بعد نتائج كارثية.. هل يودع "العدالة والتنمية" المغربي السلطة؟
الهزيمة التي مُني بها حزب "العدالة والتنمية" المغربي في انتخابات "الغرف المهنية"، اعتبرها محللون مُؤشراً على نتائج قد تكون أكثر كارثية خلال الانتخابات البرلمانية والمحلية المزمع تنظيمها الشهر المقبل.
وأكدوا على أن هذه النتائج مؤشر مهم فيما يخص قياس اتجاهات الرأي العام والناخبين قبل شهر فقط من موعد انتخابات عامة حاسمة للحزب الذي يمكث على رأس السلطة منذ عقد من الزمان.
وأشاروا إلى أن الحزب الذي يدير الشأن العام المغربي لم يقم ممثلوه بتوسيع مجالات علاقاتهم، حيث ظلت منحصرة في أولئك الذين تربطهم بهم علاقات أيديولوجية.
ومنذ أشهر وحزب العدالة والتنمية المغربي يعيش على وقع خلافات وانقسامات عميقة، بلغت حد تقديم استقالات جماعية لنشطاء في الحزب، ثم قيادات.
وحل حزب العدالة والتنمية في ذيل ترتيب عدد المقاعد المحصل عليها في الانتخابات الخاصة بالغرف المهنية.
أرقام ودلالات
وفي ضربة قاضية للحزب، حصل على 49 مقعداً فقط، من أصل 2230 مقعداً في مختلف الغرف المهنية بالمملكة المغربية.
في المقابل، حل حزب "التجمع الوطني للأحرار" في المقدمة، بـ638 مقعداً، يليه حزب الأصالة والمعاصرة بـ363 مقعداً.
وتراجع عدد مقاعد حزب العدالة والتنمية من 196 كان قد حاز عليها في انتخابات عام 2015، إلى 49 مقعداً خلال الانتخابات الحالية.
وتبعاً للمعطيات الرسمية، فإن الحزب فقد ثلاثة أرباع ما كان بحوزته من مقاعد، وذلك في وقت استطاعت أحزاب أخرى مُضاعفة مقاعدها بشكل ملحوظ.
326 هو عدد المقاعد التي كانت بحوزة حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات السابقة، ليتمكن من مُضاعفتها خلال الاستحقاقات الحالية، لتصير 638 مقعداً.
حزب الاستقلال، بدوره تمكن من زيادة تسع مقاعد على ما كان لديه قبل حوالي خمس سنوات، إذ حاز خلال استحقاقات هذا العام على 360 مقعداً.
انعكاس للفشل
وجاءت هذه النتائج التي توقعتها العديد من الأوساط السياسية، لتعكس فشل الحزب في ربط علاقات وثيقة مع التجار والحرفيين والمهنيين، ناهيك عن الخيبة الكبيرة التي أصيب بها المواطنون بشأن هذا الحزب، وفق محمد الطوزي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع والعلوم السياسية.
وأوضح أن الحزب الذي يدير الشأن العام المغربي لمدة عشر سنوات، لم يقم ممثلوه بتوسيع مجال اشتغالهم، وهو المجال الذي ظل منحصراً في ظل أولئك الذين تربطهم بهم علاقة أيديولوجية.
وأشار إلى أن من الأمور التي حسمت نتيجة الانتخابات المهنية في المغرب الأداء السياسي للحزب، ناهيك عن الدينامية التواصلية الجديدة التي تقودها عدة أحزاب مغربية، والتي ظهرت جلياً في نتائجها في هذه الانتخابات الفئوية.
وإن كانت هذه الانتخابات فئوية، ولا يُمكن إسقاطها بشكل كبير على الانتخابات التشريعية أو البلدية، خاصة وأن الأخيرتين تُشارك فيهما كتلة ناخبة أكبر، إلا أن الطوزي يرى أن "التصويت العقابي ضد حزب العدالة والتنمية سيكون حاضراً".
ومن بين مبررات التصويت العقابي ضد العدالة والتنمية، هو أن هذا الأخير اشتغل طيلة سنوات بمنطق "أنه يتم عرقلة ومنع اشتغالنا"، إلا أن هذا الشعار لم يعد مُجدياً اليوم.
تراجع له دلالاته
ورغم أن انتخابات الغرف المهنية لا تُشبه نظيرتها التشريعية ولا المحلية، إلا أن نتائجها تحمل العديد من الدلالات، خاصة على مستوى التراجع الكبير الحاصل في حجم المقاعد التي حصل عليها العدالة والتنمية.
وفي هذا الصدد، يرى خالد البكاري، وهو محلل سياسي وفاعل في المجال الحقوقي، أن الأمر لا يتعلق فقط بالاحتفاظ بنفس حجم أصوات الاستحقاقات الماضية، بل هو فقدان أكثر من ثلثي المقاعد التي كانت بحوزته.
ولفت البكاري في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى وجود توجه بالتصويت بشكل عقابي ضد حزب العدالة والتمنية، خاصة وأن الأمر ليس وليد هذه الانتخابات فقط، بل حتى الانتخابات الجُزئية التي عرفتها العديد من المدن المغربية، وأيضاً حتى انتخابات ممثلي النقابات.
ويستعد المغرب لتنظيم انتخابات تشريعية وجهوية، في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، وسط تباين بين الخبراء حول توقعات نتائج الاقتراع التشريعي، الذي يعد الأهم سياسياً ضمن الاستحقاقات المرتقبة.
aXA6IDE4LjIyMS45MC4xODQg
جزيرة ام اند امز