات في سوريا وفرضت وجودها من خلال قاعدتين في اللاذقية وطرطوس. والصين التي تتحكم بالعمليات التجارية في ميناء جوادر الباكستاني القريب من مدخل الخليج العربي.
قوات تركيا ليست موجهة إلى إيران
ونبهت الدراسة إلى أن القوات التركية في قطر ليست موجهة ضد النظام الإيراني، كما تحاول بعض الأوساط في واشنطن التصوير لبعض صناع القرار، لأنه يصعب تخيل تورط الأتراك في مواجهة مع طهران بسبب الدوحة، وهما لم تخوضا أي نزاع عسكري مباشر منذ بداية القرن السابع عشر، بالرغم من امتداد حدودهما البرية المشتركة، وكونهما خصمين لدودين في العراق، وخوضهما حربا بالوكالة في سوريا.
وأوضحت الدراسة أن "قطر تدين بنشأتها، إلى درجة معينة، للعلاقة الخاصة التي أسستها الدوحة مع الإمبراطورية العثمانية في أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الخصومة الإنجليزية-العثمانية تهيمن على سياسات الخليج، ففي ذلك الوقت، كانت قطر مجرد إقليم تابع لمحافظة نجد العثمانية، التي كانت بذاتها تابعة لولاية البصرة العثمانية، إلا أن ما حدث في عام 1893 وضع قطر على مسار مختلف، حيث أرسل العثمانيون جنودا إلى قطر لقمع معارضة الحاكم المحلي قاسم بن محمد آل ثاني للإصلاحات الإدارية المقترحة من قبل إسطنبول. وبعد أن هُزمت القوات العثمانية، على يد القوات الإنجليزية أصبحت قطر إقليما مستقلا عن الإمبراطورية، ولكنها وافقت أيضا على نشر جنود عثمانيين على أرضها. وهكذا، بقي الجيش العثماني في قطر حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهي مدة أطول من بقائه في أي إمارة أخرى من الخليج".
وأضاف جاغايتاي أن "الرؤية السياسية المشتركة بين أنقرة والدوحة في الشرق الأوسط ساهمت كذلك في تقريب الأتراك والقطريين من بعضهم البعض، فمنذ بروز حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا عام 2002، دعمت الدوحة وأنقرة عدة أحزاب إسلامية في المنطقة، من خلال تشكيل تحالفات في دول مثل مصر وسوريا ضد رغبات الرياض، وفي سوريا حققت القوات المدعومة من تركيا وقطر مكاسب ملحوظة منذ ربيع 2015، قبل أن تذهب هذه المكاسب سدى، بفعل الضربات الجوية الروسية بعد ذلك".
وذكر أنه "على الساحة الفلسطينية، دعمت الدولتان حركة حماس، ما أدى إلى تقويض السلطة الفلسطينية"، محذرة من أن "القوات التركية المتمركزة في القاعدة الجديدة في قطر ستكون سهلة المنال في حال اندلاع مواجهة خليجية- إيرانية (تتحيز فيها تركيا للخليج نظريا)، وذلك للقدرات الصاروخية الكبيرة التي تتمتع بها إيران".
ونبهت الدراسة إلى أن "اتفاقيات الدفاع المشترك التقليدية تكون متبادلة عادة، إلا أنه في حال تركيا وقطر، فإن تركيا لا تستطيع ضمان أمن قطر حتى مع نشر قوات تركية في قطر، ولذلك فإن تركيا تسعى إلى ضامن، ولأن منظمة حلف شمال الأطلسي لا تقدم دفاعا جماعيا للقوات الحليفة المنتشرة في خارج أراضيها، لكن الولايات المتحدة تستطيع لعب دور الضامن للقوات التركية الصغيرة، وذلك لامتلاك الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قاعدة جوية لها في الشرق الأوسط في قاعدة (العديد) في قطر، ولذلك فإنه من الصعب أن يكون الأتراك البديل عن القاعدة الأمريكية في قطر، لأنهم هم أنفسهم يحتاجون لضمانات أمنية يصعب على أي أحد توفيرها سوى الولايات المتحدة"، حسب الدراسة.