الإيرانيون يذهبون إلى ما وراء حدود الإصلاح
مع الاحتجاجات الأخيرة، ذهب الإيرانيون إلى ما وراء حدود الإصلاح، ولم يعد تمكن تحقيق طلباتهم في إطار الأجندة السياسية الإصلاحية.
انطلقت الشرارة التي أطلقت تظاهرات إيران 28 ديسمبر في مدينة مشهد، لكن خلال بضعة أيام انتشر لهيب التظاهرات في عدة مدن ومحافظات، ولمدة ثلاثة أيام تقريباً صمتت وسائل الإعلام الإيرانية حول الأحداث، وحتى رجال السلطة أنفسهم.
سبب واحد لهذا الصمت، هذه المرة، هو أن الشعارات ليست نفسها كما كان المتظاهرون يهتفون (من حين لآخر) منذ الانتخابات الرئاسية محل النزاع عام 2009، بحسب موقع "ديلي بيست" الأمريكي.
وقال قاسم شعلة سعدي، أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران، إنه مع الاحتجاجات الأخيرة، ذهب الإيرانيون إلى ما وراء حدود الإصلاح، ولم يعد تمكن تحقيق طلباتهم في إطار الأجندة السياسية الإصلاحية.
وأوضح سعدي أن تظاهرات هذه المرة لا تستخدم شعار "يا حسين، مير حسين"، وهو الشعار الذي يتضمن دلالات دينية وهتف به مؤيدو مير حسين موسوي، المرشح الإصلاحي في انتخابات الرئاسة عام 2009، مشيراً إلى أنه يعتقد أن الإيرانيين ذهبوا إلى ما وراء ذلك، وطلباتهم الآن متسقة وذات نطاق واسع.
كما أشار أستاذ القانون الدولي بجامعة طهران إلى أن الحكومة ليس لديها طرق فعالة لقمع المواطنين، وحتى ولو أمكنها ذلك، فإن القمع لن يحل المشكلة، مؤكداً أن الآن هو الوقت المناسب لاتخاذ المرشد الإيراني علي خامنئي بعض القرارات الجذرية.
وقال أستاذ القانون الدولي إنه كتب خطاباً إلى خامنئي توقع فيه أحداثاً مشابهة، وأشار فيه إلى انهيار الاتحاد السوفيتي كمثال، موضحاً أن إيران تحتاج إلى تجديد.
وفيما يتعلق بمعنى التجديد، أوضح أنه في إيران كثير من المسؤولين يجب عليهم أن يموتوا قبل طردهم من مناصبهم، مشيراً إلى أنه لا شيء يتغير ولا وجود للمرونة.
وتابع أن هؤلاء الرجال لا يتقاعدون، فمثلًل ًأحمد جنتي (91 عاماً) رئيس مجلس الخبراء، ومجلس صيانة الدستور، وكان في منصبه لسنوات وسنوات.
وأشار إلى أنه يقال إن إيران بها انتخابات، لكن الناس ليس لديهم حق في انتخاب من يريدونهم، لكن يجب عليهم التصويت لأشخاص اختارهم أناس مثل جنتي في مجلس صيانة الدستور، لافتاً إلى المدينة التي يعيش بها 80 مليوناً يجب عليهم التصويت لاختيارات اتخذها جنتي أو قلة آخرون.
كما أوضح أن إذاعة طهران وغيرها من الهيئات تحاول عرض المشاكل الاقتصادية على أنها سبب تلك الاحتجاجات، لكن لا حقيقة في تلك الادعاءات، مشيراً إلى أن هناك تراكماً للطلبات الغاضبة بين الإيرانيين، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو مهنية.
في عام 2009، تحولت مطالب الإيرانيين عند مرحلة معينة إلى تحديات للنظام نفسه؛ ففي البداية هتفوا بشعارات حول الأصوات المفقودة والتزوير في نتائج الانتخابات، لكن بعد ثلاثة أشهر طالبت شعاراتهم بالاستقلال والجمهورية الإيرانية، و"الموت للديكتاتور".
لكن الآن تراكمت المطالب التي لم يتم تلبيتها، وتفجرت المشاكل الاقتصادية المعقدة والوضع الأمني بسرعة لا تصدق، وتحولت الشعارات إلى أخرى أكثر تطرفاً طالت معارضة خامنئي وروحاني، حتى أن المتظاهرين الآن يلقون بالإهانات على قادتهم.
ورأى قاسم شعله سعدي، أنه من خلال ما يحدث في إيران، يتضح أن الإيرانيين تخطوا دعاة الإصلاح.