المؤكد والثابت، أن عاصفة الحزم أجهضت أخطر سيناريو حرب رسمته ميليشيا الحوثي بدعم كامل من ملالي طهران
لا أعلم من أول من بصق استياءً في التاريخ، لكن لابد أنه كان مقهوراً وصادقاً في الرغبة بالتعبير عن شعوره، لذا خرج بهذه الطريقة العبقرية، التي تشبع حواسك الخمس بطريقة أسرع من قدرة ماكينات قطر الإعلامية وتابعيها اليمنيين على ضخ الكذب.
قد نتفهم حاجة النظام القطري الملاحق بتهم دعم وتمويل الإرهاب، لإثارة هذا الكم الهائل من الزوبعات الإعلامية -عبر منصة الجزيرة- حيال دور قوات التحالف العربي في اليمن، وبالأخص دور الإمارات في جزيرة سقطرى، لكن ما لا يمكن فهمه على الإطلاق، هو تمسك الدوحة بوظيفة الحبل السري الذي يغذي الكيانات الإرهابية في اليمن بالمال والسلاح.
المؤكد والثابت، أن عاصفة الحزم أجهضت أخطر سيناريو حرب رسمته ميليشيا الحوثي بدعم كامل من ملالي طهران، وليس جديداً القول إنه لولا التدخل العسكري المباشر لدول التحالف العربي، لكانت الطائرات الحربية الخردة، التي تفيدتها ميليشيا الحوثي بعد اجتياح صنعاء، تقصف عدن وتعز والحديدة بالبراميل المتفجرة.
ما سبق ليس كل شيء، فدور التحالف العربي، وبالأخص السعودية والإمارات، لم يقتصر على الجانب العسكري، فثمة جهد إنساني مواز للعمليات العسكرية على امتداد الخارطة اليمنية، وهو جهد أكبر من عناوين الصحف وبلاغة الكتَّاب.
وعند هذه النقطة تحديداً، يقفز سؤال إلى التبرج: ماذا قدمت قطر لليمن سواء وهي ما زالت عضواً في التحالف العربي، أو بعد ركلها خارج قوام التحالف؟.
الإجابة باختصار: لا شيء. صحيح أن أموالاً ضخمة تدفقت وتتدفق من بنوك الدوحة إلى اليمن بدون انقطاع، لكن، وهذا المهم، مصير هذه الأموال يكون في الغالب حصالات خاصة بشخصيات وكيانات ميليشاوية لا تتورع عن تقويض الدولة والشرعية، وهنا يكمن الفرق بين الإمارات وقطر.
حين يتعلق الأمر بدور الإمارات في اليمن، لا تسأل عن مهنية الجزيرة، فالجزيرة آلة إعلامية، تحركِّها شبكات الإسلام السياسي بكافة توجهاته، لوظائف ليس لها علاقة بوظائف الإعلام الملتزم، وإنما التحريض والتضليل وضخ الفبركات والمغالطات بنبرة حادة تعكس وعيهم الفاشي العميق
مثلا.. قبل قرار قيادة التحالف العربي إعفاء قطر من المشاركة، كانت المقاتلات الإماراتية تصطاد آليات ومسلحي ميليشيا الحوثي من ميدى في أقصى الشمال، إلى باب المندب في أقصى الجنوب الغربي، وتزوّد قوات الشرعية بالعتاد والسلاح، وكانت الطائرات المدنية تفرّغ شحنات المساعدات الإنسانية في المطارات اليمنية لإغاثة شعب دفعته المليشيا إلى حافة الجوع والشتات. على أن هذا المشهد الإنساني الإماراتي لم يتوقف حتى اللحظة.
على الطرف الآخر، كانت الدوحة تقدم المعلومات والدعم المالي لميليشيا الحوثي، وذلك بشهادة الكثير من اليمنيين.
مطلقاً لم تمد قطر يد المساعدة لليمن كدولة وشعب، ذلك أن الاستراتيجية القطرية الخبيثة في اليمن، ترتكز على تمويل خلايا شيطانية لتنفيذ مشاريع سامة تشيع الفوضى والخراب.
قطر قلقة على اليمن.. هذا جيد! لكن من ماذا؟.. تجيب الجزيرة بلسان الدوحة: من التحركات الإماراتية في سقطرى..! أما ما هي التحركات الإماراتية التي تبعث كل هذا القلق لدى قطر والإخوان على حد سواء؟، فهذا ما سأجيب عليه.
قطعا لم يضبط اليمنيون اليد الإماراتية متلبسة – في سقطرى أو غيرها من المناطق اليمن- بغير تقديم الرغيف للأسر اليمنية التي سلب المغول الجدد قوتها، وتقديم الدواء للمرضى المُنهكين بالفقر والأوبئة، وإيواء المشرّدين بالحرب، وترميم المدارس التي أحالتها القذائف الحوثية المجنونة إلى كومات ركام، وتأهيل مشاريع الصحة والكهرباء والتعليم في بلد تعيش غالبية سكانه خارج الحياة حتى في الظروف الطبيعة أو ظروف ما قبل الحرب.
لكن حين يتعلق الأمر بدور الإمارات في اليمن، لا تسأل عن مهنية الجزيرة، فالجزيرة آلة إعلامية ، تحركّها شبكات الإسلام السياسي بكافة توجهاته، لوظائف ليس لها علاقة بوظائف الإعلام الملتزم، وإنما التحريض والتضليل، وضخ الفبركات والمغالطات بنبرة حادة تعكس وعيهم الفاشي العميق.
ما كان ينبغي أن تنزلق ماكينات الإعلام الممولة قطرياً، إلى هذا المستوى المتدني من الانحدار المهني، فمهما كان منسوب الخلاف مع دول التحالف العربي، فإنه لا يبرر الاعتماد على جيوش إعلامية مترسنة بالحكايات المزورة لذبح الحقيقة والواقع.
على أن هذه المنظومة الإعلامية لم تكن يوماً على علاقة جيدة بالمهنية الصحفية، فأغلب الإرهابيين تم تسويقهم عبر قناة الجزيرة، ومخططات الفوضى في المنطقة نفثتها ومولتها قطر.
بيد أن ما يثير الشفقة والسخرية في آن، أن الجزيرة التي انتدبت نفسها لمجابهة ما تسميه في قاموسها الصحفي "المطامع الإماراتية في سقطرى"، أعلنت الحرب فعلاً على اليمن، وأصبحت مركزاً يصدر فوضى الخمينية بجانب الإخوانية، بداية من الهرولة إلى تغطية تحركات ميليشيا الحوثي، ونقل خطابات وكيل مسحوق التشيع شمال اليمن (عبد الملك الحوثي) على الهواء.
فالثابت الوحيد في اليمن، أن "الجزيرة" صارت كقناة "المسيرة" الحوثية، تحتقر العقل وتعتقد اليمنيين جهلة وحمقى، بالإمكان تحريكهم بالإشاعات والمغالطات.
ربما يجدر بالدوحة أن تدرك أن المواطن اليمني صار يحذر انفعالاتها الإعلامية تجاه دور التحالف العربي، دور الإمارات على وجه التحديد، تماماً كما يفعل مع ترهات حزب الإصلاح الإعلامية، لأنه ببساطة يعي أنها انفعالات ممتلئة بالسموم ومكتملة مع أعداء اليمن، وقطر تلعب دور المركز المنظم والممول.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة