6.5 مليار دولار عجز الميزان التجاري التونسي في 2018 وسط تخبط اقتصادي
سجل الميزان التجاري التونسي عجزا تاريخيا بقيمة 6.5 مليار دولار وخبراء يؤكدون أن غياب رؤية واضحة للسياسات الاقتصادية وراء تفاقم الأزمة
سجل الميزان التجاري التونسي عجزا قياسيا، خلال العام الماضي 2018 عند 19.04 مليار دينار (6.5 مليار دولار)، وسط ما وصفه خبراء بحالة من غياب رؤية واضحة للسياسات الاقتصادية، وفشل الحكومات المتتالية في إيجاد الحلول اللازمة لإنقاذ الاقتصاد التونسي.
وبحسب بيانات المعهد التونسي للإحصاء (حكومي)، بلغ حجم عجز الميزان التجاري 19.04 مليار دينار (قرابة 6.5 مليار دولار)، مقابل 15.59 مليار دينار (قرابة 5.3 مليار دولار) في 2017، و12.6 مليار دينار (4.2 مليار دولار) في 2016.
وكشف المعهد أن أبرز الدول التي تفاقم معها عجز الميزان التجاري، كانت الصين بعجز قيمته 5,4 مليار دينار (1.8 مليار دولار) وإيطاليا 2,8 مليار دينار (950 مليون دولار) وتركيا بعجز 2,3 مليار دينار (780 مليون دولار) والجزائر 1,4 مليار دينار (470 مليون دولار) وروسيا 1,3 مليار دينار (440 مليون دولار).
وعزا المعهد التونسي للإحصاء تفاقم العجز إلى ارتفاع قيمة توريد المواد البترولية، في حين قال خبراء لـ"العين الإخبارية" إن العجز مرده إلى عجز الاقتصاد التونسي عن النمو بالشكل الكافي.
وقال منصف الشيخ روحه، أستاذ الاقتصاد بجامعة السوربون الفرنسية والعضو السابق في المجلس التأسيسي التونسي، إن العجز التجاري يتأتى من فشل الاقتصاد التونسي على تحقيق معدلات نمو كافية طيلة السنوات الثماني الماضية، مؤكداً أن ذلك مرده غياب رؤية واضحة للسياسات الاقتصادية وعدم قدرة الحكومات المتتالية على إيجاد الحلول اللازمة لإنقاذ الاقتصاد التونسي.
وبيّن أنه من الضروري اتباع خطة لترشيد الواردات، خصوصًا البضائع الاستهلاكية القادمة من تركيا وروسيا والصين، وأضاف أن البلاد بحاجة إلى إجراءات "طوارئ اقتصادية" عاجلة لتشجيع المؤسسات المصدرة.
ويرى الشيخ روحه أن أداء المؤسسات المصدرة في تونس "هش"، كما أنه لا يقدم عائدات لخزينة الدولة في ظل تبني الحكومة لنظام "التصدير الكلي" الذي تخضع بموجبه المؤسسات المصدرة لنظام المناطق الاقتصادية الحرة، وتحصل على امتيازات بينها الإعفاء الكلي من الضريبة على المداخيل والأرباح، خلال السنوات العشر الأولى من تاريخ الدخول في طور النشاط الفعلي.
وتابع: "بخلاف بطء نمو صادرات المنتوجات التونسية مثل زيت الزيتون والتمور، فإن إنتاج البلاد من الفوسفات الذي يعد ركيزة الاقتصاد التونسي تراجعت بشكل كبير خلال السنوات الثماني الماضية من 8.3 مليون طن سنوياً عام 2010 إلى 1.8 طن سنوياً عام 2018".
ويعاني إنتاج الفوسفات في تونس، رابع منتج عالمي لهذه المادة، تراجعاً إثر استمرار الاحتجاجات المعطلة للإنتاج، وفقاً لما أعلنته "فوسفات قفصة" الشركة الحكومية التي تحتكر عمليات الاستخراج، في نوفمبر الماضي.
وتابع أستاذ الاقتصاد بالسوربون :"هذا التراجع أثر على الميزان التجاري، كما أضر بعائدات الدولة من العملة الصعبة".
ويغطي احتياطي تونس من العملة الصعبة 80 يوماً فقط من احتياجاتها، أي أقل بـ10 أيام عن المعدل المطلوب، وفقاً لما أعلنه البنك المركزي التونسي في 25 ديسمبر/كانون الأول 2018.
وعن الاقتراحات باتباع سياسات حمائية لضبط الميزان التجاري، قال الشيخ روحه إن تونس ملتزمة باتفاقيات ثنائية مع عديد الدول تمنعها من إغلاق أسواقها أمام البضائع الأجنبية، "لكن في المقابل يجب زيادة الرسوم الجمركية على العديد من البضائع الاستهلاكية".
وتابع: "إلى جانب ذلك لا بد من تعزيز الإنتاج وتقوية الصناعة التونسية حتى تتمكن من منافسة البضائع الأجنبية".
وربط الشيخ روحه بين الأزمة الاقتصادية وما وصفها بأنها "الجذور السياسية" لتلك الأزمة، موضحاً أن حالة التدافع السياسي بين الأحزاب منذ عام 2011 خلقت مناخاً عاماً غير مشجع على الإنتاج ولا يقدم تصوراً واضحاً للنمو".
وكانت تونس قد حققت نمواً متواضعاً بنسبة 2.8% في عام 2018، وفقاً لبيانات المعهد التونسي للإحصاء.