إعادة إعمار غزة "محلك سر" وهذا هو السبب
بين اشتراطات إسرائيل والتجاذبات الفلسطينية، يتعثر ملف إعمار المنازل المدمرة في غزة بعد نحو 40 يومًا على وقف جولة التصعيد الأخيرة.
ففي حين تشترط إسرائيل خلال مفاوضاتها غير المباشرة مع حماس حل أزمة جنودها المفقودين بغزة، لإحداث حراك في ملف الإعمار، تدور خلافات أخرى بين السلطة الفلسطينية وحماس التي تسيطر على غزة حول من سيتولى المسؤولية عن الملف.
وقبل 10 أيام أعلنت الحكومة الفلسطينية، تشكيل 3 فرق لإعادة إعمار قطاع غزة، (وزاري، واستشاري، وفني) وأنها ستنسق عملها مع مكتب رئيس الوزراء.
وسرعان ما تبين أن بعض أعضاء الفريق الاستشاري عينوا دون استشارتهم ما دفع بعضهم للانسحاب، كما انسحب وكيل وزارة الأشغال بغزة ناجي سرحان من الفريق الفني، في تأكيد لموقف حماس الرافض لدور الحكومة الفلسطينية في ملف الإعمار.
تخبط تشكيل اللجان
الخبير الاقتصادي نائل موسى يعتبر أن تشكيل لجان الإعمار كان مطلبا للمانحين أن تكون مشمولة بعناصر من غزة والضفة لضمان ألاّ تذهب الأموال لحماس أو السلطة لكن ما كان أن هناك تخبطًا في تشكيل اللجان من الحكومة برئاسة محمد اشتية.
وقال موسى لـ"العين الإخبارية": "كان المطلوب أن تكون عناصر اللجان مهنية تتمتع بخبرة هندسية وقدرات فنية مميزة بالعمل في المشاريع الانشائية والإغاثية، وكذلك مطلوب الابتعاد عن الاستقطاب السياسي في تشكيل اللجان".
وحذر بأن التنازع بين السلطة وحماس حول اللجان وعملها سيؤخر الإعمار في غزة؛ لذلك من الضروري التنازل من حماس والسلطة حتى تنطلق عجلة الإعمار بقوة التمويل الخارجي.
ووفق أحدث حصيلة؛ دمرت إسرائيل 1200 وحدة سكنية كليًّا، و1000 وحدة أخرى لم تعد صالحة للسكن، إلى جانب إلحاق أضرار جزئية بـ 40 ألف وحدة أخرى خلال 11 يومًا من القصف على غزة خلال عملية حارس الأسوار في مايو الماضي.
مناكفات سياسية
ويذهب محمد أبو جياب، الخبير الاقتصادي إلى إعلان الحكومة إنشاء الفريق الوطني لإعمار غزة، محاولة لإظهار أن الفريق يشكل حالة تشاركية متنوعة وشاملة للجغرافيا والقطاع العام والخاص والمجتمع المدني، في فلسطين وخاصة من غزة.
ورأى أن الهدف من ذلك تمكين الحكومة من تحقيق صورة مستقرة أمام المجتمع الدولي والإقليمي، بأنها ومن خلال هذا الفريق هي الأكثر جدارة وتمثيل للشعب الفلسطيني فيما يتعلق بالإعمار، وتحظى بمشاركة وقبول مختلف الأطراف ذات العلاقة وبمشاركة المجتمع المحلي أيضاً.
وأشار إلى أن الفاحص والمدقق في تشكيلة هذا الفريق ومكوناته يعلم جيدا بأنها "تشكيلة شكلية هزيلة وضعيفة، تمكن وزراء الحكومة وعلى رأسهم وزير الأشغال المثير للجدل في غزة، من القرار والسيطرة على عملية إعادة الإعمار، وتضع الآخرين محل المستشارين والمعاونين والدعم الفني".
وذهب إلى أن "الهدف الكبير المراد تحقيقه منها هو ممارسة الضغط الدبلوماسي الناعم على الدول المانحة والعربية لتوجيه أموال إعادة الإعمار بشكل مباشر عبر خزينة الحكومة الفلسطينية بقيادة الدكتور اشتية، تحت غطاء ما أعلن عنه تحت مسمى "الفريق الوطني لإعادة الإعمار".
وأشار إلى أن الرفض المعلن بغزة لهذا الفريق وللطريقة والنهج الذي شُكل على أساسه، "يؤسس لمرحلة جديدة من المناكفات السياسية حول عملية إعادة الإعمار، لتتحول بذلك معاناة المواطنين الفلسطينيين في غزة لسلعة سياسية رخيصة بأيدي المتنفذين الطامحين للسيطرة والهيمنة على أموال المانحين".
وقال: "المطلوب فقط لجنة وطنية مستقلة مهنية متخصصة، مقر إقامتها وعملها وتواجدها في غزة، وإدارتها المالية والإدارية مستقلة تماماً عن الحكومة الفلسطينية في رام الله وفي غزة أيضاً، وتمتلك كامل الصلاحيات للاتصال بالمانحين عبر العالم".
ونبه إلى أن عدم استئناف عمل اللجان بعد أكثر من أسبوع من تشكيلها دليل وجود مشكلة وإذا استمرت المشكلة سيواجه الإعمار صعوبات تجاوزها يكون بتوافق سياسي بين مختلف الأطراف".
وتطالب الفصائل الفلسطينية في غزة بتشكيل مجلس وطني مستقل للإعمار في غزة لتجاوز أزمة التجاذبات السياسية.
رهان على مصر
وأكد نبيل أبو معيلق، نائب رئيس اتحاد المقاولين بغزة، عضو اللجنة الاستشارية للجنة الإعمار، أن اللجان المشكلة من الحكومة لم تعمل عمليا لغاية الآن لم تعمل.
وقال أبو معيلق لـ"العين الإخبارية" "كان اعتراض من الجهات الحكومية في غزة (حماس) على الآلية وعدم التشاور في تشكيل اللجان.. نحن ننتظر الاتفاق بين الطرفين ليسمح للجان بالعمل".
وشدد على ضرورة أن يكون هناك اتفاق وطني بين فتح وحماس، متمنيا من الإخوة المصريين التدخل السريع لإنهاء الإشكال بما للقاهرة من علاقات بالسلطة وحماس.
وقال: "مطلوب إدارة عقلانية من أجل إعادة إعمار منازل المواطنين والشركات والبنى التحتية"، مشيرًا إلى أن شركات المقاولات بغزة كثيرة وتمتلك عمال وفنيين ومهندسين خبراء للعمل بقوة لكن الشركات تنتظر الدعم الخارجي لانطلاق عجلة الإعمار.
ويراهن سكان غزة على الدور المصري لإنجاز ملف الإعمار، خاصة بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السياسي منحة بقيمة نصف مليار دولار لإعمار غزة، وإرسال معدات وفرق فنية وهندسية لإزالة ركام المنازل المدمرة.
ووفق مصادر فلسطينية؛ هناك لجنة مصرية برئاسة نائب رئيس جهاز المخابرات المصرية، تشكلت لمتابعة ملف إعمار غزة، بالتنسيق مع الأطراف المختلفة ولتنفيذ المنحة المصرية للإعمار.
aXA6IDMuMTM3LjE2Mi4yMSA= جزيرة ام اند امز