حدث في رمضان.. وفاة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر
في ليلة الثلاثاء 17 من رمضان عام 58هـ الموافق عام 678م، توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما
في ليلة الثلاثاء 17 من رمضان عام 58هـ الموافق عام 678م، توفيت أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما الزوجة الثالثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي لم يتزوج امرأة بكرا غيرها.
هي عائشة بنت أبي بكر التيميَّة القُرَشِيّة، كنيتها أم عبدالله، ولُقبت بالصدّيقة، وعُرفت بأم المؤمنين. أبوها أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين وأفضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها، التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين، فلينظر إلى أم رومان".
ولدت عائشة رضي الله عنها في الإسلام قبل الهجرة بـ7 سنوات، وقد تربّت 9 سنوات في بيت أبيها أبي بكر الصديق، وكانت من المتقدمين في إسلامهم؛ فقد روى البخاري ومسلم عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "لم أعقل أبويَّ إلا وهما يدينان الدين".
ولعائشة فضل كبير ومكانة عظيمة؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَمُل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
وقد اشتهرت عائشة رضي الله عنها بالحياء والورع الشديدين، حتى إنها كانت تستحي من عمر رضي الله عنه وهو في قبره، ولعل خير مثال على ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها بقولها: "كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي؛ فأضع ثوبي فأقول: إنما هما زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهما، فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابي؛ حياءً من عمر".
تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة بدر في شوال عام 2هـ، وكانت من بين النساء اللواتي خرجن يوم أحد لسقاية الجرحى، وقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ففي حديث عمرو بن العاص عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم: "أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟"، قال: "عائشة". قال: "فمن الرجال؟" قال: "أبوها".
اكتسبت عائشة رضي الله عنها علما غزيرا صافيا من نبع النبوة الذي لا ينضب، فكانت أفقه نساء المسلمين، وأعلمهن بالدين وأصوله وفروعه والأدب، ولا يحدث لها أمر إلا أنشدت فيه شعرا، وكان أكابر الصحابة يسألونها عن الفقه والفرائض، فتجيبهم؛ فقد قال عطاء رضي الله عنه: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيا"، وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: "ما أشكل علينا -أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم- حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علما"، وقد روى عنها 299 من الصحابة 2210 أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
توفيت عائشة رضي الله عنها في خلافة معاوية رضي الله عنه ليلة الثلاثاء 17 رمضان عام 58هـ الموافق عام 678م، وهي ابنة 66 عاما، بعد مرض ألمّ بها حتى إنها شعرت بأنه مرض الموت، ودُفنت بالبقيع بعد صلاة الوتر وصلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه -بحسب وصيتها- ونزل في قبرها خمسة: عبدالله وعروة ابنا الزبير، والقاسم بن محمد، وعبدالله بن محمد بن أبي بكر، وعبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.