توقع تقرير "إس تي في"، الصادر بداية أغسطس الماضي، جاهزية فرص منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لظهور أكثر من 45 "يونيكورن" بحلول عام 2030.
والـ"يونيكورن" شركة ناشئة -بشكل عام تكون شركات تكنولوجيا- تبلغ قيمتها السوقية مليار دولار على الأقل.
وأوضح التقرير ذاته قدرة المنطقة خلال السبع سنوات القادمة على خلق شركة بتصنيف "ديكاكورن"، وهي شركة تكنولوجية تبلغ قيمتها السوقية ما لا يقل عن 10 مليارات دولار.
وفي كل مرة أستعيد هذا التقرير، تسحرني فكرة توقع طبيعة عمل هذه الشركات "المليارية" الـ45، وكيف ستُسهم خدماتُها في صياغة أسلوب حياة الملايين في المنطقة وخارجها من خلال منتجات تجعل الحياة أكثر راحة وسعادة.
اقتصاديًّا، بالتأكيد سيسهم ظهور هذه الشركات بشكل مباشر في خلق فرص جديدة للاستثمار والنمو، وسوف تؤمّن الكثير من الوظائف.. لكن فعلا ما يثير الاهتمام هو طبيعة الفرص والمنتجات والخدمات وآليات التنفيذ والانتشار التي ستوصل هذه الشركات الناشئة إلى مرحلة الـ"يونيكورن" خلال السنوات السبع أو الثماني القادمة.
بالتأكيد قسم من هذه الشركات سيعتمد في نجاحه على إعادة تقديم خدمات ومنتجات نعرفها حاليًّا بأسلوب جديد ونماذج أعمال تتماشى مع احتياجات المستخدمين في المنطقة وأسلوب حياتهم.. وفي الوقت نفسه بالتأكيد قسم من هذه الشركات سيبدع في تقديم حلول مبتكرة ومنتجات جديدة تماما لا نعرفها حاليًّا.
كمحاولة أولية لإشباع فضول تصور خريطة منتجات بعض من هذه الشركات الـ45، سأتوقف في هذه المقالة عند مجموعة أولية من الأعمال التي من الممكن وصولها إلى نجاح كبير حال تم إدارة عملية تنفيذها بشكل كفء.
التجارة الإلكترونية
رغم وجود عملاقَين كبيرين للتجارة الإلكترونية في المنطقة، "أمازون" و"نون"، والعديد من منصات التجارة الإلكترونية الرائدة الأقل حجما، لكن سوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تزال تحتمل وجود "يونيكورن" إضافي -على الأقل- في مجال التجارة الإلكترونية.
فرص نجاح المشروع الجديد ستكون معتمدة على نموذج الأعمال بشكل أساسي، والتسويق الكثيف، والقدرة على توظيف بيئة الخدمات اللوجستية والتقنيات المالية في المنطقة بالشكل الأمثل لتقديم منتجات بأسعار تنافسية.
الألعاب الإلكترونية
قطاع ألعاب الفيديو كبير للغاية، في الواقع، إنه أكبر من صناعتَي الأفلام والموسيقى مجتمعتين، حسبما كتبت في مقالي السابق المعنون بـ"الألعاب الإلكترونية.. صناعة الفرص الجديدة".
تَتَالي قصص النجاح لشركات الألعاب الإلكترونية في المنطقة، وتزايُد الاهتمام بهذه الصناعة وتوفير أسس بنيتها التحتية والاستثمارية، سيخلق فرصة استثنائية لصعود "يونيكورن" في مجال الألعاب من منطقتنا.. "يونيكورن" ينطلق من المنطقة ليتوجه لجمهور اللاعبين العالمي.
التواصل الاجتماعي
قبل ظهور "تيك توك"، لم يتخيل أحد أن يتمكن تطبيق جديد للتواصل الاجتماعي من الحصول على اهتمام الجمهور، وتحقيق هذا النمو الكبير في زمن قياسي على حساب اللاعبين الكبار التقليديين. وانطلاقا مما بيّنه الجمهور في المنطقة وحول العالم من انفتاح على إعطاء الفرص للتطبيقات الجديدة، سيشكل مجال تطبيقات التواصل الاجتماعي والمراسلة فرصة كبيرة لظهور "يونيكورن" -أو أكثر- في المنطقة، مقدمة أفكارا استثنائية تُراعي احتياجات الجمهور.
التعليم عن بعد
بالرغم من تعافي العالم من الجائحة، لكن طبيعة الحياة وتطور احتياجات العمل فتح مجالات جديدة لخدمات "التعليم عن بُعد"، مع فرص لتوسعة خدمات التعليم من المجالات التقليدية، التي نشاهدها حاليا، لتصل إلى اختصاصات التعليم الجامعي، وما بعد الجامعي "بما يتناسب مع طبيعة المواد والاختصاص بالتأكيد".
يخلق مزيج المرونة والفاعلية والاقتصادية، الذي يمتلكه "التعلم عن بُعد"، فرصة استثنائية للمشاريع العاملة في هذا المجال، وبناءً عليه، فإن فرصة وصول منصة تعليم عن بُعد ذات ميزة تنافسية مبتكرة لمرحلة الـ"يونيكورن" هي فرصة قابلة للتحقُّق.
التقنية المالية
مع تزايد نمو الأعمال التكنولوجية ستكون لشركات التقنية المالية، بما يشمل مقدمي حلول المدفوعات، والتعاملات المالية، والاستثمار الإلكتروني، فرصة كبيرة لتحقيق النمو ووصول مجموعة منها إلى مرحلة الـ"يونيكورن".
الفيديو حسب الطلب
مع استمرار اتجاه الجمهور أكثر وأكثر لمشاهدة الفيديو والأفلام، والمسلسلات والبرامج من خلال الشبكة، ستكون لمنصة "مشاهدة حسب الطلب" مُعدّة بشكل خاص لشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "ومتحدثي لغاتها حول العالم"، فرصة استثنائية لتكون "يونيكورن" عالم الترفيه والإعلام الرقمي في 2030 وربما قبله.
ستأتي هذه الفرصة انسجاما مع توسع نمط الحياة الرقمي، وزيادة قدرة البنية التحتية للاتصالات والوصول إلى الإنترنت في المنطقة، بالإضافة لصعوبة تلبية منصات المشاهدة العالمية احتياجات شعوب المنطقة من المحتوى المحلي.
تطبيقات المأكولات
طبيعة عمل المشاريع التقنية المرتبطة بالطعام، والمطابخ السحابية، وخدمات توصيل البقالة والاحتياجات، وسرعة دورة رأسمالها النسبية -مقارنة بباقي نماذج الأعمال- بالإضافة لاستمرار الحاجة إلى خدماتها يُكسبها فرصًا استثنائية للنمو ووصول العديد منها لتكون ضمن حاملي لقب "يونيكورن" في المنطقة.
حقيقة، فإن النماذج السابقة ركزت فقط على مجموعة من فرص مجالات الأعمال، التي نعرفها حاليا، والتي من الممكن أن تنضم شركاتها الناشئة لـ"الـ45 يونيكورن" المتوقع وجودها في المنطقة خلال السنوات القليلة القادمة.
طبعا في عالم الشركات الريادية تبقى الفكرة هي البداية، والنجاح معتمد دائما على العديد من التفاصيل، أهمها فريق العمل، كفاءة التنفيذ، والقدرة على بناء خطة عمل متكاملة ومرنة، تقديم ميزة تنافسية مبنية على فهم حاجات الجمهور والسوق معا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة