نجاح تطبيقات الجوّال مرتبط بتمكُّننا من قضاء المهمة التي صُممت من أجلها، لا أكثر، وبالتأكيد لا أقل.
في أبسط الأشكال، التطبيق هو أداة لتنفيذ شيء ما، مشاهدة مقطع فيديو، طلب وجبة، إرسال رسالة، التقاط صورة، التواصل مع الأصدقاء، إجراء اتصال… إلخ.. الموضوع بسيط جدا، جهة ما تقوم ببناء تطبيق لقضاء حاجة للمستخدم، ونجاح هذا التطبيق مرتبط تماما بقدرته على تحقيق ما وعد به، وعمله بشكل مثالي، ضمن تجربة استخدام سهلة وممتعة.
الحقيقة، عملية إطلاق التطبيقات في كثير من الأحيان أجدها مظلومة جدًّا، ولا تُعطَى حقها الكامل.
للأسف، في كثير من الأحيان يمكن ملاحظة تطبيقات لأفكار ممتازة، ولها فرصة انتشار ونمو كبيرة، لكن سوء التنفيذ يحرمها من فرصتها الذهبية.
الانطباع الأول السلبي -في معظم الأوقات- هو الانطباع الأخير.. فمستخدمو التطبيقات من النادر جدا أن يمنحوا "فرصة ثانية" عند عدم رضاهم عن التجربة.. لأن إلغاء التطبيق لا يتطلب منهم سوى ضغطة أو اثنتين على أبعد تقدير، وسيختفي هذا التطبيق، وسيأخذ معه تجربته السلبية. اختفاءٌ يحمل معه شعورا لطيفا بالرضا المبني على وجود كثير من البدائل في متاجر التطبيقات.
تصحيح انطباعات المستخدمين السلبية في عالم التسويق مكلف ومتعب أكثر بكثير من تكوين الانطباعات الإيجابية الأولى، لهذا أرجوك وفّرْ جهدك وميزانيتك، واحرصْ أن يكون تطبيقك بشكل جيد منذ الإطلاق.
لا أقصد هنا أن تقوم بتأجيل إطلاق التطبيق حتى يحتوي كل الميزات الإضافية.. أقصد أن تتأكد من احتواء التطبيق على الوظائف الأساسية التي تسمح له بتنفيذ الخدمات المطلوبة منه بنجاح، وأن تتأكد تمامًا أن ميزات التطبيق تعمل بشكل كامل، على جميع الأجهزة، بمختلف الظروف دون مفاجآت غير سارّة.
تكوين الانطباع الجيد يعتمد على مجموعة عوامل، أهمها الفكرة، تجربة الاستخدام السهلة، السرعة، الخلو من الأخطاء والمشكلات الفنية، بالإضافة طبعا إلى الاعتمادية، والتي أقصد بها أن ينفذ التطبيق مهامه دون فشل.
الجميل فعلا أن جميع هذه العوامل قابلة للإدارة والتعامل معها، وضمان تنفيذها على أفضل وجه، لهذا أندهش في كل مرة أجد فيها تطبيقا فشل أصحابه في ضبط هذه العوامل.
استمعْ للنصائح واقرأ التوصيات!
الرائع أننا نعيش في وقت تتحكم فيه منصتان فقط بكل شيء له علاقة بعالم التطبيقات، فجمهور تطبيقك سيكون موزعا بين حصة شركة آبل، أو حصة أندرويد.. والجميل في الحالتين أن جوجل وآبل وفّرا الكثير من المصادر المتاحة مجانا تبين أفضل الممارسات والتوصيات المتعلقة بإطلاق التطبيقات الناجحة.. فإذا كنتَ من أصحاب التطبيقات، فأرجوك اقرأ توصيات آبل وجوجل بخصوص التطبيقات، أو كلِّف أحدًا في فريقك كي يقرأها ويتأكد من اتباعها بشكل كامل.
تعلمْ من الكبار، واستفِدْ من تجارب الآخرين.. أرجوك اطّلع على عمل المنافسين، وعلى التطبيقات التي قدمت أي فكرة أو ميزة ذات علاقة بمشروعك! حاولْ تحديد نقاط نجاحهم، والجوانب التي يمكن تطويرها، وابْنِ على ما تم إنجازه.
لا أقصد هنا أن يتم إضاعة الوقت في دراسة كميات كبيرة من النماذج، بل يجب أن تكون الاختيارات ذكية وحكيمة.. وعادة البحث في قوائم التطبيقات الأكثر شعبية تكون نقطة بداية جيدة.
لا تكُنْ مبدعا زيادة عن اللزوم! من المهم أن يبقى التطبيق سهل الاستخدام، ولا يحتاج إلى الكثير من الجهد لاكتشاف وظائفه.
أشاهد يوميا تطبيقات حاول مصمموها الخروج عن المألوف والإبداع الشكلي، لدرجة جعلت من استخدامها عملية صعبة وبعيدة عن البَدَهية.
في الأخير، التطبيق هو أداة لتنفيذ شيء ما، نعم.. يجب أن يكون جميلا وجذابا، لكن الجمال والجاذبية هما في خدمة تنفيذ الوظيفة المطلوبة منه.. التطبيق ليس لوحة فنية، وليس مكانا لمؤثرات صوتية وبصرية لا تخدم بشكل مباشر عمله.. أيضا في معظم الأحيان المؤثرات البصرية الإضافية تكون عبئا على الأجهزة، وستنعكس بشكل سلبي على الأداء "على الأقل في الأجهزة القديمة".
تأكد أن تُترك الأمور طبيعية.. هل لاحظت مقدار التشابه في شاشات تسجيل الدخول لمعظم التطبيقات الأساسية؟ أو تشابه عملية الشراء في تطبيقات المتاجر الإلكترونية؟ أو عملية الطلب في مختلف تطبيقات الوجبات؟.. هذه التشابهات ليست مصادفة، غايتها تقليل مقدار الجهد الذي يبذله المستخدم للتعرف على طريقة إتمام المهام، وإعطاء المستخدم انطباعا بالألفة والسهولة.. هذا ينطبق على كل شيء، من المهم جدا أن نُبقي على التشابه في تنفيذ المهام، لأنه يسهّل حياة المستخدم، ويعزز من تجربته الإيجابية.
اختبرْ جميع الوظائف بدقة، أعِدْ الاختبارات في ظروف متعددة، على أجهزة مختلفة "قديمة وحديثة"، لتضمن أن كل شيء يعمل دائما بشكل مثالي.
من المفيد أن تجعل عملية الاختبار نشاطا دائما، ليس فقط مع دورات التحديث والإطلاق.. اعتمِدْ على الاختبارات المؤتْمتة قدر الإمكان، فهي دقيقة، وتعمل بجهد على مدار الساعة ولا تخطئ.
تابع الأرقام والإحصائيات والمؤشرات الخاصة بالتطبيق، فهي التي تخبرنا عن سلوك مستخدمينا وتفاصيل تجربتهم.. ولا تنسَ مراجعة التقييمات والملاحظات على متاجر التطبيقات، والرد على تعليقات مشاركيها.
اختبرْ الميزات الجديدة على مجموعة محددة من المستخدمين، وأطلقْها على مراحل، وراقب مؤشراتها للتأكد من صحتها، وانسجامها مع جميع الشرائح.
ثقّف مستخدمي التطبيق، وقدّم لهم الشروحات التي تعرّفهم على ميزات تطبيقك، بما يعظم من استفادتهم منه.
استعِنْ بطرف خارجي للتقييم، والمراجعة، والاختبار.. سيضمن هذا الحصول على مزيد من الأفكار والفرص لرفع الجودة، وبالتالي المنافسة.. فالأطراف الخارجية قد تكون بأبسط أشكالها الأصدقاء والمعارف، أو مجموعة مختارة من المستخدمين المتحمسين.
وفي حال توفر الموارد، فالخدمات الاستشارية الاحترافية تكون خِيارًا لضمان الجودة ورفع التنافسية.
التطبيقات مفتاح نجاح كثير من نماذج الأعمال في وقتنا الحالي، فمن الصعب تخيل مشروع أعمال يوظف التقنية ولا يستفيد من التطبيقات ولا يعتمد عليها.. لهذا فإن جودة التطبيقات عامل حاسم للنجاح، عامل يعتبر بأهمية الفكرة نفسها والقدرة على التنفيذ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة