«حفظ النعمة» و«بنك الطعام».. مبادرات استدامة تتحدى الهدر في رمضان
يحدد أسلوب حياتنا في شهر رمضان بشكل خاص مدى التزامنا بالحفاظ على بيئتنا وتصبح عاداتنا اليومية وطرق تفكيرنا ومعاملتنا للآخرين وحتى العالم الذي يحتوينا موضوع تقييم وتغيير.
ولهذا الشهر خصوصية لما يتمتع بها من روحانيات وقرب بين العبد وربه، ولهذا يمثل فرصة عظيمة لنشر الوعي البيئي والقيم البيئية التي تتسق اتساقا كاملا مع روح الدين وأوامره.
ومن هذا المنطلق تأتي المبادرات الإماراتية العاملة في نشر ثقافة عدم هدر الطعام لتنشط في رمضان بشكل خاص لغرس مبادئ وثقافة حفظ النعمة في المجتمع.
ومن المبادرات الوطنية التي قطعت شوطا في هذا السياق تأتي مبادرتا "حفظ النعمة" و"بنك الطعام" في الإمارات والتي تنتشر نشاطاتها بين أفراد المجتمع الإماراتي وفئاته لمحاربة ثقافة الإسراف، خصوصاً في شهر رمضان
ويمثل هذا الشهر بشكل خاص ما يقارب 30% من إجمالي كمية الأغذية المهدرة سنوياً، حيث اعتاد الناس في هذا الشهر بشكل خاص على العزائم والولائم بما تحمله من قيم الكرم التي يتسم بها الشعب الإماراتي، لكنها في الوقت نفسه ينتج عنها أطنان من الأغذية المهدرة.
رؤية شاملة
يمثل العمل البيئي التطوعي عبر مبادرات فاعلة في المجتمع الإماراتي جانبا من رؤية شاملة لقيادة الإمارات، أكدها إعلان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في فبراير/شباط الماضي، تمديد مبادرة "عام الاستدامة" لتشمل عام 2024".
واستهدف القرار البناء على ما تحقق من نجاح خلال عام 2023، تزامناً مع "يوم البيئة الوطني" في دولة الإمارات.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في تدوينة سابقة على منصة "إكس": أن "حماية البيئة وصيانة الموارد أولوية أساسية ضمن نهج الاستدامة الراسخ في الإمارات، ومسؤولية جماعية لكل أفراد المجتمع".
وأضاف: "نجدد عزمنا على مواصلة العمل مع مختلف دول العالم، للتصدي للمخاطر التي تواجه البيئة والبناء على اتفاق الإمارات التاريخي، الناتج عن مؤتمر (COP28)، من أجل مستقبل أفضل للبشرية".
وتؤكد دولة الإمارات دوما التزامها بتحقيق مستقبل مزدهر ومستدام للجميع.
وقد نجحت حملة مبادرة "عام الاستدامة"، خلال عام 2023، في تعزيز الوعي بقيم الاستدامة في دولة الإمارات، وشجعت على تغيير السلوكيات وإلهام العمل الجماعي للتقدم نحو تحقيق مبادئ الاستدامة.
وخلال العام الجاري تواصل مبادرة "عام الاستدامة" دعوة كل من يعتبر دولة الإمارات وطناً له إلى إثراء الجهود الجماعية لتطبيق ممارسات مستدامة، من خلال مجموعة من المبادرات والأنشطة المجتمعية.
مشروع "حفظ النعمة"
أسهمت مبادرات "عام الاستدامة" في تراجع إسراف وهدر الطعام بنسبة تراوح بين 20% و30%، لتصل إلى نحو 7 مليارات درهم سنوياً، بعد أن كانت تزيد على 10 مليارات درهم في السنوات السابقة.
ويؤكد مدير عام مشروع "حفظ النعمة" في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي سلطان الشحي أن مبادرات عام الاستدامة وCOP28 أسهما بشكل كبير في تراجع نسب الهدر منذ بداية العام الجاري، بفضل تعزيز ثقافة الاستهلاك والحد من الهدر، لتتراجع هذه المعدلات إلى أدنى مستوياتها بنهاية العام الجاري.
وأشار الشحي إلى أن نحو 30% من الطعام المهدر يكون في شهر رمضان فقط، موضحاً أن بقاء هذه النسبة عند هذا الحد يعود بشكل أساسي إلى الزيادة السكانية التي تشهدها الدولة عاماً بعد عام، مشدداً على ضرورة انتقال أفراد المجتمع إلى ثقافة التدبير، بدلاً من التبذير.
المشروع في سطور:
- انطلق المشروع عام 2004، كمبادرة إنسانية تحت إشراف هيئة الهلال الأحمر الإماراتي
- يتفاعل المشروع ضمن مبادرات "عام الاستدامة" ساعيا لمكافحة هدر الطعام في المجتمع
- يعتمد عددا من برامج التوعية، والمبادرات والورش التثقيفية التوعوية حول التقليل من الاستهلاك الجائر للطعام.
- تشمل جهود المشروع المناهج الدراسية، من خلال التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، لتضمينها في المناهج الدراسية، بهدف ترسيخ ثقافة الحفاظ على النعمة في أذهان الأطفال منذ الصغر.
- يدخل في إطار برامج هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أنماط الحياة الإيجابية، وبرنامج سلامة البيئة.
- يركز ضمن أهدافه على تعزيز السلوك الاسترشادي، والتوعية بمخاطر الأمراض التي قد تنتج عن اتباع أساليب غذائية سلبية، قد تكون ناتجة عن الإسراف والمبالغة في الغذاء.
ويشير مدير المشروع إلى تطبيق إجراءات جديدة، لتحقيق الاستفادة القصوى من كميات الطعام المهدرة، تقوم على ركيزتين رئيسيتين:
- الركيزة الأولى: إعادة تدوير متبقيات الطعام لتذهب إلى الأسر المتعففة، كما هو مطبق بالفعل منذ سنوات
- الركيزة الثانية: أن يستفاد من الأغذية غير الصالحة للاستخدام في صناعة أسمدة النباتات وطعام الحيوانات.
مشروع بنك الإمارات للطعام
تأسس في يناير/كانون الثاني 2017، كمؤسسة غير ربحية، تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم في دبي.
يقوم بجمع فائض الطعام من الفنادق والمطاعم وأسواق بيع منتجات الأغذية ومحلات السوبرماركت والمزارع وغيرها، ويوزعها على المحتاجين داخل دولة الإمارات وخارجها بالتعاون مع شبكة من المؤسسات الإنسانية والخيرية المحلية والدولية.
ويشكّل البنك منظومة إنسانية واجتماعية واقتصادية وحضارية متكاملة لإطعام الطعام، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
أهداف البنك:
- تقليص كميات الطعام المهدرة
- الوصول إلى أكبر عدد من المحتاجين داخل دولة الإمارات وخارجها من خلال مراكز وفروع بنك الإمارات للطعام
- ترسيخ قيم العطاء والمسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي فردياً ومؤسسياً، من خلال عقد شراكات مستدامة مع المؤسسات المعنية بقطاع الفنادق والضيافة وإنتاج وبيع الأغذية في دولة الإمارات.
- تكريس قيم الاستدامة من خلال تطوير وعي مجتمعي بأهمية المحافظة على مواردنا من الاستنزاف.
نشاط خاص في رمضان
تعد مبادرات البنك خلال شهر رمضان انعكاساً لغايته السامية كمنظومة إنسانية تعلي من قيمة إطعام الطعام، وتجسيداً حقيقياً لقيم الإنسانية والخير والعطاء في دولة الإمارات، ورؤيتها لتحقيق الاستدامة في المجالات كافة.
ويسعى بنك الإمارات للطعام عبر نشاطاته ومبادراته إلى نشر هذه القيم وترسيخها عالمياً، من خلال رؤيته ورسالته في تخطيط وضمان إدارة فائض الطعام، وتسليمه للمستفيدين محلياً وعالمياً، والحد من هدره.
ولفتت منال بن يعروف المسؤولة البارزة في بنك الإمارات للطعام إلى أن البنك حقق نتائج مميزة خلال العام الماضي، حيث وصلت كمية الأغذية التي استُلمت إلى أكثر من 11 مليون وجبة، جرى توزيعها في الإمارات وخارجها على أكثر من 11 مليون فرد، ونجح البنك في استغلال كمية فائض طعام بما يقارب 10 ملايين وجبة، وعقد 31 اتفاقية شراكة جديدة.
وأضافت في تصريحات لصحف محلية أن أنشطة رمضان بشكل خاص تعزز جهود التعاون لتسهيل واستلام الطعام من المطاعم والفنادق ومتعهّدي الطعام وقطاع الضيافة، وإعادة توجيه الفائض منه إلى الفئات المحتاجة، والإسهام بالتوعية المجتمعية وأهمية التبرع بالفائض من الطعام لإعادة توزيعه أو إعادة تدوير المخلفات الغذائية.
وتمكن البنك، حسب بن يعروف، من تعزيز المسؤولية المجتمعية والعمل التطوعي، بعد أن وصل عدد المتطوعين في مبادراته إلى 1079 متطوعاً، فيما بلغ عدد الشركاء المساهمين 18 جمعية خيرية، و163 متبرعاً، إضافةً إلى تنفيذ 1080 زيارة تفتيشية على 45 ثلاجة، وتنفيذ 52 برنامجاً وورشة.
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA= جزيرة ام اند امز