العنف الطائفي يمزق أفريقيا الوسطى مجددا.. "حرب سوداء" بفارق عقد
رؤوس مفصولة عن أجسادها تتدلى أمام أكواخ بمحيط بانغي عاصمة أفريقيا الوسطى وسط ألسنة لهب تنازع رمقها الأخير وتشي بفظاعة ما شهده المكان.
هكذا بدا المشهد في العديد من قرى البلد الأفريقي الغارق منذ 2013 في نزاع طائفي دام، هدأت وتيرته نسبيا بالسنوات الأخيرة، قبل أن يطل في دورة جديدة.
"حرب سوداء" كما يسميها ناشطون محليون، ممن يوجهون أصابع الاتهام لمليشيات "أنتي بالاكا" المسيحية و"سيليكا" المسلمة بدفع البلاد نحو أتون الحرب الطائفية.
أعمال عنف تسفر يوميا عن مقتل العشرات وتشريد المئات، واختطاف الأطفال وتجنيدهم بصفوف الجماعات المسلحة، واستخدامهم دروعا بشرية عند الحاجة.
مخاوف أممية
من أفريقيا الوسطى إلى جنيف السويسرية، انتقل ملف حقوق الإنسان بالبلد الأفريقي، ليتصدر أجندة اجتماع أعرب خلاله مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، النمساوي فولكر تورك، عن مخاوفه من زيادة العنف ضد السكان.

وخلال الاجتماع الرفيع الذي حضره وزير العدل وحقوق الإنسان والحكم الرشيد بأفريقيا الوسطى، أرنو دجوباي أبازين، دعا المسؤول الأممي جميع الأطراف إلى وضع حد للفظائع المرتكبة ضد المدنيين بالبلد الأفريقي.
وقال إنه "من النادر أن يتجاهل العالم هذا السجل حقوق الإنسان المثير للقلق.. يعيش شعب أفريقيا الوسطى واقعًا يوميا من اندلاع أعمال عنف لا يمكن التنبؤ بها، حيث يستخدم الخوف كسلاح وتعمق الصدمات الشديدة الناجمة عن سنوات من العنف".
في المقابل، أشاد تورك بجهود بانغي، بما في ذلك إنشاء فريق إداري جديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية.

لكنه قال إن أوجه القصور في نظام العدالة لا تزال قائمة، ولا يزال الإفلات من العقاب "واسع الانتشار".
ومن بين ملاحظاته أن محكمة الاستئناف بمدينة بامباري بواكا في أفريقيا الوسطى لم تبدأ جلساتها الجنائية.
الأطفال.. ناقوس خطر
سنوات الصراع أدخلت الأطفال بمعادلة المجموعات المسلحة في بلد يشكل الأطفال فيه دون 14 عاما نحو 40 بالمئة، معظمهم معرضون لخطر التسرب من المدارس، أو قتلوا أو شوهوا بطلقات نارية أو مخلفات متفجرات، أو مجندون سواء كانوا فتياناً أو فتيات.
وتحذر الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا، من هشاشة هذه الفئة، بالقول إن "الجماعات المسلحة تستخدم الأطفال لتضخيم صفوفها أثناء الاشتباكات".

من جانبه، جدد وزير العدل بأفريقيا الوسطى تأكيد رغبة الحكومة في ضمان حماية حقوق الأطفال ومكافحة تجنيدهم، مشيرًا إلى أنه منذ عام 2014، تم تكليف أكثر من 15 ألفًا بخدمات إعادة الإدماج.
ووثق قسم حقوق الإنسان بالبعثة الأممية بأفريقيا الوسطى (مينوسكا)، 1300 ضحية لحقوق الإنسان في الربع الأخير من عام 2022، أي أكثر من الضعف (534) مقارنة بالربع الأول من عام 2022.
وعانت جمهورية أفريقيا الوسطى من عنف طائفي منذ أن أطاحت حركة "سيليكا" بالرئيس المسيحي فرانسوا بوزيزي في مارس/ آذار 2013، لتدخل البلاد منذ ذلك الحين في صراع تخللته فظائع ومجازر.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMg جزيرة ام اند امز