الفساد هو السوس الذي ينخر البلدان من داخلها، وينهب ثرواتها.
لأول مرةٍ منذ بدء «عاصفة الحزم» وإعلان «التحالف العربي» في اليمن، يهاجم «الحوثيون» العاصمة السعودية الرياض، ما يشير- وبحسب «التحالف العربي»- إلى أن «الحوثي» وصالح ما زالا يتلقيان دعماً عسكرياً نوعياً من نظام الملالي في طهران.
الصراع الكبير في الشرق الأوسط هو بين الدول العربية بقيادة السعودية، باستثناء قطر، من جهة، وبين نظام إيران الطائفي الإرهابي، وقد مضى زمن حليفهم الأكبر باراك أوباما، وجاء زمن الرئيس دونالد ترامب الذي يسعى جهده لإعادة مكانة أميركا في العالم، ويجد في السعودية أكبر الحلفاء، بل إنها في مواجهة مشاريع طهران أكثر تقدماً ومواجهة بالعزم والحزم.
آن لإيران أن تعرف أن المواجهة القادمة ستكون قاسيةً وقويةً وأكبر من قدرتها على التحمل، وسيكون لها تبعات إقليمية ودولية كبرى، وأن السعودية الجديدة ترسم حدود القوة وتوازنات القوى في المنطقة من جديد، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وفي كافة المجالات.
عهد الملك سلمان هو عهد الحزم على المستويات كافة، داخلياً وإقليمياً ودولياً، وقد نشطت السعودية على كافة الصعد لرسم مواجهة شاملةٍ وطويلة الأمد مع المشروع الإيراني التخريبي، ومع كافة ذيوله وميليشياته المسلحة، سنيةً كانت أم شيعية، وقد بدأت الحلقة تضيق على أكبر وأشهر الميليشيات الإيرانية في المنطقة، وهو ما يسمى بـ«حزب الله» اللبناني.
آن لإيران أن تعرف أن المواجهة القادمة ستكون قاسيةً وقويةً وأكبر من قدرتها على التحمل، وسيكون لها تبعات إقليمية ودولية كبرى، وأن السعودية الجديدة ترسم حدود القوة وتوازنات القوى في المنطقة من جديد، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، وفي كافة المجالات.
لقد بدأت السعودية برسم الخطط وتبني التحالفات العسكرية ورصد الصفوف السياسية، وهي تعد العدة لمواجهة جميع الأعداء والخصوم في كل مكانٍ، وحين تأتي لحظة المواجهة، سيصبح «الحوثي» وميليشياته، وصالح وأتباعه مجرد رقمٍ صغيرٍ في معادلة إقليمية أكبر منهما، ومن داعميهما في قطر وجماعة «الإخوان» الإرهابية بكثير.
الحدث الضخم والتاريخي الآخر الذي شهدته الرياض هو أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء لجنة عليا لمكافحة الفساد، يرأسها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بنفسه، وبعضوية العديد من المؤسسات الكبرى في الدولة لملاحقة الفساد بشكل شاملٍ وكامل، وبأحداثٍ غير مسبوقةٍ تمثلت في إيقاف عددٍ من الأمراء والوزراء السابقين ورجال أعمالٍ.
في جميع الأحداث التي مرت في الثلاث سنوات الماضية تقريباً كان ولي العهد السعودي ورائد التطوير وباني المستقبل يؤكد لمواطنيه وللعالم أجمع أنه لا يصرّح بأي شيء إلا وهو يعنيه تماماً، وقد قال في أول لقاء متلفزٍ له إنه سيحارب الفساد ولن ينجو كائناً من كان من العقوبة لا أمير ولا وزير، ومثل كل تصريحاته الأخرى فقد أتبع القول بالفعل.
الفساد هو السوس الذي ينخر البلدان من داخلها، وينهب ثرواتها، ويدمر قدراتها، وهو على طول التاريخ وعرض الجغرافيا يشكل طبقات اجتماعية محتقنة ضد الدولة وصنّاع القرار، وكلما كان متفشياً، كان الاحتقان الشعبي عالياً، وقد جاءت لحظة الحقيقة في السعودية، والقضاء على الفساد بشكلٍ مبرم.
السعودية الجديدة هي السعودية المجيدة، السعودية القوية في الداخل والخارج، السعودية العادلة في إصلاحاتها الكبرى التي تخوضها داخلياً وفي مواجهاتها الإقليمية والدولية، وفي صراعاتها السياسية والعسكرية، وفي مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه العالم كظاهرة الإرهاب والتطرف. مثل هذه المواجهة الحاسمة للفساد والفاسدين، أياً كانوا هي مواجهة لا يُراد منها إصلاح الماضي فحسب، بل كذلك بناء مستقبلٍ زاهٍ لا يخترمه الفساد من أي جهة في عرض البلاد وطولها، كما أنه يبعث برسائل بالغة الوضوح لكل من له علاقة بالسعودية، من الدول والسياسيين والمستثمرين، بأن حقوقهم ستكون محفوظة بشكل كامل ولن يستطيع أحد، كبيراً كان أم صغيراً، أن يؤثر عليها. أخيراً، الأخبار السعيدة التي تخرج من الرياض بتتابع وتسارعٍ لافت توحي بمستقبل يتجاوز كل عقبات الماضي مهما ظن البعض أنه لا يمكن تجاوزها.
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة