بالوثائق.. السراج أهدر أموال ليبيا لحماية منصبه
بأموال الليبيين ومقدرات بلادهم خاضت حكومة الوفاق الحروب وأغدقت الأموال على المليشيات والمقربين دفاعا عن مناصب أعضائها.
بأموال الليبيين ومقدرات بلادهم خاضت حكومة الوفاق الليبية في طرابلس بقيادة فايز السراج، رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي، حربين متتاليتين (مع اللواء السابع مشاة، ثم الجيش الوطني الليبي)، أغدقت خلالهما الأموال على المليشيات والمحاسيب والمقربين، دفاعاً عن المناصب التي حازها أعضاء الحكومة المزعومة، متجاهلين كم الفساد الذي استشرى في مؤسساتهم لدرجة لم يعد من الممكن السيطرة عليها.
دعم المليشيات والتورط في أنشطة تهريب للبشر والوقود ولاستيلاء على مقدرات ليبيا في المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، هي نماذج من جرائم ارتكبتها حكومة الوفاق بالتوافق والاتفاق مع المسؤولين في مؤسسات الحكم من المحسوبين على التيارات المتشددة والإخوانية.
- رشاوى واختلاسات.. وثائق تثبت فسادا ماليا بحكومة الوفاق
- خبراء: السراج يهدر أموال الليبيين لاستجداء دعم سياسي لمليشياته
تكشفت هذه الحقائق بشكل سافر منذ إطلاق الجيش الوطني الليبي عملية "طوفان الكرامة" لتطهير العاصمة من المليشيات الإجرامية والجماعات الإرهابية في 4 أبريل/نيسان الماضي، وبحسب وثائق حصلت عليها "العين الإخبارية" أهدرت حكومة الوفاق مليارات الدينارات من أموال الليبيين لدعم المليشيات الضالعة في جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية.
ميزانية خاصة للمليشيات
بمجرد بدء عملية طوفان الكرامة حاول فايز السراج رئيس ما يعرف بالمجلس الرئاسي بطرابلس، توفير الدعم المالي الكامل اللازم لهذه المليشيات، فأمر في 9 أبريل/نيسان الماضي، ديوان المحاسبة والمصرف المركزي بطرابلس ووزارة مالية الوفاق باستصدار القرارين رقم 497 لسنة 2019 و498 لسنة 2019.
وينص القراران على تخصيص ملياري دينار ليبي (1.4 مليار دولار) لمعالجة ما وصفه بـ”الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد”، وتخصيص 400 مليون دينار (286 مليون دولار) لصالح مليشيات وزارة دفاع الوفاق التي يرأسها السراج لتغطية احتياجاتها في محاولة لمواجهة تقدم الجيش الليبي باتجاه طرابلس.
كما أصدر السراج القرار رقم 499 لسنة 2019 بتخصيص 84 مليون دينار (60 مليون دولار) لصالح وزارة الدفاع من ميزانية الطوارئ.
تمويل واستئجار المرتزقة
استغل السراج أموال الليبيين في تمويل واستئجار مرتزقة أجانب لدعم مليشياته في عدة مهام عسكرية بينها طلعات جوية تستهدف قصف المدنيين ومحاولة عرقلة تقدم الجيش الليبي.
تجلت هذه الحقيقة صباح الثلاثاء 8 مايو/أيار الماضي، حين أسقطت دفاعات الجيش الوطني الليبي طائرة من طراز "F1" كانت تغير على وحدات تابعة لـ"الجيش الوطني الليبي" بمحور الهيرة في طرابلس، وألقت القبض على الطيار، ليتبين أنه مرتزق أجنبي.
واعترف الطيار في التحقيقات الأولية بأنه يعمل في قاعدة مصراتة الجوية ويتقاضى شهرياً 100 ألف دولار، وأن القاعدة يعمل بها 3 طيارين من جنسيات أخرى، و9 أشخاص يمثلون (فنيي طائرات وصواريخ، وطيارين) برواتب تتراوح بين 10 آلاف إلى 20 ألف دولار في الشهر.
لم يقتصر الأمر على المرتزقة في سلاح الجو، بل استأجرت "الوفاق" مرتزقة تشاديون بمقابل مالي 3 آلاف دينار يومياً (ألفي دولار) لكل فرد تم تخفيضها لاحقاً إلى 1200 دينار يدفعها المليشياوي أسامة الجويلي.
استيراد السلاح التركي
تتوالى يومياً الفضائح التي تنكشف عن دعم تركيا لمليشيات الوفاق بشحنات أسلحة يتم ضبط بعضها قبل أن تصل إلى أيدي المجرمين والمتطرفين في حين تصل البقية إلى المليشيات.
ومن أبرز هذه الصفقات إرسال حكومة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سفينة "أمازون" التركية من ميناء سامسون التركي إلى طرابلس في 18 مايو/أيار الماضي، محملة بـ40 مدرعة تركية من نوع كيربي لصالح المليشيات.
كما أرسلت حكومة أردوغان 16 مايو/أيار، طائرة تركية من طراز أنتينوف قادمة من أنقرة وعلى متنها عدة طائرات بدون طيار.
ومن المستبعد أن تكون حكومة أردوغان -التي تعاني في هذه الفترة من أزمة مالية طاحنة تكاد تعصف باقتصادها- أرسلت هذه الأسلحة دون أن تسدد حكومة الوفاق فاتورة هذه الأسلحة من أموال الليبيين الذين يقفون بالمئات في طوابير أمام المصارف للحصول على مستحقاتهم، دون أن يجدوا السيولة اللازمة.
ترويج مدفوع لحكومة إرهابية
حاولت حكومة السراج تحسين صورتها الدولية للحصول على دعم للمليشيات ضد الجيش الوطني الليبي في العواصم الأوروبية والعربية، فقام السراج بجولتين مكوكيتين بائتاً بالفشل الذريع.
وزاد من فشل دبلوماسية السراج التقارب الأمريكي الواضح مع الجيش الوطني الليبي، خاصة بعد المكالمة الهاتفية بين القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
واضطر السراج بعد توالي هذه الإخفاقات إلى الاعتماد على إحدى شركات الضغط والعلاقات العامة النشطة في الولايات المتحدة تسمى ”ميويكوري" لتحسين صورته أمام إدارة ترامب.
ودفع السراج من خزائن البنك المركزي الليبي 150 ألف دولار شهرياً (107 آلاف دولار) من إجمالي عقد سنوي قيمته 1.8 مليون دولار من أجل هذا الاتفاق، وفق ما أعلنته صحيفة ”بوليتيكو” الأمريكية في 16 مايو/أيار الماضي.
دعم البلديات لاستجدائها
كما كشفت الوثائق المسربة أن حكومة السراج في 17 أبريل/نيسان الماضي، خصصت 100 مليون دينار ليبي (71.28 مليون دولار) للبلديات والمجالس المحلية واللجان التيسيرية في محيط معارك طرابلس من أجل ضمان ولائها.
وشملت هذه القائمة مدن (تاجوراء، وقصر بن غشير، وسواني بن آدم، والعزيزية، والعامرية، غريان، العربان، أبوسليم، عين زارة، السائح، اسبيعة، سوق الخميس، والعواتة والقرة بوللي، وطرابلس المركز، وجنزور).
واشتملت القائمة على مناطق تم تهجير المواطنين منها بقرارات رسمية من المنطقة الغربية العسكرية التابعة للوفاق بإمرة أسامة الجويلي، مثل منطقة العزيزية وضواحيها، ومناطق خرجت عن سيطرة المليشيات وخضعت بشكل كامل للجيش الليبي، بما يعني أن هذا التخصيص نوع من الالتفاف على القانون لسرقة أموال الليبيين.
الفساد في السفارات
تعدى الفساد في حكومة الوفاق جميع الخطوط المتعارف عليها، ليصل الأمر إلى الفساد المالي في السلك الدبلوماسي وعدد من سفارات ليبيا في دول العالم.
هذه الحقيقة كشفها ديوان المحاسبة الليبي في 14 مايو/أيار 2019، إذ قضى بإحالة أعضاء البعثة الدبلوماسية بالسفارة الليبية بألمانيا للتحقيق في تجاوزات مالية وعقود غير شرعية مع شركات طبية أجنبية.
وبحسب ديوان المحاسبة، فإن مقدار التلاعب المالي في سفارة ألمانيا وحدها تجاوز أكثر من 73 مليون يورو من وديعة الصحة بالسفارة.
وكشف ديوان المحاسبة أن القضية ضالع فيها عدد من الشخصيات النيابية وشخصيات وزارية ورجال أعمال ليبيون لهم علاقة مباشرة بالسفارة.
وبحسب مصدر من ديوان المحاسبة، فإن إجمالي المسروقات من السفارات الليبية والاختلاسات في ملفات الطلبة والجرحى والنازحين تجاوز 18 مليار يورو.
وكشف المصدر لـ"العين الإخبارية" أن نحو 213 موظفاً في السفارات الليبية متهمون بالعمالة والتزوير والسرقة والاحتيال، وجارٍ التجهيز لمحاكماتهم.
وأشار المصدر إلى أن نحو 6 سفارات قد تضطر إلى إغلاق أبوابها ونحو 132 مكتب ارتباط عسكرياً بمن فيها 16 مكتباً في الولايات المتحدة بشكل نهائي.
وقال المصدر إن عدداً كبيراً من السفارات سيتحول إلى مكتب ملحقية في سفارات دول أخرى، أو توفير خدماتها على شبكة الإنترنت.