يعلن كثيرون الآن نَدَمهم بعد إعلان تنظيم "داعش" الإرهابي في 1 يوليو/تموز الماضي تنفيذه أولى هجماته في دولة بنين.
يُعد هذا الخبر مخيفًا بكل المقاييس، لكنه جزء من سيناريو الأعمال الإرهابية وخطة تمدد الإرهاب في أفريقيا، وبالتالي كان يجب أن يتوقعه المحللون قبل وقت كافٍ.
ولفهم هذا الموقف، يجب أن نستقرئ الوضع ونضع أنفسنا في مكان الإرهابيين لفهم أفعالهم.. فالضغط المُمارَس عليهم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا يحقق نتائج ويخلق معضلة للتنظيمات الإرهابية، ويطرح الأسئلة التالية: هل علينا تغيير التكتيكات؟.. هل نغير الدولة المستهدفة لإظهار توسعنا؟
لا تُعدّ بنين البلد الوحيد في ساحل غرب أفريقيا، الذي يشهد هجمات إرهابية.. فقد أجرى "داعش" و"القاعدة" استطلاعات قبل اتخاذ قراراتهما بالهجوم لمعرفة قدرة قوات الأمن في هذا البلد على الرّد.
لقد حدث ذلك في كوت ديفوار وغانا وتوجو من قبل.. وبعد إجراء الرّصد، توصّل الإرهابيون إلى أنه في حالة بنين وتوجو يمكن إنشاء معسكرات أو كتائب بكل سهولة في شمال البلاد.
وفي يوليو/تموز الماضي، أفادت كتيبة "أنصار الإسلام"، فرع تنظيم "القاعدة" الإرهابي في بوركينا فاسو، والتي لم يسبق لها الكشف عن نيّاتها، بأنها ستحتل ضواحي العاصمة البوركينية ابتداء من ذلك التاريخ، وطلبت من عناصرها قطع الطريق الرابط بين "بوبو ديولاسو والعاصمة"، وكذلك الطرق السريعة المؤدية إلى غانا وتوجو.
هذه الأنواع من القرارات لا يتخذها الإرهابيون كما ادّعت جماعة "أنصار الإسلام"، فإذا قرر الإرهابيون التقدم إلى منطقة ما، فذلك لأن الأوامر تكون قد صدرت من أعلى هرم التنظيم الإرهابي.
وقد كان سبب نشر التنظيم للقرار مجرد دعاية وطريقة للرّد على الحكومة: "كلما ضغطتم علينا، غيّرنا استراتيجيتنا، لكي نؤذيكم أكثر".. لذلك، إذا قرر الإرهابيون التوجه نحو الساحل، فلاعتقادهم أنهم سيواجهون مشكلات أقل مما يواجهون الآن.
وأظهر تنظيم "القاعدة" نيّته لفتح فروع له أقرب إلى الساحل في غرب أفريقيا.. وبعد أن رسّخ "داعش" وجوده من خلال فرعه في نيجيريا والكاميرون وجنوب النيجر، وكذا الفرع الآخر الناشط بالساحل، يبدو أن الوقت قد حان له ليتوسع نحو الساحل.
وفي نيجيريا، كان تنظيم "داعش" الإرهابي قد تقدَّم نحو المحيط الأطلسي لأكثر من 500 كيلومتر، وإذا جمّد نشاطه في توجو أو بنين، فسيقوم تنظيم "القاعدة" بقطع الطريق أمامه للتوسع نحو هذه البُلدان، وهو ما قد يكون إشارة واضحة على عزمه التمدد هناك.
في سنة واحدة، أحصت توجو خمس هجمات لتنظيم "القاعدة" في منطقة الساحل، وأعلن جيش بنين في نهاية مايو/أيار الماضي أن البلاد شهدت نحو عشرين هجومًا نفذتها الجماعات المسلحة.
وبالنظر إلى الوضع الحالي في بنين، يتم نشر القوات في شمال البلاد لمكافحة الجماعات الإرهابية القادمة من النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين. وقد دفعت هذه الأحداث بنين إلى التعاون مع النيجر وبوركينا فاسو لمكافحة الإرهاب.. ومن ناحية أخرى عرضت رواندا على بنين نشر قوات في شمال البلاد بعد توقيع اتفاق يسمح بانتشار بضعة مئات من الجنود الروانديين شمال بنين.
تتكرر التكتيكات التي يستخدمها الإرهابيون لتثبيت وجودهم في مناطق أخرى داخل القارة الأفريقية.. إنهم يهددون أئمة المساجد ومرتاديها، ويجنّدون في المناطق الأكثر حرمانًا وفقرًا.. كما يوظفون عرقية البيول للتسلل إلى المناطق الجديدة، إضافة للتعاون مع المهربين وعمال مناجم الذهب غير الشرعيين لينتهي بهم الأمر بالسيطرة على هذه المناطق.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة