تتمدد ما يمكن تسميتها «لعبة القط والفأر»، لقضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، بعد محاولات تسييسها.
تتمدد ما يمكن تسميتها «لعبة القط والفأر»، لقضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي، بعد محاولات تسييسها، واستخدامها مطيّةً من قبل ساسة وتيارات ومنظمات معادية للسعودية، طامعة في كسر إرادة المملكة وزعزعة أمنها واستقرارها، والنيل من سيادتها التي تعتبر خطًّا أحمر يستحيل تجاوزه مهما كلّفها الأمر.
لا تزال تركيا والفأر القطري يلعبان على كل الحبال في محاولة تشويه الصورة السعودية، عبر تسريبات وفبركات في وسائلهما الإعلامية، بل يُراد أن تكون التسجيلات «المزعومة» ورقةً رابحةً لحض واشنطن على فرض عقوبات على الرياض
وهذا ما حدا بمراقبين إلى القول إن اللعبة التركية سترتد إلى نحر حكومتها، وأن تلك التسريبات والتسجيلات المزعومة في حال وجودها ستؤكد أن البعثات الدبلوماسية لدى أنقرة تخضع لعمليات تنصُّت، غالباً من خلال العمال المحليين الذين تستخدمهم تلك السفارات والقنصليات، أو اختراقها بأدوات تجسس تخالف الأعراف والمواثيق الدولية.
لا تزال تركيا والفأر القطري يلعبان على كل الحبال في محاولة تشويه الصورة السعودية عبر تسريبات وفبركات في وسائلهما الإعلامية، بل يُراد أن تكون التسجيلات «المزعومة» ورقةً رابحةً لحض واشنطن على فرض عقوبات على الرياض، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صفع كل تلك المحاولات، مؤكداً أن إدارته متمسكة بتحالفها مع السعودية، وأنه لن يغامر باتخاذ إجراء أحمق ضد المملكة ليهدد اقتصاد أمريكا والعالم، معلناً أنه سيلتقي الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة مجموعة الـ20 في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، ومثله إعلان الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيلتقي ولي العهد السعودي أيضاً.
ماذا يعني هذا؟
هذا تأكيدٌ جديدٌ من قطبي العالم (أمريكا وروسيا) على مكانة السعودية الكبيرة، وثقلها في الإقليم وتأثيرها في السياسة الدولية، وتشديدٌ صريحٌ على أن قضية مقتل خاشقجي هي جريمة جنائية أساساً، وليست سياسية، ويجب ألاّ تكون ذريعةً لمحاولات زعزعة استقرار السعودية، التي هي في نهاية المطاف زعزعة لاقتصاد العالم، وبالتالي استقراره السياسي والأمني.
لجأت الدوحة منذ بداية حادثة خاشقجي إلى صرف أموال طائلة لتنظيم حملات إعلامية ممنهجة قذرة لتشويه السعودية، وللأسف انساق وراء إعلامها بعضٌ من الوكالات الإخبارية والوسائل الغربية التي أصبحت صيداً للمال القطري بهدف النيل من سمعة المملكة أمام الرأي العام الدولي، ولكنها لم تجنِ إلا الفشل يتلوه الفشل.
في غضون ذلك، كشفت «بي بي سي» البريطانية، في تقارير لها، انتشار الأخبار الزائفة والكاذبة على نطاق واسع، بوسائل الإعلام التركية، راصدة حجم الأخبار الزائفة والكاذبة، التي ترددها الكتائب الإلكترونية التابعة لحزب العدالة والتنمية!
فمنذ ظهور رواية الانقلاب الفاشل في 2016، تحولت تركيا إلى سجنٍ كبيرٍ، إذ أسفرت الحملات الأمنية عن خضوع نحو 402 ألف شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال نحو 80 ألفاً، بينهم مئات الصحفيين، كما جرى إغلاق 189 مؤسسة إعلامية، وفصل 172 ألفاً من وظائفهم، ومصادرة 3003 جامعات ومدارس خاصة ومساكن طلابية!
وتساءلت محطة إذاعة بريطانية إذا كانت لدى تركيا تلك القدرات التجسسية الضخمة، فلماذا لم تتدخل لمنع وقوع حادثة الصحفي السعودي خاشقجي؟ وزادت أن مطالبة أنقرة بمحاكمة المتهمين الذين أعلنت السعودية توقيفهم على ذمة التحقيق مستحيلة التحقق؛ لأن العدالة التركية مشكوك بنزاهتها منذ الانقلاب الفاشل على الرئيس أردوغان في 2016.
وعلاوة على ذلك -يضيف المعلقون- أن مثل تلك التسجيلات (إذا وجدت) لن تقبلها أية محكمة عادلة؛ لأنها غير قانونية، وبالتالي ستعامل أمام القضاء النزيه باعتبارها أدلةً غير مقبولة Inadmissable evidence، بحسب نُظُم العدالة والقيم الغربية السائدة.
أما «لعبة القط والفأر» في شقها الأمريكي، فهي بين جماعات وسياسيين معروفين بمناهضتهم للسعودية، والإدارة الأمريكية التي تتحالف مع المملكة وتطالب بالتعقل، خصوصاً أن الخطوات السعودية في هذه القضية تسير بشكل عملي صحيح. وفيما تضغط تلك الجماعات باتجاه إجراءات مستحيلة في التعامل بين الدول ذات السيادة، وفرض عقوبات اقتصادية ودفاعية، فإن الإدارة الأمريكية تعمل باتفاق «جنتلمان» مع السعودية لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهمين، وهو ما أعلنت المملكة قيامها به، من خلال التحقيقات التي أعلن نتائجها مكتب النائب العام السعودي أخيراً.
الأكيد أن تلك الحملات المسعورة لن تفت في عضد السعودية، ولن تجد استجابة منها أولاً، ثم من أشقائها وأصدقائها وحلفائها ثانياً، باعتبارها دولةً كبيرةً مؤثرةً في الإقليم والعالم تتمتع بالسيادة على أراضيها، وهي وحدها التي تحدد شؤون حكمها والتخطيط لمستقبل شعبها، ولا تخضع لأية تهديدات وإملاءات واستفزازات، وستظل قويّةً شامخةً بإرادةٍ لا تُهزَم وعزيمةٍ لا تُكسَر.
نقلا عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة