العودة للفحم.. عقبة في طريق مفاوضات "كوب 27"
خلال قمة المناخ في غلاسكو باسكتلندا "كوب 26"، سعت بعض الدول إلى إقرار توجه بـ"التخلص التدريجي" من الفحم، ولكن اعتراضات دول أخرى، وفي مقدمتها الهند، دفعت باتجاه إقرار عبارة "الخفض التدريجي".
وبينما كانت الدول الداعية لـ"التخلص التدريجي" وفي مقدمتها دول أوروبا، تأمل في أن تنجح قمة شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فيما فشلت فيه، قمة غلاسكو، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتحدث ارتباكا، ربما يجعل الدول الأوروبية نفسها من أشد الداعمين لـ"الخفض التدريجي" وليس "التخلص التدريجي".
وتسببت تداعيات الحرب في اتخاذ روسيا قرارات بقطع الغاز عن بعض الدول الأوروبية، وتخفيض الكمية التي يتم تصديرها لدول أخرى، وهو ما دفع بعض الدول إلى العودة للفحم مجددا، لتأمين احتياجاتها من الطاقة في الشتاء.
وأعلنت ألمانيا والنمسا في نهاية هذا الأسبوع عن تدابير طارئة للتعامل مع انخفاض تدفقات الغاز الروسي، بما في ذلك الاستخدام المحتمل لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم لإنتاج الطاقة.
وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من قطع إمدادات الغاز وانخفاض التدفقات إلى أوروبا، الأمر الذي دفع حكومات الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن إمدادات بديلة وبناء الاحتياطيات.
وأوقف عملاق الطاقة الروسي المملوك للدولة "جازبروم" الإمدادات عن العديد من دول الاتحاد الأوروبي لرفضها دفع ثمن الغاز بالروبل، بما في ذلك بولندا ورومانيا وبلغاريا وفنلندا وهولندا.
لكن ألمانيا وجمهورية التشيك وإيطاليا والنمسا وسلوفاكيا واجهت أيضا انخفاضا في أحجام توصيل الغاز، مما أثار مخاوف بشأن إمدادات الغاز.
ولا يزال الفحم ثاني أكبر مصدر للكهرباء في ألمانيا، وقد فتحت الحرب نافذة لإطالة عمره، على الأقل مؤقتا.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية في بيان يوم الأحد (19 يونيو/حزيران) "من أجل تقليل استهلاك الغاز، سيتم استخدام كميات أقل من الغاز لإنتاج الكهرباء، وبدلا من ذلك، سيتعين استخدام محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بشكل أكبر".
ومع ذلك، قالت الحكومة الألمانية يوم الإثنين (20 يونيو) إنها لا تزال ملتزمة بالتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030.
ومن جانبها، أعلنت النمسا يوم الأحد الماضي عن اتفاقية مع شركة" فيربوند" المملوكة للدولة لاستخدام آخر محطة طاقة تعمل بالفحم في البلاد، والتي تم إغلاقها حاليًا، لتوليد الكهرباء من الفحم في حالة الطوارئ.
وبموجب سياسة "ريباوير"، أقرت المفوضية الأوروبية بأن الابتعاد عن الوقود الأحفوري الروسي قد يجبر البلدان على استخدام منشآت الفحم لفترة أطول من المتوقع.
ومع ذلك، أصر المسؤول التنفيذي في الاتحاد الأوروبي على أن تظل جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملتزمة بهدف خفض الانبعاثات لعام 2030 المحدد في قانون المناخ للاتحاد الأوروبي.
وقالت دول أخرى، مثل بولندا وبلغاريا، في وقت سابق إنها ستواصل استخدام الفحم لضمان استقرار نظام الطاقة في البلاد.
ويعد الفحم أحد أكبر المساهمين في تغير المناخ وتلوث الهواء، ومن المرجح أن يؤدي إطالة عمر محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في أوروبا إلى زيادة انبعاثات الكربون على المدى القصير.
ومع ذلك، جادل الخبراء بأن هذا التوجه وقتي وله علاقة بالحرب في أوكرانيا، حيث تبذل الحكومات كل ما في وسعها لضمان بقاء الأضواء مضاءة هذا الشتاء ولتأمين إمدادات الطاقة نظرًا للتهديد الحالي.
ووافقت الحكومة في المملكة المتحدة مؤخرا على إطالة عمر محطات الطاقة التي تعمل بالفحم خلال فصل الشتاء مع زيادة هدف الطاقة المتجددة البحرية.
وفي غضون ذلك، قالت هولندا أيضا يوم الإثنين الماضي إنها سترفع جميع القيود المفروضة على إنتاج محطات الطاقة التي تعمل بالفحم من عام 2002 إلى عام 2024 من أجل مواجهة انخفاض إمدادات الغاز من روسيا.
وقال وزير المناخ والطاقة الهولندي روب جيتين: "هذا يعني أن محطات الطاقة التي تعمل بالفحم يمكن أن تعمل بكامل طاقتها مرة أخرى بدلاً من 35 في المائة كحد أقصى"، مضيفا أنه في الوقت الحالي، لا يوجد "نقص حاد في الغاز" في بلد.
وفي ظل هذه الأجواء، لا يتوقع الخبراء أن تكون مهمة إقرار عبارة "التخلص التدريجي" سهلة في قمة "كوب 27"، بعد عودة الدول التي كانت قد تخلصت من الفحم نهائياً، إلى إعادة استخدامه مجدداً لتوليد الكهرباء، لتفادي تأثيرات العقاب الروسي لأوروبا بقطع الغاز.
وبينما قالت الأمم المتحدة يوم الأحد الماضي إن الطريقة الوحيدة لضمان أمن الطاقة هي تسريع نشر مصادر الطاقة المتجددة، يرى آخرون أن الطاقة النووية قد تكون الخيار الأمثل.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "إن الطريق الحقيقي الوحيد لأمن الطاقة، واستقرار أسعار الطاقة، والازدهار، وكوكب صالح للعيش يكمن في التخلي عن الوقود الأحفوري الملوث، وخاصة الفحم، والطاقة المتجددة هي خطة السلام في القرن الحادي والعشرين".
ويؤيد مجدي علام أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب، توجه نشر مصادر الطاقة المتجددة، كحل للمشكلة، لكنه يرى أن مشاكلها تجعل هناك ضرورة لمزيد من الاستثمار في الطاقة النووية.
وقال علام لـ "العين الإخبارية": "الطاقة المتجددة ترتبط بسطوع الشمسي وهبوب الرياح، ولكن الطاقة النووية تعطي كهرباء في أي وقت".
ولا يرى علام في حوادث انهيار محطات الطاقة النووية مثل كارثة فوكوشيما وتشيرنوبيل، والخوف من خطورة ذلك على البيئة، مبررا للإحجام عن هذا التوجه.
ويضيف: "حادث أو حادثان فقط، ليس مبررا للإحجام عن هذا الخيار، الذي أراه أكثر عملية من الطاقة المتجددة".
aXA6IDMuMTQ1LjEwOS4xNDQg جزيرة ام اند امز