تجديد الحياة البرية.. إصلاح ما أفسده البشر
صاغ مصطلح "إعادة الطبيعة البرية" عالم البيئة الأمريكي ديف فورمان في أوائل تسعينيات القرن العشرين وتلا ذلك صعوبات للاتفاق على مصطلح مؤكد.
وفي البداية ركز التعريف على ثلاثة محاور عرفت بالإنجليزية باسم Three s. وتمثل هذه المحاور، كما تقول د. أندريا بيرينو Andrea Perino من المركز الألماني لأبحاث التنوع البيولوجي التكاملي German Centre for Integrative Biodiversity Research:
1. المناطق المحمية الأساسية Core protected areas نوع من المناطق التي يحظر دخول الناس إليها
2. ثم الحيوانات الكبيرة اللاحمة Carnivores
3. والاتصال Connectivity بين تلك الموائل
وقد كان الهدف من إعادة الطبيعة البرية هو إنشاء أنظمة إيكولوجية ذاتية الاستدامة يمكنها أن تعود إلى مستويات من التنوع البيولوجي ما قبل تدخل البشر، ولكن الفكرة تطورت مع الوقت ففي عام 2015 وجد المؤرخ البيئي البروفيسور دوللي يورغنسن Dolly Jorgensen 6 استخدامات للكلمة من "التخلي عن الأرض المنتجة" إلى "إعادة إطلاق الحيوانات المرباة في الأسر بالبرية.
وقد ساعد الكاتب واختصاصي علم البيئة البريطاني جورج مونبيوت George Monbiot على نشر المصطلح في كتابه "الوحشي" Feral الصادر عام 2013، والذي دعا إلى السماح للطبيعة بإعادة بناء نفسها وإعادة إدخال الحيوانات البرية الكبيرة، مثل الوشق والقنادس والذئاب إلى بريطانيا.
ومؤخرًا تم اعتماد المصطلح من قبل ديفيد أتينبورو Sir David Attenborough في الفيلم الوثائقي الحياة على كوكبنا A Life on Our Planet الذي نال استحساناً كبيراً على ما تضمنه من "شهادة شاهد" من أجل البيئة. وقد تساءل: "إذن، ماذا نفعل؟"، بعد ساعة عرض خلالها الخسارة الهائلة للتنوع البيولوجي التي شهدها العالم خلال 94 عاماً. وقال: "لإعادة الاستقرار إلى كوكبنا، يجدر بنا استعادة تنوعه البيولوجي، وهو الشيء ذاته الذي قضينا عليه... ويجب علينا أن نعيد الطبيعة البرية للعالم".
وقد حدد بيرينو وزملاؤه إطاراً للكيفية التي يعتقدون أنه يمكن من خلالها إعادة الحياة البرية بطريقة تراعي أيضاً التفاعل البشري المستمر. وأضاف: "لقد بدأنا محاولاتنا للعثور على المكونات المختلفة التي يجب أن تتوفر لمساعدة نظام إيكولوجي على أن يكون مرناً"
وقد توصل الباحثون إلى 3 مكونات رئيسية تسمح لوظائف النظام الإيكولوجي بالتجدد :
- الأول: هو وجود ما يكفي من الأنواع على مستويات مختلفة من السلسلة الغذائية من الحيوانات المفترسة إلى الكائنات المحللة Decomposers ، وما يكفي من التكرار" Redundancy وهذا يعني توفر العديد من الأنواع لأداء أدواراً مماثلة
- الثاني: الحاجة إلى الترابط بين النظم الإيكولوجية، حتى تتمكن الأنواع من التنقل بينها.
- وأخيرًا: السماح بحدوث الاضطرابات الطبيعية، مثل الفيضانات أو الحرائق، يزيد من مرونة ومقاومة الحياة البرية ويساعد على. ضمان عدم سيطرة نوع واحد في النظام.
وترى ريغلي ربيكا ريفلي Rebecca Wrigery، -الرئيسة التنفيذية لمؤسسة استعادة الحياة البرية البريطانية Rewilding وهي مؤسسة خيرية أسست عام 2015- أن استعادة الحياة البرية تعني ترميم النظم الإيكولوجية على نطاق واسع وهذا من شأنه أن يعيد العمليات الطبيعية إلى النقطة التي يمكن فيها للطبيعة أن تعتني بنفسها، وهذا يشمل كل شيء بدءا من ضمان تدفق الأنهار بحرية إلى استعادة المستويات الطبيعية" الأعداد الحيوانات العاشبة والحيوانات المفترسة".
تثير إعادة الحيوانات الكبيرة في أكثر الأحيان الجدل حول مشروعات إعادة الطبيعة البرية، إذ يركز عدد كبير منها على الحيوانات المفترسة، مثل الذئاب والوشق مثل هذا الأمر يترافق مع التعبير عن آراء مستقطبة من جميع الجهات وتوترات مع المزارعين الذين يمكن أن يروا عمليات إعادة إدخال هذه الحيوانات على أنها استهانة بتراثهم وتهديد لسبل عيشهم.
هذا هو أحد الأسباب التي تجعل شراكة كارينغورمس كونيكت تفضل استخدام مصطلح "ترميم الموائل" Habitat restoration لوصف ما يجري في محمية أبرنيئي الوطنية الطبيعية، حتى وإن احتفى بها آخرون كمثال ناجح إعادة الطبيعة البرية.
تركز مشروعات إعادة الطبيعة البرية على إعادة إدخال الذئاب والوشق والحيوانات المفترسة الأخرى لأنها في أحيان كثيرة "أنواع أساسية" تحتل دوراً أساسياً في النظام الإيكولوجي الطبيعي، ويحافظ وجود الحيوانات المفترسة الرئيسية مثل الوشق على تدني أعداد الحيوانات العاشبة، مثل الغزلان، الأمر الذي تنتج منه تعاقب غذائي" Trophic cascade (انظر "عودة الذئاب"، الصفحة (78) تستفيد منها بشكل غير مباشر مجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات الأخرى. من الناحية العملية، في بريطانيا على الأقل، تميل مشروعات إعادة الطبيعة البرية في الوقت الحالي إلى التركيز على إعادة الحيوانات العاشبة، مثل القنادس ومؤخراً البيسون إلى الطبيعة، بدلاً من الحيوانات المفترسة
كما تحظى استعادة الحياة البرية باهتمام متزايد نظراً لقدرتها على المساعدة على التخفيف من آثار ظاهرة التغير المناخي فقد أظهرت الأبحاث أن المساحات الطبيعية المتدهورة التي أعيد ترميمها لديها إمكانات هائلة لاحتجاز الكربون ويمكن أن تؤدي دوراً في حماية الناس من تأثيرات التغير المناخي فالأشجار المزروعة، أو المستنبتة في البرية على سبيل المثال، تمتص وتخزن الكربون أثناء نموها، كما يمكن أن تقلل من مخاطر الفيضانات.
aXA6IDE4LjE5MS44Ny4xNTcg
جزيرة ام اند امز