صلاة وصوم وزكاة.. كيف يتعامل التائب مع ما فاته من طاعات؟ (خاص)
يمر بعض الأشخاص بمدة تطول أو تقصر من المعصية والبعد عن الله، لكنه ينتبهون في لحظة ويعلنون التوبة.
أحد أهم الأسئلة الشائكة التي يفكر فيها التائب، هل عليّ أن أقضي ما فاتني من صلاة وصيام وزكاة؟ أم يقبل الله توبتي ويقبل بالتزامي المستقبلي دون الالتفات للماضي، من منطلق أن التوبة تُجب ما قبلها.
هذا السؤال تحديدًا كان محط اهتمام العديد من علماء الدين، وتباينت الآراء بينهم عبر قرون عدة، فقال الحنفية والمالكية بوجوب القضاء إن قلَّت الفوائت بأن كانت صلوات يوم وليلة فأقل، وذهب الحنابلة إلى وجوبه مطلقاً، وذهب الشافعية إلى ندبه مطقاً، فإن لم يرتب في الفوائت الكثيرة فصلاته صحيحة عند الجمهور ولا إثم عليه، وصرح الحنابلة بعدم جواز ذلك، ووجوب إعادتها ولو كان جاهلاً بعدم وجوب الترتيب.
"العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من المشايخ وعلماء الدين وطرحت عليهم السؤال، وكانت هذه إجاباتهم.
علاقة لا نتدخل فيها
يقول الدكتور عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، إن على التائب أن يحسن توبته حتى يقبلها الله عز وجل، فإن أنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين.
وأضاف هندي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن الله يحب التوبة والتوابين، والعلاقة بين الله والإنسان علاقة بين الخالق والمخلوق لا أحد يتدخل فيها، فالله يقبل التوبة حتى يموت الشخص أو تخرج الشمس من مغربها.
وينصح هندي التائب بأن يلتزم من وقت ما تاب حتى يتوب الله عليه، وإذا كان يستطيع أن يؤدي أمور فائتة في حقوق الناس فعليه أن يؤديها، وأما الطاعات وأمور الله، فهي مفوضة إلى الله، وهو من يفصل فيها لا البشر.
دين في رقبته
أما الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف، فيقول إن الإنسان يجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله في كل وقت وحين، وأن يجدد من استغفاره ويكثر منه فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ".
ويضيف سليمان، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن الإنسان يجب أن يكون مستعدًا للتوبة دومًا، وأنه بالنسبة للصلوات والعبادات الفائتة فيجب عليه أن يؤديها لأنها دين في رقبته لله، فيحسب كم سنة أضاع صلاتها وصيامها، فيصلي مع كل فرض جديد فرض فائت أو أكثر حتى قدرته، ويؤدي الصيام الفائت.
واعتبر سليمان أن القضاء واجب لأن هذه العبادات صار في رقبته ما دام يستطيع أن يؤديها، مؤكدًا أن الزكاة من أسهل الأمور في تأديتها فيحسب كم حول مر عليه ولم يخرجها فيدفعها مرة واحدة.
الأخلاق الفائتة أولى
أما الدكتور علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية وشيخ الطريقة العزمية، فيؤكد أن التائب عليه أن يبدأ الصلاة من وقت توبته، ويداوم على الصلاة والصيام والزكاة وجميع فروض الله في وقتها، وأن يتدرج في السنن؛ حتى يكون على الصورة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه.
ويضيف أبو العزائم، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن هناك من يرون ضرورة أداء العبادات الفائتة، وهذا أمر واجب على كل من استطاع إليه سبيلًا، أما من كبر سنه أو ضعف جسمه، أو صرعته الأمراض والأوجاع، فالأولى له أن يؤدي الأخلاق الفائتة عن الصلوات الفائتة، قائلاً: "إن لم يكن لك وقت أو قدرة لأداء العبادات بسبب العوامل التي ذكرتها، فلا تفوتك ثمرتها".
ويقول أبو العزائم إن القادر فعليه القضاء متى استطاع، مع أداء الأخلاق الفائتة في نفس الوقت، وأول الأخلاق التي يجب أن يتخلق بها هي: الصدق والأمانة، فإنهما أخلاق رسول الله قبل البعثة، ولا يكون المسلم مسلمًا إلا إذا كان متصفًا بهما، ثم عليه أن يتخلق بأخلاق الإسلام، ويجعل هدفه الوصول لمكارم الأخلاق.
aXA6IDEzLjU5LjkyLjI0NyA= جزيرة ام اند امز