استفتاء كردستان العراق.. حوار اللحظات الأخيرة
حوار مستمر بين أربيل وبغداد قبل وأثناء وبعد الاستفتاء
عندما حطّ وفد حكومة إقليم كردستان العراق رحاله أمس السبت في العاصمة العراقية بغداد لإجراء مباحثات مع الحكومة المركزية بشأن الاستفتاء على انفصال الإقليم عن الوطن الأم، كان أفراد الجالية الكردية في الصين يقررون في ذات الأمر عبر الإدلاء بأصواتهم إلكترونياً.
وبينما تشير اللافتات التي تغمر شوارع أربيل عاصمة الإقليم، إلى أن الأمور على أرض الواقع تمضي لنهايتها، إلا أن هذا لا يمنع من الحوار وفقاً لهوشيار زيباري، أحد كبار مستشاري الزعيم الكردي مسعود البرزاني، مشيراً إلى أن وفد الإقليم سينخرط في مباحثات مع بغداد قبل الاستفتاء وخلاله وبعده.
وفور وصوله لبغداد التقى الوفد الكردي مع ممثلين للائتلاف الحاكم و الرئيس العراقي فؤاد معصوم، وحتى هذه اللحظة لم تكشف الأطراف العراقية في بغداد وأربيل، عن مصفوفة الحوار وأجندته وسقفه الزمني، بينما تنقل وسائل الإعلام المحلية تصريحات من الجانبين تشير إلى تمترس كل طرف خلف موقفه السابق.
فالأكراد شرعوا فعلياً في عملية الاستفتاء، التي دشنتها الجاليات الكردية في الخارج، والحكومة المركزية تصر على موقفها برفض الاستفتاء لعدم دستوريته، مشيرة إلى أن الأولوية للحرب ضد الإرهاب وتحرير كامل الأراضي العراقية.
بيد أن الحوار الذي أعلن عنه زيباري، يرتكز على نقطة محورية حسب المعلن، وهو أن الاستفتاء المزمع غداً، يهدف لإعطاء الإقليم شبه المستقل تفويضا شرعيا لتحقيق الاستقلال عن العراق من خلال الحوار مع بغداد ومع تركيا وإيران المجاورتين.
ما يعني وفقاً لمحللين، أن الحوار المستمر قبل وخلال وبعد إدلاء الأكراد بأصواتهم في شأن تقرير المصير، يلخص محاولات حكومة الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي، لتهيئة الأرضية السياسية لنتائج الاستفتاء، مشيرين إلى أن عدم الإعلان عن تفاصيل المباحثات مع بغداد يشير إلى أن الحوار الحقيقي سيبدأ عقب الإعلان عن نتائج الاستفتاء.
ويرى مراقبون أن اكتفاء بغداد بالتأكيد على موقفها القديم، يشير كذلك إلى أن الحكومة المركزية تحرص على إحاطة المباحثات بسرية تامة وعدم اتخاذ موقف جديد قد يؤثر على سير المفاوضات في حال اختار الأكراد الاستقلال غداً.
وتتباين الآراء حول ما إذا كان حوار الأميال الأخيرة بين أربيل وبغداد بشأن الترتيبات الفنية لتنفيذ مخرجات الاستفتاء والاعتراف به، أم بشأن إيجاد صيغة أخرى للتعاطي مع المطالب الكردية التي دفعت للخطوة من الأساس.
وعلى الرغم من أن المباحثات المكوكية التي بدأتها حكومة كردستان العراق، ستشمل كلا من تركيا وإيران الجارتين اللتين أعلنتا عن مخاوفهما من إجراء الاستفتاء، إلا أن الموقف في كل من تركيا وطهران لازال كما هو خوفاً من اتخاذ الأقليات الكردية في الدولتين خطوة مماثلة، كما أن حكومة البارزاني لم تعلن حتى اللحظة عن أي تحرك تجاه البلدين.
دولياً حثت الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى السلطات في "كردستان العراق" على إلغاء الاستفتاء، بينما حذر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في بيان من أنه ربما يكون له تأثير ”مزعزع لاستقرار“ العراق، وأشارت واشنطن إلى أن خطوة الاستفتاء من شأنها عرقلة الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، إلا أن أكراد العراق يستبعدون مثل هذا التأثير مشيرين إلى أن قوات "البشمركة" التابعة للإقليم تسهم بكامل قوتها في هذه الحرب.
تتعدد التحليلات ويلف الغموض الكثير من الملفات المتعلقة بالتصويت على استفتاء كردستان، لكن تظل الأمور على أرض الواقع كما هي، الجميع متمسك بموقفه، وحوار كردي غير واضح المعالم مع الحكومة المركزية في بغداد، إلى جانب صناديق اقتراع مجهزة في أربيل تنتظر توافد الأكراد عليها صباح الغد.
aXA6IDMuMTM3LjE2OS4xNCA= جزيرة ام اند امز