تعبيرا عن حالة اليأس.. قطر تتجاوز حليفتها تركيا في ملف غزة
مسؤول فلسطيني يصف لـ"العين الإخبارية" تصرف قطر وتقربها من إسرائيل بأنه تخبط ناجم عن حالة يأس.
غالبا ما كانت التحركات القطرية في الشأن الفلسطيني منسقة تماما مع تركيا، ولكن ليس بعد حادثة الصحفي السعودي جمال خاشقجي والتصريحات الإيجابية المتبادلة بين أنقرة والرياض.
فالإمارة الصغيرة قررت من خلال سفيرها محمد العمادي أن تلعب دورا كبيرا، ولكن هذه المرة بالتنسيق مع إسرائيل وبغطاء من الولايات المتحدة الأمريكية وعبر الأمم المتحدة.
وكانت إمارة قطر بدأت بالتمهيد لدورها هذا في الأسابيع الأخيرة، ولكنه خرج إلى العلن بعد حادثة اختفاء خاشقجي، ويأتي في هذا السياق إدخال إسرائيل لكميات جديدة من الوقود الممول قطريا إلى غزة بوساطة الأمم المتحدة، أمس الخميس.
وقال مسؤول فلسطيني كبير، رفض الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، لـ"العين الإخبارية" إن: "التصرفات القطرية عموما غريبة ولكنها في الأسابيع الأخيرة تزداد غرابة، فقد ألقت بنفسها بالكامل في الحضن الإسرائيلي".
وأضاف المسؤول الفلسطيني أن "قطر تتصرف وكأن إسرائيل وحدها يمكنها أن تنقذها من أزمتها الدولية، أخذا بعين الاعتبار علاقة الحكومة الإسرائيلية مع الإدارة الأمريكية.. لا يمكن وصف ما يجري سوى أنه تخبط ناجم عن حالة يأس".
فخلافا لرغبات السلطة الوطنية الفلسطينية، ولكن بتنسيق مع "حماس"، أبرم نظام الحمدين اتفاقا مع إسرائيل، يقوم بموجبه بتقديم مساعدات لغزة، يقول المسؤولون الفلسطينيون إن من شأنها أن تكرس سلطة "حماس" في غزة.
وإن كانت هذه الخطوة القطرية قد أغضبت منظمة التحرير الفلسطينية ومثلت تخريبا على جهود مصرية لإصلاح ذات البين الفلسطيني، فإنها لم تحظ بغطاء تركي.
وعلى مدى سنوات كان الجامع ما بين قطر وتركيا هو محاولة قطع الطريق على الجهود المصرية المدعومة من السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية.
وقالت كتلة "فتح" البرلمانية: إن "أي حديث عن التهدئة أو إعادة إعمار وتنمية في قطاع غزة، يجب أن تتم عبر القيادة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوطنية الفسلطينية الشرعية، وليس عبر أيه قنوات بديلة".
وأضافت في تصريح، أرسلته لـ"العين الإخبارية"، أن "كتلة فتح البرلمانية تؤكد على دعمها للجهود المصرية الحثيثة لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني، داعية حركة حماس للمضي قدما نحو التطبيق الدقيق والأمين لما تم الاتفاق عليه، والإقلاع عن سياسة المماطلة والتسويف وإضاعة الوقت، والرهان على أطروحات وخطط إقليمية ودولية خارج الإجماع الوطني الفلسطيني".
ورغم أن كلا النظامين في الدوحة وأنقرة يدعمان حركة "حماس"، فإن حساباتهما تبدو مختلفة والمؤشرات على ذلك عديدة وملحوظة.
ففي وقت كانت تصعد فيه تركيا، لاعتبارات انتخابية داخلية، ضد إسرائيل فإن قطر كانت تتقرب أكثر فأكثر من إسرائيل عبر سلسلة من الزيارات العلنية للسفير العمادي إلى تل أبيب، ولقاءات سرية عقدها وزير الخارجية القطري في قبرص مع وزير الجيش الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان ومع يهود غربيين، في محاولة فاشلة لترتيب لقاء أو حتى اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفيما كانت تركيا تنادي، لاعتبارات داخلية تركية، برفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، كانت قطر تنشط في تقديم الاقتراحات السرية للإسرائيليين للاكتفاء بإجراءات تجميلية مثل السماح لعدة آلاف من العمال بالدخول إلى إسرائيل، والسماح بمرور كميات من الوقود إلى غزة بمقابل وقف مسيرات العودة الفلسطينية.
وعندما كان الاقتصاد التركي يترنح تحت وطأة العقوبات الاقتصادية الأمريكية، كانت قطر تنشط في مساعدات الولايات المتحدة في تمرير صفقة القرن المرفوضة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا وحتى دوليا.
فالنشاطات الأخيرة لنظام الحمدين جاءت بمعزل عن الحليف التركي، وهو ما يشير إلى أن حادثة اختفاء الصحفي السعودي انعكست تضاربا في مصالح الحليفين.
وفي السياق ذاته استقبلت أنقرة، وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي ترأس مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو الدورة الأولى من اللجنة الحكومية المشتركة بين حكومة دولة فلسطين وحكومة جمهورية تركيا في أنقرة.
وعكست تصريحات المالكي دعما للمواقف التركية والسعودية بشأن التحقيق في ظروف الصحفي خاشقجي بعيدا عن محاولات قطر إلصاق التهمة بحكومة المملكة العربية السعودية.