التقرير السنوي للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في اليمن كان صادماً وغريباً.
التقرير السنوي للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في اليمن كان صادماً وغريباً، حيث تضمن مزاعم واتهامات للحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم للشرعية، وانحرف عن مبدأ الحياد الإنساني وافتقد مبادئ وقيم الاستقلالية والمصداقية والنزاهة، وانحاز بوضوح للانقلاب، متجاوزاً قرارات مجلس الأمن الدولي ومتخطياً القانون الدولي الذي انحاز لشرعية الدول وجرّم الانقلابات.
إذا كانت الأمم المتحدة تراهن على تقريرها هذا ليكون ورقة ضغط على التحالف العربي والشرعية في مفاوضات جنيف القادمة فإن رهانها خاسر لا محالة وستخذلهم مليشيات الانقلاب التي لا تفقه في السياسة شيئا
هذا التقرير تلاعب بالمفاهيم والمصطلحات على نحو جعله يبدو متناغماً مع مضامين ومفاهيم الخطاب الحوثي - الإيراني، بالإضافة إلى تغطيته غير المبررة على جرائم الانقلابيين الحوثيين والخروقات الإيرانية السافرة والمستمرة للقرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216، واستمرارها في دعم الانقلاب وتهريب السلاح، فضلاً عن محاولة تعميم المسؤولية وفصل تداعيات الحرب الانقلابية عن أسبابها المتمثلة بالانقلاب على السلطة الشرعية وإسقاط الدولة واجتياح المحافظات اليمنية ونهب مقدرات الدولة والتسبب بكارثة إنسانية غير مسبوقة، الأمر الذي يثير تساؤلات وعلامات استفهام كبيرة هو تبني التقرير الأممي لغة الحوثيين والإيرانيين ووصفه لعملية استعادة الحديدة من قبضة الانقلابيين بـ"العدوان"، وأيضا وصفه الانقلاب على الشرعية الدستورية في اليمن واجتياح مليشيا الحوثي المدعومة من إيران المحافظات اليمنية وإسقاطهم الدولة بـ"الثورة" ووصف أشهر زعيم إرهابي متطرف في المنطقة العربية، عبدالملك الحوثي بـ"قائد الثورة" وهو الوصف الذي يلتزم به أنصاره ووسائل إعلام الانقلابيين.
ليس مبالغة أن تقرير الأمم المتحدة لم يكن بإملاءات حوثية فحسب، بل إنّ من كتبه وصاغه هم حوثيون بامتياز وفي أقل تقدير صاغوا أهم ما ورد فيه، فعبارة "سلطة الأمر الواقع" التي تكررت بشكل واسع في التقرير هي مصطلح حوثي متداول يستخدمونه تعبيراً عن الانقلاب، لذلك نتساءل كيف دخل هذا المصطلح تقرير الأمم المتحدة؟
لم يتجاهل التقرير تداعيات الحرب الانقلابية وجرائم مليشيا الحوثي وعشرات الصواريخ التي أطلقتها المليشيات على المدنيين في المملكة فحسب، بل تغاضى حتى عن مجرد الإشارة إلى محرك الحوثيين وراعي الانقلاب والإرهاب في اليمن وهو النظام الإيراني، الذي توصل تقرير فريق العقوبات الدولية إلى دلائل تثبت تورطه في تهريب الأسلحة وتزويد المليشيا الانقلابية بالخبرات وتأكيد الحكومة اليمنية على امتلاكها أدلة كاملة تثبت تورط إيران في دعم ورعاية المليشيا ووقوفها وراء إطالة أمد الحرب، كما غض التقرير الطرف عن دور "حزب الله" الإرهابي رغم رسائل الحكومة الشرعية المتكررة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، التي تدعو فيها إلى تحقيق دولي بشأن تدخلات "حزب الله" الإرهابي في الشأن اليمني من خلال دعم الانقلابيين.
تقرير خبراء الحوثي والأمم المتحدة هذا يشجع النظام الإيراني وحزب الله الإرهابي على التدخل أكثر في اليمن، ويشجع المليشيا الحوثية على الاستمرار في انتهاكاتها وجرائمها وزرع المزيد من الألغام لحصد أرواح اليمنيين وإرسال المزيد من الصواريخ الباليستية على السعودية، أما إذا كانت الأمم المتحدة تراهن على تقريرها هذا ليكون ورقة ضغط على التحالف العربي والشرعية في مفاوضات جنيف القادمة فإن رهانها خاسر لا محالة، وستخذلهم مليشيات الانقلاب التي لا تفقه في السياسة شيئا، لا حل للأزمة اليمنية إلا بتنفيذ قرار مجلس الأمن وتخليص اليمن من مليشيات الحوثي الكهنوتية ليعود لنا اليمن عربياً سعيداً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة