كارثة مناخية.. العالم يفقد أشجار المانغروف بسرعة مذهلة
أدرك البشر أهمية أشجار المانغروف منذ زمن طويل. مع ذلك، هناك بعض المناطق التي تفقد هذه الأشجار بكثافة عالية، وهو ما يسبب ضررًا واسعًا.
تنحدر أشجار المانغروف من الغابات المطيرة في أواخر العصر الطباشيري، وظهرت على طول شواطئ بحر "تيثس"، وهو بحر كان موجودًا في قديم الزمان، يفصل بين قارة "غندوانا" في الجنوب وقارات الشمال، لكنه اختفى بعد ذلك؛ نتيجة حركة الصفائح التكتونية، ومعها حركة القارات.
هذا يعني أنّ أشجار المانغروف ظهرت على الأرض منذ زمن بعيد، تغير خلاله مناخ الأرض مرات كثيرة، وكانت شاهدة على التقلبات المناخية المفاجئة والتحولات الحاصلة في النظام المناخي للأرض في أثناء الانتقال من العصر الجليدي الأخير إلى العصر الجليدي الحالي.
وبقاء أشجار المانغروف حتى اليوم يعني أنها مرنة وقادرة على التكيف مع الظروف المناخية المختلفة، ما أثار اهتمام البشر بها، وراحوا يدرسونها، ووجدوا فيها أملًا يساعدهم على التكيف مع التغيرات المناخية التي يشهدها البشر في عصرنا الحالي.
مهمة مناخيًا
تُغطي أشجار المانغروف 0.1% من مساحة اليابسة وتلعب دورًا مهمًا في التكيف مع التغيرات المناخية، وذلك من خلال:
1- تخزين الكربون
تتمتع أشجار المانغروف بقدرة هائلة على تخزين كميات كبيرة من الكربون من الغلاف الجوي في أوراقها أو فروعها أو جذورها لآلاف السنين.
2- الحد من تأثير التغيرات المناخية
تتواتر الأحداث الطقسية المتطرفة مع التغيرات المناخية، مثل العواصف والفيضانات. وتتمتع جذوعها بقدرة مذهلة على امتصاص تأثيرات الأمواج الشديدة، ما يجعلها خط دفاع فعّال ضد تأثيرات التغيرات المناخية.
3- حماية من الانقراض
يعتمد أكثر من 1500 نوع من الحيوانات على أشجار المانغروف في الغذاء؛ للبقاء على قيد الحياة. هناك 15% من تلك الأنواع مهدد بالانقراض. ما يجعل الاهتمام بأشجار المانغروف أمرًا مهمًا في الحفاظ على الموائل الطبيعية لتلك الأنواع.
4- تعزيز الأمن الغذائي
تدعم أشجار المانغروف الأسماك الصغيرة، كما أنها أيضاً موطن لنحل العسل، وغيرها من الكائنات التي يعتمد عليها الإنسان كمصدر من مصادر الغذاء.
تدهور!
تتوقع دراسة حديثة تدهور مخزون الكربون في غابات المانغروف بنسبة 50000% بحلول نهاية القرن؛ نتيجة الأنشطة البشرية في المناطق التي تغطيها أشجار المانغروف، والتي يترتب عليها إزالة الأشجار في مقابل الزراعة وتربية الأحياء المائية. وقد تسببت هذه الأنشطة في انخفاض المخزون العالمي من الكربون، وإطلاق ما يصل إلى 158.4 مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. ونشر الباحثون ما توصلوا إليه في دورية «إنفيرونمنتل ريسرش ليترز» (Environmental Research Letters) في 22 فبراير/شباط 2024.
يأتي ذلك في ظل زيادة الكثافة السكانية، التي تزيد احتياجات البشر للموارد، ما يدفعهم للتخلص من غابات المانغروف في مقابل تعزيز أنشطتهم التي يسعون من خلالها لتأمين الغذاء. وأظهرت النتائج أنه عندما تصل الكثافة السكانية إلى 300 فرد لكل كيلومتر مربع، تقل كمية الكربون المخزنة في الغابات الموجودة، بجوار تلك المناطق السكنية بمقدار 37%، مقارنة بالكمية المخزنة في الغابات المعزولة.
ووجد الباحثون أن المعدل السنوي لانبعاثات الكربون الناجمة عن فقدان أشجار المانغروف تُقدر بـ7 تيراغرام سنويًا، ويتوقعون أن تزداد هذه الكمية بحلول نهاية القرن تماشيًا مع الزيادة السكانية إلى 3392 تيراغرام. علمًا بأنّ التيراغرام يعادل 1000000000000 جرام. وهي كمية كبيرة جدًا.
وتكشف هذه الدراسة عن أهمية غابات المانغروف في تخزين كميات هائلة من الكربون وحماية البشر من آثار التغير المناخي، الأمر الذي يجب أخذه في الاعتبار. وبالفعل هناك استجابات من بعض الحكومات، وقد وأطلقت بعضها مبادرات للحفاظ على أشجار المانغروف وزراعتها، لكن تبقى بعض المناطق في العالم لا يعبأ سكانها بأهمية تلك الأشجار، ما يضعها في خطر.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز