بعد عزل البشير بـ2019.. 13 رئيسا حكموا السودان
الكم الهائل من الرؤساء في السودان نتيجة عودة تجربة الحكم عن طريق المجلس السيادي بعد ثلاثة عقود من الغياب.
بعد 30 عاماً من حكم عمر البشير، شهد عام 2019 تعيين الرئيس الـ13 للسودان، وذلك بعد عزله في قصة تغيير سياسي ألهمت العالم والإقليم، التي وضعت البلاد على مسار التحول الديمقراطي.
وأتى الكم الهائل من الرؤساء في السودان العام الماضي، نتيجة عودة تجربة الحكم عن طريق "مجلس السيادة" بعد ثلاثة عقود من الغياب، التي حملت معها أحد عشر رئيساً، وهو تقليد راسخ عرفه هذا البلد منذ خمسينيات القرن الماضي.
ويرى خبراء ومهتمون بالشأن السوداني أن الإرادة الشعبية صنعت المستحيل بعد تضحيات ودماء سالت في أنحاء البلاد، إثر موجة الاحتجاجات الغاضبة، ولم يكن بالحسبان والتوقعات هذا العدد من الرؤساء من وقع معطيات الحال وقتها، حيث بدأ البشير ونظامه أقوياء في مواجهة حركة المظاهرات.
وأكد عدد منهم أن توافق العسكريين والمدنيين على هذه الصيغة من الحكم الانتقالي جنب البلاد مآلات خطيرة نحو الانزلاق للفوضى والانهيار الأمني، ورسم مستقبل مشرق للبلاد سيتعزز باستمرار الشراكة السياسية، وستظهر نتائجه مع حلول عام 2020.
وعقب عزل البشير في 11 أبريل/نيسان الماضي، استولى على الحكم وزير دفاع النظام البائد الفريق أول ركن عوض بن عوف، الذي اضطر للتنحي بعد أقل من 24 ساعة، نتيجة الضغط الجماهيري الرافض له، وتولي مجلس عسكري بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وإدارة شؤون البلاد بشكل مؤقت.
وأفضى اتفاق سياسي بين قوى الثورة وقيادة الجيش السوداني، جرى توقيعه في يوم 17 أغسطس/آب 2019، إلى 3 مستويات للسلطة تمثلت في المجلس السيادي، الذي يضم 11 شخصاً برئاسة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ويمثلون جمعيهم رأس الدولة ورمز سيادتها، بمقتضى بنود الوثيقة الدستورية، بجانب مجلس وزراء ومجلس تشريعي لم يرَ النور إلى الآن.
وعادت تجربة "المجلس السيادي" بعدما استلهمتها قوى الحرية والتغيير التي قادت حركة الاحتجاجات الشعبية من التجارب السودانية السابقة، وكانت تقترح أن يكون المجلس تشريفياً، لكن الاتفاق مع العسكريين أعطاه صلاحيات "رأس الدولة" وكثيراً من السلطات السيادية.
والمجلس السيادي يعد تقليداً سودانياً في الحكم، يمثل رأس البلاد خلال فترات معينة من تاريخ البلاد، وبرز المصطلح لأول مرة في وثيقة دستور السودان المؤقت لسنة 1955، ليكون بمثابة السلطة الدستورية العليا في البلاد.
وتم انتخاب أول مجلس للسيادة في يوم 26 ديسمبر/أيلول عام 1955، واستمر حتى 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1958، بعد استيلاء الفريق إبراهيم عبود على السلطة وتكوين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حل محله.
وتكون مجلس السيادة الثاني في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1964، بعد سقوط حكم عبود وقرار حل المجلس الأعلى للقوات المسلحة نتيجة ثورة أكتوبر الشعبية، وكان مؤقتاً لفترة عام واحد، حتى يتم إجراء انتخابات عامة.
وبعد انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة في سنة 1965 تكون مجلس السيادة الثالث، والأبرز في تاريخ السودان، الذي تشكل من إسماعيل الأزهري "أول رئيس وزراء للسودان بعد الاستقلال" بجانب خضر حمد، وعبدالله الفاضل المهدي، وعبدالحليم محمد، ولوبجي أدوك.
وفي 25 مايو/أيار 1969، تم حل المجلس السيادي ليحل محله مجلس قيادة الثورة برئاسة العقيد (آنذاك) جعفر محمد النميري، وبعد سقوط حكومة النميري في أبريل/نيسان 1985 تم تكوين مجلس السيادة الرابع، لكن بتسمية جديدة هي مجلس رأس الدولة، الذي استمر حتى 1989 قبل أن يحله البشير بعد تنفيذه انقلاباً عسكرياً.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، آدم محمد أحمد، أن توافق الأطراف المدنية والعسكرية على هذه الصيغة من الحكم لإدارة المرحلة الانتقالية، جنب البلاد مآلات الانزلاق إلى الفوضى والمجهول بعدما تصاعدت أحداث العنف.
وقال خلال حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "تجربة المجلس السيادي كتبت تاريخاً جديداً للسودان، حيث لم يسبق بأن تمت إدارة البلاد بهذا الكم الهائل من الرؤساء في فترة وجيزة، كما حدث في العام المنقضي".
وأضاف: "التجربة أحدثت تكافؤاً كبيراً بين أطراف السلطة الانتقالية من المدنيين والعسكريين؛ حيث لا أحد يهيمن على السلطة، بينما يمضي الطرفان بشراكة ستظهر ثمارها خلال السنوات المقبلة".
وتابع: "هنيئاً للسودانيين بـ2019، لأنه استثنائياً وغير مسبوق، قهرت خلاله إرادتهم الظلم والاستبداد وتخلصوا من نظام البشير، ووضعوا بلادهم على مصاف عهد جديد عنوانه العدل والمساواة ودولة القانون، وصولاً للسلام والتنمية المستدامة".
aXA6IDMuMTQzLjIxNC4yMjYg جزيرة ام اند امز