مصر.. تقرير عن "الحالة الدينية" يكشف حقيقة علاقة الإخوان بواشنطن
تقرير فريد من نوعه عن الحالة الدينية في مصر، يكشف استراتيجية الخداع التي اتخذتها جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية في علاقتها مع الغرب
كشف تقرير فريد من نوعه عن الحالة الدينية في مصر، استراتيجية الخداع التي اتخذها تنظيم الإخوان الإرهابي في علاقته مع الغرب، ليتسنى له الوصول إلى سدة الحكم دون ممانعة دولية، من خلال رصد رحلته في تبني خطاب وممارسة براجماتية، لحين الوصول إلى خطاب تصالح مع الولايات المتحدة .
التقرير الذي استغرق العمل البحثي به نحو 4 سنوات، ومن المقرر إطلاقه، الاثنين، في مؤتمر خاص بنقابة الصحفيين المصرية، رصد في أحد أهم مباحثه التي أعدها كل من أكرم ألفى وحاتم زكي وعبد الله بهجت، العلاقة بين الإخوان والقوى الدولية خلال السنوات الثلاث في الفترة من 2011 وحتى 2014، وهي العلاقة التي وصفها الباحثون بالـ"معقدة" حيث انطلقوا من تفكيك الخطاب الأيديولوجي للإخوان تجاه الغرب والقوى الإقليمية، مرورًا بإرهاصات الحوار بين التنظيم والغرب ومحدداته، قبل 25 يناير 2011.
أيديولوجية مبهمة وبراجماتية واضحة
وفي كشف للازدواجية التي يمارسها الإخوان في علاقتهم مع الغرب، يوضح التقرير أن "القواعد الإيديولوجية للسياسة الخارجية للإخوان لا تخرج عن قواعد عامة مبهمة تقوم على الشريعة والاستناد إلى مصادرها الرئيسية، إلى جانب المرونة في الوقت نفسه بشأن التغيرات، دون حديث واضح عن الصراع والمصلحة".
ويكشف التقرير أنه "بالرغم من الرؤية الإيديولوجية العامة لمنظور الإخوان المسلمين للعلاقات الدولية، لا يوجد ترجمة واضحة لهذه الرؤية في البرامج السياسية التي تبنتها الجماعة خلال السنوات العشر الأخيرة"، نافيًا أن "تكون التصريحات التحريضية والجماهيرية التي خرجت من قيادات إخوانية بهدف الاستهلاك الداخلي، إشارة لعلاقة عدائية بين الجماعة والغرب".
وقال التقرير بشأن هذا الطرح إنه "لا يوجد له سند واقعي سواء في الخطاب السياسي الرسمي والتقليدي للجماعة، أو برامجها السياسية، ولكن الحوار بين الإخوان والغرب، كان يمثل للجماعة الإرهابية نقطة لقاء ممكنة وضرورية في إطار سعيها لتحقيق أحد أهدافها الرئيسية الخاصة بإقناع الغرب بمزاياها والكف عن عدّها شبحًا مفزعًا، وهو ما يعكس البراجماتية التي اتبعتها الجماعة" للوصول إلى مطامعها.
جفوة ووصال.. مفتاحها عند "خيرت الشاطر"
وبشأن طريقة الإخوان في الحوار مع واشنطن، رصد التقرير 3 مراحل للاتصالات بين الجماعة الإرهابية وبين واشنطن، فكانت بداية المرحلة الأولى خلال الأربعينيات، من خلال توثيق الإدارة الأمريكية لقاءات بين مسؤولين في السفارة الأمريكية ومؤسس الجماعة حسن البنا في هذه الفترة، لبحث تنسيق الجهود لمواجهة المد الشيوعي في مصر.
وانقطعت الاتصالات بين الإخوان والولايات المتحدة، خلال فترة الستينيات، ثم كادت تنشط مجددًا خلال أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران عام 1979، غير أن رفض الجانب الإيراني توسط الإخوان جعلهم يخسرون ورقة مهمة، بحسب التقرير، كانت ستفتح لهم بوابة علاقة مؤسسية محتملة مع واشنطن.
بعدها انحصرت العلاقة خلال الثمانينيات والتسعينيات، في لقاءات بين أكاديميين وأمريكيين وقيادات إخوانية، لكن سرعان ما توقفت الاتصالات للمرة الثانية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2011، ثم عادت للمرة الثالثة مجددًا في النصف الثاني من العقد الأول للقرن الحادي والعشرين من خلال لقاءات في الفترة من 2003 وحتى 2005.
وخلال هذه الفترة، لم ينته خداع الجماعة، ففي الوقت الذي أعلنت فيه، وفق التقرير، أنها "لا تؤيد الحوار مع المؤسسات الرسمية في الغرب دون رعاية رسمية من مصر، تخلت عن هذا الشرط في الحوار مع المؤسسات البحثية والحقوقية الغربية كافة، بدعوى تعريف الرأي العام الغربي بأفكار الجماعة".
وكشف التقرير من خلال رصد فترات" الجفوة والوصال" بين الإخوان والولايات المتحدة، سعي الجماعة الإرهابية نحو مسارين; الأول تهدئة مخاوف الغرب بشأن صعودهم السياسي، والثاني استغلال المخاوف من صعود التيارات الراديكالية ولاسيما القاعدة للتقارب مع الدول الغربية، بزعم أنهم (الإخوان) قوة إسلامية إصلاحية قادرة على كبح جماح القوى المتشددة.
وسلط التقرير الضوء على مقال النائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان، خيرت الشاطر بصحيفة "الجارديان" البريطانية والذي جاء تحت عنوان "لا داعي للخوف منا" عام 2005، معتبرًا أن المقال هو إحدى النقاط الرئيسية في فهم وتفسير التعامل الإخواني مع القوى الغربية عقب 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث اعتبره بمثابة رسالة إخوانية جديدة للغرب بشأن قبول الجماعة الإرهابية للحوار وإدراكها التوازنات الدولية.
25 يناير.. الوجه الحقيقي للإخوان
ورصد التقرير زيارتين هامتين لمسؤولين غربيين، لجماعة الإخوان عقب 25 يناير/كانون الثاني 2011، وهما زيارة جون كيري، حينما كان "سيناتور" في الكونجرس في ذلك الوقت، لمقر جماعة الإخوان في المقطم في نهاية 2011، ثم زيارة بعدها بشهر واحد للسفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون، والتي اعتبرها التقرير بمثابة "المشهد المؤسس للعلاقة الجديدة بين الولايات المتحدة وجماعة الإخوان في مصر".
وأوضح التقرير أن لقاء باترسون مع مرشد الإخوان يمثل "بداية بناء استراتيجية جديدة للولايات المتحدة تجاه الصعود الإسلامي في دول ما يسمى بالربيع العربي، وانتقال خطاب الإخوان لمرحلة الواقعية الجديدة في العلاقة مع الغرب والولايات المتحدة".
الإخوان وخطاب تصالحي "في النور" مع الغرب وأمريكا
وكشف التقرير أن الإخوان تبنوا منذ يناير/كانون الثاني 2012 "خطابًا تصالحيًا" أكثر وضوحًا مع الغرب والولايات المتحدة، وتميزت هذه الفترة بتكثيف واشنطن للاتصالات بالجماعة التي أصبحت أكبر قوة سياسية في البرلمان المصري آنذاك.
وأوضح التقرير أن واشنطن "حضرت بقوة في مشهد عزم الإخوان خوض معركة الرئاسة والسعي للقفز على السلطة التنفيذية في مصر، وهو ما كان من المنطقي أن ينعكس على حملة المرشح الإخواني حينها محمد مرسي من خلال طمأنة الغرب والولايات المتحدة بشأن مستقبل العلاقات مع مصر.
ورصد تقرير الحالة الدينية في مصر أن الجماعة كانت تتعامل بمنطق تقسيم الأدوار، "فالتصريحات ذات الصيغة الحادة تجاه واشنطن والإدارة الأمريكية كان مصدرها الرئيسي الصف الثاني في قيادات الإخوان، في حين ركزت تصريحات قيادة الصف الأول على المصالح المشتركة والتعاون واستمرار العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا.
عزل مرسي.. تذبذب ورهان خاسر
وتوصل التقرير إلى أنه عقب عزل مرسي عن السلطة في 3 يوليو/ تموز 2013، دخلت العلاقة بين الإخوان والولايات المتحدة مرحلة جديدة كانت سماتها الرئيسية التذبذب بين الاستقواء بواشنطن الرافضة لعزل مرسي وبين عدم التدخل الأمريكي الصريح لصالحه في الصراع على السلطة.
ورصد تقرير الحالة الدينية مرحلة ما بعد عزل مرسي، حيث استدعى "سقوط سلطة الإخوان لدى الجماعة الإرهابية استعادة خطابها التقليدي المعادي للغرب لحشد القواعد وإبراز نظرية المؤامرة الأمريكية الصهيونية لمنع تطبيق التجربة الإسلامية في الحكم، وهو ما فسره التقرير بـ"رفع سقف التوقعات لحدود التدخل الدولي لإعادة مرسي للسلطة، والذي سرعان ما انقلب سريعًا نحو تبني خطاب المؤامرة الغربية بعد فشل الرهان على الغرب".
الإخوان.. شعرة معاوية مع الغرب
وتوصل التقرير إلى أن جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، عادت حاليًا إلى المربع الأول في خطابها تجاه الغرب، معتبرة ما حدث معها "مؤامرة" علمانية أشرفت عليها القوى الغربية والولايات المتحدة، بالتحالف مع إسرائيل، وهو الخطاب الذي تجذر في المقالات كافة في مواقع الإخوان على الإنترنت، لكن يبدو أن الجماعة ما زالت تتمسك بشعرة معاوية مع واشنطن والغرب من خلال الترحيب ببيانات الإدانة الغربية للاستخدام المفرط للقوة الذي تدعي الجماعة الإرهابية أن قوات الأمن تمارسه تجاه أنصارهم الذين تتخذهم الجماعة نفسها ككبش فداء للوصول لمصلحتها.يُشار إلى أن التقرير أعده مركز دال للأبحاث والإنتاج الإعلامي بالتعاون مع مؤسسة مؤمنون بلا حدود (مؤسسة خاصة للدراسات والأبحاث)، وشارك فيه نحو 150 باحثًا قسموا التقرير إلى سبعة مجلدات تناولوا فيها كل ما يتعلق بمسألة التدين، دون الاقتصار على دراسة الجانب الاعتقادي، وانعكاساته السياسية.
ورصد التقرير معالم التطوّر والتغيّر، التي لحقت بالتوجّهات الدينية في مصر خاصة في الفترة التي واكبت صعود جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية، في محاولة لرصد آليات ومسارات عمل تلك الجماعات و قدراتها التمويلية والحشد الجماهيري لها.