الصراع والتوتر والخوف من الآخر يدفع -وبقوة- الدول إلى شراء السلاح والبضائع والخدمات من بوتين وترامب وماكرون وتشي.
تحولت مجموعة من العواصم العربية إلى ساحات مسلحة محتدمة لصراعات مؤلمة للغاية بين قوى إقليمية ودولية.
أصبحنا ببساطة: القاتل، والقتيل، والرصاصة في ذات الوقت.
خوف الكبار من اندلاع الحرب أن تنفلت الأمور وتصبح خارج السيطرة فتضطرهم الظروف إلى التدخل المباشر، وهنا يصبح السؤال: ومن سيدفع لهم فاتورة هذا التدخل خاصة أن اقتصاد العالم كله في حالة أزمة؟
والصراع ليس سياسياً فحسب، أو مذهبياً فقط، أو استراتيجياً على جغرافيا المنطقة لكنه صراع مصالح تساوي تريليونات.. نعم تريليونات دون مبالغة.
نحن نتحدث عن منطقة هي أكبر خزان للنفط لمدة مائة عام مقبلة على الأقل، ونحن نتحدث عن سواحل على البحر الأبيض المتوسط فيها أكبر خزان غاز تبدأ من اليونان إلى قبرص إلى سوريا إلى لبنان إلى فلسطين المحتلة إلى مصر إلى ليبيا.
نحن نتحدث عن سوق تشمل 370 مليوناً من القوى المستهلكة للمنتجات والسلع والخدمات.
نحن نتحدث عن غاز ونفط وكروم وفوسفات وسوق كبرى في الجزائر.
نحن نتحدث عن نفط وغاز وذهب وموانئ استراتيجية في ليبيا.
نحن نتحدث عن منطقة قرابة ثلثي سكانها تحت سن الثلاثين، تعيش ثورة الاتصالات بقوة أكثر من بعض العواصم الأوروبية في عدد أجهزة الهواتف ومستخدمي الإنترنت.
نحن أيضاً نتحدث عن سوق يضطر لشراء السلاح لتأمين نفسه داخل لعبة التصعيد المحتدمة في المنطقة.
التقارير تتحدث عن قيام السعودية بتجهيز صواريخ باليستية بمساعدة الصين.
وتقارير فرنسية تتحدث عن شراء الرياض زوارق طوربيد بـ500 مليون يورو.
والإمارات والسعودية أتمتا صفقات مع واشنطن بـ7 مليارات دولار.
وتركيا رفضت الباتريوت واختارت «إس 400» الروسية.
وقطر تسلمت أول دفعة من طائرات «الرافال».
والمشير حفتر ذهب لموسكو بحثاً عن صفقات سلاح روسي.
وإيران تحاول التحايل على شركات ألمانية لاستيراد قطع لصواريخها الباليستية، وتبحث في السوق الدولي عن وسطاء آمنين للحصول على سلاح صيني وكوري شمالي.
ومصر نبهت منذ أن أصبح المشير عبدالفتاح السيسي وزيراً للدفاع إلى هذه الرؤية الاستراتيجية وانتقلت إلى المركز التاسع في ترتيب كفاءة الجيوش من ناحية التسليح والقوات كي تكون جاهزة -دائماً- لتأمين حدودها والمنطقة.
إياكم أن تقعوا في خطأ التحليل بأن الصراع المحتدم الآن خال من المصالح أو لا تحركه أرقام حسابات بيع وشراء لكل شيء وأي شيء.
الصراع والتوتر والخوف من الآخر يدفع -وبقوة- الدول إلى شراء السلاح والبضائع والخدمات من بوتين وترامب وماكرون وتشي.
الجميع يستفيد من تدهور التدهور.
السؤال الآن: هل الأفضل من وجهة نظر كبار الباعة في العالم أن يحصلوا على عائد فاتورة شراء الأسلحة دون حرب أو العائد سيكون أكبر وأخطر إذا اندلعت -بالفعل- حرب إقليمية؟
خوف الكبار من اندلاع الحرب أن تنفلت الأمور وتصبح خارج السيطرة فتضطرهم الظروف إلى التدخل المباشر، وهنا يصبح السؤال: ومن سيدفع لهم فاتورة هذا التدخل خاصة، أن اقتصاد العالم كله في حالة أزمة وانكماش وهبوط في معدلات التنمية المعتادة؟
النفط، الغاز، السلاح، البضائع، الموانئ الاستراتيجية، القواعد العسكرية، قوى الاستهلاك هي ما يحرك الكبار.
نقلاً عن "الوطن" المصرية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة