اغتصاب محتجات واعتقال أجانب.. تقرير صادم عن الأوضاع بإيران
قدم تحقيق استقصائي "صورة قاتمة" لما يحدث في إيران من اعتقالات للأجانب واغتصاب للمحتجين المعتقلين داخل السجون.
ويتزامن الكشف عن حالات اغتصاب طالت شبابا وشابات مع تأكيد القضاء الإيراني اليوم الثلاثاء اعتقال 40 من جنسيات أجنبية في الاحتجاجات، بينما تجاوز عدد القتلى 400 شخص.
وكشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أنه "بعد تحقيق دام شهرين، ناقشت خلالها الاحتجاجات والاعتقالات في إيران في تقرير استقصائي تبين لها أن "الفتيان والفتيات المعتقلين في إيران يتعرضون للعنف الجنسي وفي بعض الحالات يتعرضون للاغتصاب في السجون".
وأشار التقرير الذي نشره موقع إذاعة "صوت أمريكا" بالنسخة الفارسية، إلى أنه "بالاعتماد على مقابلات مع أشخاص وتقارير ووثائق وصور جمعتها، فإنه "في إحدى هذه الحالات تسبب الاغتصاب الذي وقع في إصابات خطيرة".
وأضاف: "وفي حالة أخرى، تم تسجيل اغتصاب طفل قاصر والتحقق منه"، مشيرة إلى أن "جهاز الأمن صور الاعتداء الجنسي".
وأضاف هذا التقرير أن الحكومة الإيرانية أغلقت أبواب البلاد أمام الصحفيين الأجانب، وقطعت الإنترنت، وقمعت أصوات المعارضة باعتقالات جماعية، ومع اشتداد القمع ساد الخوف في إيران.
شهادة "هانا"
وقالت امرأة كردية إيرانية، تستخدم سي إن إن اسمها "هانا" حفاظًا على سلامتها، إنها شهدت على حد سواء وتعرضت للعنف الجنسي في أثناء الاحتجاز.
وأضافت هانا: "كانت هناك فتيات تعرضن للاعتداء الجنسي ثم انتقلن إلى مدن أخرى، إنهن يخشين التحدث عن هذه الأشياء".
وأمضت هانا 24 ساعة في مركز الاعتقال في مدينة أرومية الواقعة شمال غرب إيران، حيث تقول: إن "من بين ثلاثين إلى أربعين امرأة أخرى" كان هناك أيضًا بعض الصبية.
وأوضحت أن هؤلاء الصبية الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عامًا تم اعتقالهم جميعًا في أثناء الاحتجاجات.
وبحسب المرأة الإيرانية، "فقد تعرض الصبيان للضرب المبرح، لكن الفتيات تعرضن للضرب المبرح ثم قام عملاء بتعريضهن للاعتداء الجنسي".
وذكرت أن هناك "قاعة رئيسية وغرفة استجواب خاصة" في مركز الاحتجاز بمدينة أرومية الذي يضم أحد أخطر السجون في إيران، مبينة "أن أحد الضباط أخذ فتاة جميلة بمفردها إلى تلك الغرفة واعتدى عليها جنسياً".
وكتبت شبكة سي إن إن، نقلاً عن مصادر مطلعة تحدثت مع الضحايا، أن "عملاء إيرانيين قاموا بتسجيل فيديو لبعض مشاهد العنف الجنسي وحولوه إلى أداة لابتزاز المحتجين وإسكاتهم".
مأساة أرميتا
ومن بين أمور أخرى، يتعامل هذا التقرير مع قضية فتاة تبلغ من العمر 20 عامًا تدعى أرميتا عباسي من سكان مدينة كرج الواقعة جنوب غرب طهران، والتي تم اعتقالها بسبب كتاباتها الاحتجاجية "ضد النظام الإيراني على وسائل التواصل الاجتماعي".
وادعت الحكومة الإيرانية في إعلان أنها إحدى "قادة" الاحتجاجات واكتشفت الشرطة "10 زجاجات حارقة" في شقتها.
وأضاف التقرير الأمريكي "أنه يبدو من هذا الإعلان أن القضاء الإيراني أراد عقوبة شديدة لهذه الفتاة العشرينية، لكن هذا الإعلان كان يهدف أيضًا إلى نفي الوثائق التي تم الكشف عنها على إنستغرام وتبرئ الفتاة، مما أثار ضجة".
وبحسب شبكة سي إن إن، فإن هذه الوثائق تتضمن "محادثات بين أطباء على خدمة الرسائل الخاصة على إنستجرام" وتشير إلى أن قوات الأمن الإيرانية عرّضت السيدة عباسي للتعذيب والعنف الجنسي.
وفقًا للوثائق المسربة من مستشفى الإمام علي في مدينة كرج، تم نقل الفتاة أرميتا عباسي إلى هذا المستشفى في 17 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع ضباط يرتدون ملابس مدنية بينما كانت تحلق شعرها وترتجف بشدة من الخوف.
وتحدث الأطباء في "محادثاتهم المكشوفة" عن الرعب الذي شعروا به عندما رأوا علامات الاغتصاب.
وأكد مصدر مطلع في "مستشفى الإمام علي" صحة هذه الوثائق في مقابلة مع الشبكة الأمريكية، مبيناً أن "أرميتا عباسي محتجزة حاليا في سجن فرديس بمدينة كرج وأنها لم تتمكن من التحدث معه أو مع أفراد أسرته".
وجاءت معظم تقارير العنف الجنسي التي غطتها سي إن إن منذ الاحتجاجات على مقتل مهسا أميني من غرب البلاد، حيث تقطن أجزاء كبيرة من المنطقة غالبية كردية.
كما يعكس هذا التقرير قصص فتاة أخرى اعتقلت خلال الاحتجاجات، وذكر أنها تعرضت للعنف الجنسي في أثناء اعتقالها، وبعد أيام قليلة تمكنت من الفرار من البلاد عبر الحدود الإيرانية العراقية.
وفي نفس الوقت مع الاعتقال الجماعي للمتظاهرين من قبل السلطات، وتعتيم وسائل الإعلام، ازداد أيضًا حجم العنف الجنسي من قبل الحكومة.
وتأتي هذه التقارير فيما تلتزم السلطات الإيرانية حالة من التعتيم على عدد القتلى والمعتقلين والجرحى في صفوف المتظاهرين.
وبحسب منظمة "هرانا" الإيرانية لحقوق الإنسان، بلغ عدد القتلى المتظاهرين منذ منتصف سبتمبر/أيلول الماضي وحتى أمس الإثنين، 434 شخصاً بينهم 60 من هؤلاء الضحايا كانوا من الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
اعتقال أجانب
المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية، مسعود ستايشي، تجاهل بدوره اليوم الثلاثاء، التقرير الذي أوردته محطة سي إن إن عن اغتصاب بعض المتظاهرين المعتقلين، رغم عدم قدرة الصحفيين وجرأتهم على سؤاله.
وكشف ستاشي خلال مؤتمره الصحفي الأسبوعي الذي تابعته مراسلة "العين الإخبارية" في طهران، عن "اعتقال 40 أجنبيًا في أعمال الشغب الأخيرة (الاحتجاجات) من بينهم جاسوسان فرنسيان"، مضيفاً أن "قضية جاسوسين فرنسيين في مرحلة إعلان النتيجة النهائية (الحكم)".
وقال إنه "يجرى النظر في قضية الرعايا الأجانب الذين شاركوا في الاضطرابات وكانوا أيضا حاضرين في الشوارع"، مشيراً إلى أنه "سيتم التعامل مع الذين تم إلقاء القبض عليهم وفقًا للقوانين الداخلية الإيرانية".
ولم يكشف المتحدث باسم القضاء الإيراني عن جنسيات المعتقلين، لكن دولاً أوروبية من بينها فرنسا والسويد وإسبانيا وألمانيا وغيرها أكدت في وقت سابق اعتقال عدد من رعاياها من قبل السلطات الإيرانية.
وفي شأن آخر، أشار ستايشي عن إصدار 1118 لائحة اتهام تتعلق بالاحتجاجات في طهران، مبيناً أنه "ستتم المحاكمات وفق جدول محدد".
وأطلق المتحدث باسم القضاء الإيراني تهديدات ضد المتظاهرين الذين وصفهم بـ"الإرهابيين"، زاعماً أن "هؤلاء الإرهابيين يحملون أسلحة وسكاكين ويظهرون في الشوارع لقتل الناس ورجال الأمن وإرعابهم".
وقال "قتل العزل وحراس الأمن وقتل شباب هذه الأمة بالسكاكين والسواطير والأسلحة النارية في الشوارع يظهر مخططا شريرا سيتم صده، وسنقوم بواجبنا دون التخلي عن الحق في الأمن وسنعاقب الإرهابيين في أي حالة".
كما تحدث ستايشي عن قضية اعتقال الناشطة والصحفية "إلهام أفكاري" التي اعتقلها جهاز الاستخبارات الإيراني في 10 من نوفمبر/تشرين الثاني بمدينة شيراز جنوب إيران، بذريعة التواصل مع قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة التي تبث من لندن.
وأضاف ستايشي: "بحسب تقاريرنا، استخدمت السيدة إلهام أفكري اسم شقيقها، وقامت باستفزاز بعض الموهوبين ورافقتهم في بعض التجمعات في شيراز".
وعن التهم الموجهة إليها، أوضح أن "اتهامات إلهام أفكاري هي التحريض والتواطؤ مع جهات خارجية بقصد العمل ضد أمن البلاد، وتم توضيح التهم الموجهة إليها".
وأكد ستايشي إطلاق سراح 100 شخص على صلة بالاحتجاجات التي وقعت في محافظة سيستان وبلوشستان في الفترة الأخيرة.
ولم يتطرق المتحدث باسم القضاء الإيراني إلى عدد القتلى في هذه المحافظة التي تحتل الصدارة في عدد المحافظات التي قدمت قتلى في الاحتجاجات الحالية بأكثر من 130 قتيلاً، وفق منظمة "رصد بلوشستان".
وأضاف ستايشي أن "عمليات الإفراج عن 100 معتقل في سيستان وبلوشستان جاءت بعد زيارة لمبعوث المرشد علي خامنئي إلى هذه المحافظات للوقوف على طبيعة الأحداث فيها".
فيما تتواصل عملية اعتقال المتظاهرين والناشطين الإيرانيين، أعلن القضاء قبل يومين، حكمًا آخر بالإعدام بحق أحد معتقلي الأحداث الأخيرة.
وفي الأيام الأخيرة، حُكم بالإعدام على العديد من الأشخاص الذين قُبض عليهم في الأحداث الأخيرة.
وتصف مؤسسات حقوق الإنسان القضاء في إيران بأنه "جزء من جهاز قمع النظام"، وتعتبر مثل هذه الأحكام "تفتقر إلى أي شرعية قضائية".