بالفيديو: محمود التهامي .. الإنشاد سلاح ضد التطرف
أن تملك سلاحًا، وتوجهه ضد المُتطرف، فيهُزم دون أن تشاركه الجُرم، هذا قد يكون مستحيلًا إلا إذا كانت رسالتك هي الأقوى..
أن تملك سلاحًا، وتوجهه ضد المُتطرف، فيهُزم دون أن تشاركه الجُرم، هذا قد يكون مستحيلًا إلا إذا كانت رسالتك هي الأقوى.. هذا ما حدث مع المنشد الديني المصري الشيخ محمود التهامي، نجل المنشد المخضرم ياسين التهامي، الذي نجح في أن يجعل من فن الإنشاد الديني سلاحًا ضد العنف والتطرف.
ومع تعالي موجة الإرهاب التي يشهدها العالم، وجد التهامي نفسه، مسؤولًا عن الخروج بفن الإنشاد للعالمية، فلا يكون قاصرًا على المسلمين ممن يهدفون بسماعه مدح النبي والتقرب إليه ولآل بيته، فقرر تحقيق حلمه الذي راوده منذ سنوات، وهو الوصول بفن الإنشاد الديني للناس أجمعين، كما بعث دينه برسالة سلام للعالمين.
الإنشاد الديني.. رسالة تسامح
وعلى أعتاب غرفة ارتصت بها الأدوات الموسيقية جنبًا إلى جنب مجموعة أسطوانات تحمل بداخلها موسيقى لعدة فنون غربية، جلس الشاب الأربعيني أمام البيانو، حتى هيأ للحضور أنه سيعزف مقطوعة غربية، فيفاجأ الجميع بعزف لحن البُردة المعتاد لكن هذه المرة يشاركه 5 منشدين غيره حول العالم، في رسالة سامية، يصفها محمود التهامي بأنها رسالة السماحة ضد الإرهاب.
"في الفترة الأخيرة عاكفين على لحن البردة الشهير مولاي صلي وسلم دائما ابدا على حبيبك خير الخلق كله، من خلال إعادة إنتاجه بمشاركات دولية حول العالم.. من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا.. وسنخرجه للنور نهاية رمضان الحالي"، هكذا يقول محمود التهامي لبوابة "العين" الإخبارية.
ويضيف التهامي: من خلال الدراسة الإنشادية، اكتشفنا أن علوم الإنشاد الديني ليست قاصرة فقط على المدح الشريف والحب الإلهي لكنها تشمل على كل ما تخص الإنسانيات، فجميع الموسيقى العالمية والأوروبية لها أساس من الإنشاد الديني، حيث أخذوا الموروثات العربية وطوروها بفكر حديث.
وعن مهمة التهامي، الذي يشغل منصب نقيب المنشدين بمصر، يقول: نحاول أن نعيد الإنشاد الديني للصدارة مرة أخرى، عندما أسسنا أول نقابة للإنشاد الديني في الوطن العربي بمصر، وأسسنا مدارس وقمنا بتخريج ما يزيد عن 300 منشد من الشباب والشبات.
وحول رسالة الإنشاد الديني للعالم، يوضح التهامي: نتناول في الإنشاد الديني علاقته بالأديان الأخرى والرسالات السماوية الأخرى.. وندعو إلى السماحة ونبذ العنف والروحانيات، قبل أن يضيف: نصلي على النبي ونمدح ليرى العالم مدى قبول الإسلام وثقافته للآخر.. فنحن دعاة سلام.
يقطع التهامي حديثه ليشدو بأبيات لمحي الدين بن عربي (أشهر الفلاسفة المتصوفين بالأندلس 1165-1240) يقول فيها: "لقد صار قلبي قابلا كل صورة.. فمرعى لغزلان ودير لرهبان.. وبيت لأوثان وكعبة طائف.. وألواح توراة ومصحف قرآن.. أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني".
فن الإنشاد.. الرحلة إلى العالمية
ويتابع التهامي: من هنا بدأنا رحلتنا للعالمية.. والتي تتبلور من خلال قبولنا لكل الدعوات من جميع الثقافات.. وصلتنا دعوات من كنائس أوروبية ولبينا الدعوة وذهبنا في عقر الكنيسة المسيحية والإنجيلية والكاثوليكية وأنشدنا وصلينا على النبي ومدحناه.
يروي المنشد الديني رحلته إلى العالمية، بقوله: الموسيقى في الزمن القديم كانت غربية وشرقية، ثم تطورت الغربية إلى راب وبوب وهاوس وروك وغيرها، كذلك الموسيقى العربية تطورت إلى صعيدي ومكسوم وخليجي، وبالتالي كان لزامًا علينا تطويرها من أجل المستمعين في تلك الأوساط.
ويكمل التهامي الذي يمسك بيده مجموعة من الموسيقى: منذ ظهور أسطوانات الباك اب ونحن مهتمون بثقافات الشعوب.. كل موسيقى عالمية جديدة كنا نسمعها بالتزامن مع مراجعة الثقافات الأخرى من خلال أصول الموسيقى الأوروبية، ونبحث ما الذي أخذه الإنشاد الديني منها والعكس.
يدلل المنشد المصري على المزج بين الثقافات، بقوله: لدينا مثلًا الموسيقى المكسيكية التي تأثرت كثيرًا بالموسيقى الإفريقية التي نزحت منها الموسيقى المصرية، وبدأنا من وقتها نبحث كيف كانوا يستمعون للموسيقى المصرية في لندن، وكيف تأثروا بالموسيقى العربية والشرقية، كذلك الموسيقى الصينية وعلاقتها بالسلم الخماسي في النوبة.
ويكمل مثالًا آخر بقوله: هناك أيضًا موسيقى الهنود الحمر عندما نسمعها نجد الطبيعة تتحدث، كأن مخلوقات الله جميعها تعبد الله من خلالها.. فلها علاقة كبيرة جدا بعلاقة الآلات الموسيقية الطبيعية بعبادة الله والدعوة للسلام النفسي والروحي.
من يسمع للإنشاد الديني؟
"من يسمع للإنشاد الديني"، سؤال وجده التهامي صعبًا، لكنه قال لبوابة "العين" الإخبارية: "رغم أنه لا يمكنني تحديد فئة بعينها تسمع للإنشاد الديني، لكن عندما أسافر للخارج أجد الناس حريصة على سماع موسيقانا وكذلك أناشيدنا الدينية، هم يرون أن هناك علاقة بين موسيقانا وموسيقاهم دون أن يفهموا هذه العلاقة على وجه الدقة".
يضيف التهامي: "الإنشاد الديني هو الفن الوحيد الذي يستطيع توصيف المنظومة الفنية في إطار فني يلتقي فيه جميع الشعوب العالمية في فن موحد وهو عبادة الله والدعوة إلى الروحيات والأديان السماوية السامية.".