تنازلات قطر لإيران وتركيا لن تسقط جريمة دعم الإرهاب
موطئ قدم لتركيا ومنتجات إيرانية بأسواق الدوحة
طهران وأنقرة حاولا استغلال الأزمة، فإيران سعت لتعزيز ذراع اقتصادية لها في الدوحة، وتركيا سعت لإيجاد موطئ قدم عسكرية في الخليج.
أزمة قطع ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر علاقاتها مع قطر وفرض حظر بري وجوي وبحري عليها، بعد ثبوت دعم الدوحة للإرهاب والتدخل في شؤون دول الجوار ولا سيما البحرين كشفت النقاب عن أطماع تركية وإيرانية في المنطقة.
طهران وأنقرة حاولتا استغلال الأزمة لخدمة مصالحهما، فإيران سعت خلال الأسابيع الماضية لتعزيز ذراع اقتصادية لها في الدوحة، بينما تحاول تركيا إيجاد موطئ قدم عسكرية لها في الخليج العربي عبر بوابة قطر بإنشاء قاعدة عسكرية، والظهور بمظهر المدافع عن النظام القطري.
لم تعترض قطر أو ترفض تلك المحاولات سواء من طهران شريكها الآخر في دعم الإرهاب، وكذلك المساعي التركية للسيطرة ومد النفوذ، ظنًا من الدوحة أن ذلك قد يعوضها ما خسرته من قطع علاقاتها بالسعودية والبحرين والامارات، على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية، ولكن حسب مراقبين فإن كل ذلك لن يعفِ قطر من جريمة دعم الإرهاب والسعي لنشر الفوضى في بلاد عدة بينها اليمن وسوريا وليبيا ومصر.
- البحرين: إحضار الجيوش الأجنبية "تصعيد عسكري" تتحمله قطر
- فضيحة "بوعسكور".. "العين" ترصد بالإنفوجراف مؤامرة قطر على الإمارات
موطئ قدم لتركيا
يبدو أن التاريخ حقا يعيد نفسه؛ فقبل 146 عاما رحب حاكم قطر جاسم اّل ثاني بدخول القوات العثمانية عام 1871 ظنًا منه أنها ستحميه من التحرش البريطاني ببلاده في ذلك الحين، وها هو حاكم قطر الحالي تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني يلجأ إلى تركيا وقائدها صاحب طموحات إعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية ظنًا منه أيضا أنها ستكفل له الأمن والبقاء.
الرئيس التركي الحالم بالأمجاد العثمانية يحاول توسيع نفوذ بلاده في الخارج، خاصة في دول الخليج العربي؛ لكن طموحاته قابلتها المملكة العربية السعودية بحزم عندما رفض منتصف يونيو/حزيران الجاري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود تماما إقامة قاعدة عسكرية تركية في السعودية، وأكد العاهل السعودي على عدم احتياج بلاده لمثل ذلك العرض.
الرفض السعودي لإقامة قاعدة عسكرية تركية في السعودية عزز رغبة أردوغان في اغتنام فرصة قطع العلاقات مع قطر في 5 يونيو/ حزيران الجاري، لإنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية.
ويعود الحديث عن تلك القاعدة (قاعدة الريان) إلى أواخر عام 2014؛ عندما وقّعت الدوحة وأنقرة اتفاقية للتعاون العسكري والصناعات الدفاعية التي تتضمن إنشاء قاعدة عسكرية تركية.
وفي مارس/ اّذار من نفس العام نشبت أزمة بين الدول الخليجية وقطر، تم على إثرها سحب تلك الدول سفراءها من الدوحة، في خلاف وصف بأنه أقل حدة مما هو عليه الآن، ولكن أسبابه لم تختلف كثيرا؛ الممارسات القطرية بدعم جماعات مسلحة والتدخل في شؤون دول الجوار والدول العربية مستغلة الانتفاضات التي شهدتها بعض الدول أو ما أطلق عليه "الربيع العربي"، ولعبت قناة "الجزيرة" المملوكة لقطر حينها دورا كبيرا في ذرع بذور الفتنة وإثارة القلاقل.
الاتفاقية التركية القطرية نصت على إمكانية نشر متبادل لقوات تركية في قطر وقوات قطرية في تركيا، وهو أمر فسَّره محللون بأنه رغبة تركية في الوصول إلى دور متزايد ونفوذ أوسع في المنطقة؛ حيث ستعطيها القاعدة إطلالة علي الخليج العربي، ووجود عسكري مباشر فيه بكل ما يحويه من مصادر طاقة وتأثير في الاقتصاد العالمي.
إيران تستغل الأزمة
عملت طهران على إظهار نفسها كمُدافع عن الحكومة والشعب القطريين، وعرضت تصدير سلعها ومنتجاتها الغذائية إليها، وكأنها حليف قوي لها، وهو أمر لم يكن غريبا؛ بعد أن ارتمت الدوحة في أحضان طهران المصدر الأكبر للإرهاب في العالم والمنطقة، والتي تعد الخطر الأكبر إقليميا خاصة مع مساعيها الدؤوبة لمد نفوذها بالمنطقة وتدخلاتها عبر أذرعها الإرهابية سواء الحوثيون في اليمن أو حزب الله في سوريا ولبنان وتدخلها في شؤون العراق أيضا.
وقبل قطع السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع قطر، كشف النقاب عن لقاء جمع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وقائد فيلق القدس في ميليشيا الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في بغداد لمناهضة القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي انعقدت في الرياض في21 مايو/ أيار الماضي.
إيران مرتدية ثوب العون والمساعدة استغلت الأزمة الخليجية للتقرب من قطر والاستفادة من الأزمة اقتصاديا؛ حيث معلنة أنه بإمكان الخطوط الجوية القطرية العبور بمجالها الجوي، عوضا عن الحظر الجوي الذي فرضته الدول الأربع عليها بعد إصرار النظام القطر على التمادي في دعم الإرهاب، ورفض الدوحة التعاطي الجدي مع المطالب العربية.
كما اقترحت إيران، لترويج بضائعها، إقامة جسر جوي وموانئ وبضائع ومساعدات غذائية إيرانية، رغم علمها أن منتجاتها لا تحظى بسمعة حسنة في العالم، ولها تجارب بالغة السوء في العراق وسوريا حين مررت إيران بفعل الحروب والأزمات بضائع غير صالحة للاستهلاك البشري أحيانا، وأخرى منتهية الصلاحية، ناهيك عن الأمر الأكثر خطورة والمتمثل بتلوث المنتجات الإيرانية بسموم فطرية مسرطنة وشديدة السمية وفق تحذيرات صدرت في دول عدة من اقتناء هذه المنتجات.