«تسريب الوثائق».. هل يلغي الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
اعتذار أمريكي وفتح تحقيق، ردود أفعال اتخذتها الولايات المتحدة، إثر تسريب وثائق استخبارية سرية عن استعدادات إسرائيل لمهاجمة إيران، أكد صحتها مسؤولون في واشنطن، مما طرح تساؤلا: هل تتراجع تل أبيب عن مهاجمة طهران؟
ووفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر، فإن الولايات المتحدة تحقق في تسريب معلومات استخباراتية أمريكية سرية للغاية حول خطط إسرائيل للرد على إيران، فيما أكد أحد الأشخاص المطلعين صحة الوثائق.
ونقلت شبكة «سي إن إن» الأمريكية عن مسؤول أمريكي قوله إن التسريب «مثير للقلق الشديد». فيما أبلغ مصدر إسرائيلي صحيفة «هآرتس»، قوله إن «الولايات المتحدة اعتذرت لإسرائيل عن التسريب».
مجلس النواب الأمريكي يتدخل بسبب تسريبات إيران وإسرائيل
وأعلن رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون يوم الأحد إن هناك تحقيقا جاريا في تسريب وثائق استخباراتية أمريكية سرية.
وقال جونسون في حديث لشبكة سي إن إن: "هناك إحاطة على مستوى سري... نحن نتابعها عن كثب" دون أن يقدم تفاصيل عن الإحاطة.
فهل يؤدي التسريب إلى إلغاء الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
تقول صحيفة «هآرتس»، إن تسريب وثائق استخبارية سرية أمريكية عن الاستعدادات الإسرائيلية لمهاجمة إيران أدى إلى إفشاء بعض أسراره وليس إلغائه.
وأوضحت الصحيفة الإسرائيلية، أن تل أبيب مصممة على تنفيذ الهجوم، مشيرة إلى أنه رغم ما يثار عن الوثيقتين المسربتين فإن الحديث في إسرائيل عن مهاجمة إيران لم يتوقف وإن كان الحديث عن الأهداف ما زال محل خلاف.
وتقدر العديد من الأوساط الإسرائيلية بأن الأهداف ستكون مواقع وقواعد عسكرية إيرانية دون استبعاد لمهاجمة منشآت نفطية ونووية رغم المعارضة الأمريكية.
متى ستهاجم إسرائيل إيران؟
تشير التقديرات إلى أن الضربة المتوقعة ستتم قبل نهاية الشهر الجاري بسبب قرب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وإن كانت إسرائيل تريد تاريخًا ذا دلالة خاصة، فإن يوم 24 يصادف عيد سمحات هتوراه وهو اليوم الذي تم فيه تنفيذ هجوم 7 أكتوبر وفق التقويم العبري أو 27، وهو اليوم الذي حددته إسرائيل لإحياء الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر.
ويصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل يوم الثلاثاء في إطار جولة في المنطقة تركز على دفع وقف إطلاق النار في غزة.
تسريب أمريكي متعمد؟
قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في تقرير تابعته «العين الإخبارية»: في أعقاب التسريب، اعتذرت مؤسسة الدفاع الأمريكية لإسرائيل، ولكن في إسرائيل لا يوجد تقييم للسبب وراء التسريب - ولكن لا يوجد شك في أنها كانت خطوة متعمدة من قبل الإدارة.
وكشفت النقاب عن أن «إسرائيل تعتقد أن هذه ربما تكون مبادرة شخصية، ربما من قبل شخص مناهض لإسرائيل داخل الإدارة، من بين الذين عارضوا الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ اندلاع الحرب».
وقالت: «يشهد التسريب على المراقبة الأمريكية لإسرائيل، على الرغم من التحالف بين البلدين، لكن لا أحد في إسرائيل يخدع نفسه بأنه لا توجد مثل هذه المراقبة، تقوم الولايات المتحدة بذلك بكل الأدوات المتاحة لها، ولديها العديد من الأدوات».
وأضافت: «لقد خلق الإحراج لأنه خرج، والضرر الذي لحق بمصداقية المؤسسة الأمنية والاستخباراتية في الولايات المتحدة».
وتابعت: «في إسرائيل، هناك توقع بأن تكتشف الولايات المتحدة المسرب وتتخذ إجراءات قوية ضده حتى لا يحدث ذلك مرة أخرى. يجب التأكيد على أنه من غير المتوقع أن يتسبب التسريب في إخفاء إسرائيل للأشياء عن الأمريكيين، لأنهم يعرفون بالفعل الكثير من خلال أقمارهم الصناعية ووسائلهم الاستخباراتية المتقدمة، لكن التسريب قد يزيد بالتأكيد من الشكوك في واشنطن».
الأمر نفسه أشارت إليه صحيفة «هآرتس»، قائلة إن محتويات الوثيقتين اللتين تم تسريبهما «تشير إلى مراقبة دقيقة لاستعدادات إسرائيل من قبل وكالات الاستخبارات الأمريكية».
وقالت: «رغم التعاون الوثيق مع إسرائيل، لا يزال المسؤولون الأمريكيون حذرين من نوايا نتنياهو، خوفًا من أنه قد يسعى إلى إشعال صراع أوسع في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الأمريكية، مما قد يضر بفرص كامالا هاريس ويفيد دونالد ترامب».
وأضافت: «لقد عارض بايدن صراحة الضربات الإسرائيلية على إنتاج النفط الإيراني أو المنشآت النووية، مفضلاً ردود الفعل العسكرية المستهدفة بعد الهجمات الصاروخية الباليستية الإيرانية الأخيرة. لا تزال الإدارة غير متأكدة مما إذا كانت إسرائيل ستستجيب لموقف بايدن أو تتصرف بشكل مستقل بضربة أكثر شمولاً».
ماذا نعرف عن الوثائق المسربة حول إسرائيل وإيران؟
بدأت الوثائق، المؤرخة في 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول، في التداول عبر الإنترنت يوم الجمعة بعد نشرها على تطبيق «تلغرام»، بواسطة حساب يسمى "ميدل إيست سبكتيتور".
وقد تم تصنيفها على أنها سرية للغاية وتحمل علامات تشير إلى أنها مخصصة فقط للولايات المتحدة وحلفائها في «الخمس عيون» - أستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة.
وتصف الوثائق الاستعدادات التي يبدو أن إسرائيل تقوم بها لشن هجوم على إيران. وتقول إحدى الوثائق، التي يقال إنها أعدتها وكالة الاستخبارات الجغرافية الوطنية، إن الخطط تتضمن نقل إسرائيل للذخائر.
وتقول وثيقة أخرى إن مصدرها وكالة الأمن القومي، وتوضح تفاصيل تدريبات للقوات الجوية الإسرائيلية تتضمن إطلاق صواريخ جو-أرض، ويُعتقد أيضاً أنها استعداد لشن هجوم على إيران.
وقال مسؤول أمريكي إن التحقيق يفحص من كان لديه حق الوصول إلى الوثيقة المزعومة الصادرة عن البنتاغون، بحسب «سي إن إن»، التي قالت إن أي تسريب من هذا القبيل من شأنه أن يؤدي تلقائيا إلى فتح تحقيق من جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى جانب البنتاغون ووكالات الاستخبارات الأمريكية.
يأتي هذا التسريب في لحظة بالغة الحساسية في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مما أثار غضب الإسرائيليين، الذين كانوا يستعدون لضرب إيران رداً على إطلاق الصواريخ الإيرانية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
هل تمتلك إسرائيل أسلحة نووية؟
وتشير إحدى الوثائق إلى أمر كانت إسرائيل ترفض دائماً تأكيده علناً: وهو أن البلاد تمتلك أسلحة نووية. وتقول الوثيقة إن الولايات المتحدة لم تر أي مؤشرات على أن إسرائيل تخطط لاستخدام سلاح نووي ضد إيران.
وقال ميك مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط وضابط وكالة المخابرات المركزية المتقاعد: «إذا كان صحيحاً أن الخطط التكتيكية الإسرائيلية للرد على هجوم إيران في الأول من أكتوبر/تشرين الأول قد تسربت، فهذا خرق خطير».
وأضاف مولروي أن «التنسيق المستقبلي بين الولايات المتحدة وإسرائيل قد يكون محل تساؤل أيضا. فالثقة عنصر أساسي في العلاقة، واعتمادا على كيفية تسريب هذه المعلومات فإن هذه الثقة قد تتآكل».
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين لوكالة «أسوشيتد برس»، إن التحقيق يفحص أيضًا كيفية الحصول على الوثائق - بما في ذلك ما إذا كان تسريبًا متعمدًا من قبل أحد أعضاء مجتمع الاستخبارات الأمريكي أو تم الحصول عليه بطريقة أخرى، مثل الاختراق - وما إذا كانت أي معلومات استخباراتية أخرى قد تعرضت للخطر. وقال المسؤول إنه كجزء من هذا التحقيق، يعمل المسؤولون على تحديد من كان لديه حق الوصول إلى تلك الوثائق.
وتشير وثيقة من أصل 2، تم نشرهما في موقع محسوب على إيران، إلى الاستعدادات لتسليح الطائرات بنوعين من الصواريخ الباليستية التي تطلق من الجو، أحدهما هو ROCKS، الذي طورته شركة رفائيل الإسرائيلية، وتتمثل ميزة هذه الصواريخ في قدرتها على إطلاق ذخائر دقيقة من مسافة بعيدة، تتجاوز أنظمة الدفاع الجوي للعدو.
أما الصاروخ الباليستي الثاني الذي يُطلق من الجو فيحمل اسم "Golden Horizon، وهو اسم لم يتم الكشف عنه علنًا من قبل، مما يجعل من الصعب تحديده.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها تسريب معلومات سرية للغاية عن إسرائيل من وكالات الاستخبارات الأمريكية، ولكن الكشف عنها جاء في توقيت حساس تستعد فيه إسرائيل لتوجيه ضربة تقول إنها قوية لطهران.
aXA6IDE4LjIyMS4xMDIuMCA= جزيرة ام اند امز