"اتفاق الرياض" على مدار 9 شهور.. محطات ومؤامرات وإنجازات
السعودية تعلن عن آلية لتسريع وتفعيل تنفيذ الاتفاق، توافقت عليها الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
بعد نحو 9 شهور من توقيع "اتفاق الرياض"، وضعت السعودية حدا لمؤامرات الإخوان لعرقلة تنفيذ الاتفاق، وكشفت، مساء الثلاثاء، عن آلية لتسريع وتفعيل تنفيذ الاتفاق، قوبلت بترحيب من الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وفي تنفيذ سريع للآلية على أرض الواقع، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، فجر الأربعاء، التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية "حتى يتاح للتحالف العربي تطبيق اتفاق الرياض".
بدوره، كلّف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الدكتور معين عبدالملك بتشكيل حكومة الكفاءات الجديدة بناء على اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية.
وتتألف حكومة عبدالملك المرتقبة، التي سيتم تشكيلها خلال 30 يوما، من 24 حقيبة وزارية فقط، وسيتم توزيعها بالمناصفة بين محافظات الشمال والجنوب، بعد تقليص نحو 10 وزارات عن الحكومة الحالية.
الإخوان والحوثيون يخسرون
وتسهم الآلية الجديدة في إزالة العراقيل الإخوانية أمام تنفيذ الاتفاق، والبدء في تطبيقه، الأمر الذي من شأنه توحيد الصفوف داخل الحكومة الشرعية، وتوجيه البوصلة لردع الانقلاب الحوثي.
وستكون المليشيا الحوثية أحد أكبر المتضررين من استئناف تنفيذ اتفاق الرياض، مع توحد كافة القوى المؤيدة للشرعية ضد الانقلاب المدعوم إيرانيا.
كما سيشكل تنفيذ الاتفاق صفعة مدوّية لمحور قطر - تركيا والمشروع الإخواني، الذي عمل منذ توقيع الاتفاق على تغذية الصراعات داخل صفوف القوى المناهضة للانقلاب الحوثي، وتفجير الوضع عسكريا بالمناطق المحررة، تنفيذا لمخطط مشبوه من تنظيم الإخوان الإرهابي.
وبمجرد تنفيذ اتفاق الرياض، سيخسر إخوان اليمن، عددا من الوزراء والعشرات من نواب الوزراء والوكلاء الذين ساهموا في عرقلة تنفيذ الاتفاق والتحريض على الاضطرابات أو الإساءة للتحالف العربي، وسيتم استبدالهم بشخصيات تكنوقراط ولا علاقة لها بتنفيذ الأجندة الإخوانية المشبوهة.
محطات هامة
قطار "اتفاق الرياض" مر بمحطات عديدة منذ توقيعه وحتى بدء تنفيذه تستعرض "العين الإخبارية" أبرز تلك المحطات في التقرير التالي:
5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019: وقعت "الحكومة اليمنية" و"الانتقالي الجنوبي"، على اتفاق لنزع فتيل التوتر في عدن والمدن المحررة، بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي.
ونص الاتفاق على عدد من البنود السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، أبرزها تشكيل حكومة كفاءات بالمناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية بالتشاور، وكذلك تعيين محافظين للمحافظات الجنوبية، وانسحاب الوحدات والألوية العسكرية من المواقع التي تمركزت فيها خلال أحداث أغسطس/آب الماضي.
10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019: استأنفت المرافق الحكومية اليمنية في عدن أنشتطها، كأول ثمار لاتفاق الرياض، بعد تعليقها منذ أغسطس/آب الماضي، على خلفية الأحداث التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن.
14 يناير 2020: التحالف العربي يعلن عن بدء تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية.
وأشرف التحالف على إطلاق 38 محتجزا من الطرفين عقب أحداث عدن في أغسطس/آب 2019.
وتتضمن المرحلة الثانية في اتفاق الرياض "عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية أغسطس /آب 2019 إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية خلال 15 يوماً في كل محافظة من تاريخ التوقيع".
كما تتضمن المرحلة الثانية "تجميع ونقل الأسلحة المتوسطة والثقيلة بأنواعها المختلفة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق إلى معسكرات داخل عدن تحددها وتشرف عليها قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن"، على أن يعين الرئيس اليمني بناء على معايير الكفاءة والنزاهة والتشاور "محافظاً ومديراً لأمن محافظة عدن خلال 15 يوماً من تاريخ التوقيع على الاتفاق".
عقبات إخوانية متتالية
أجهضت الإخوان تنفيذ تلك المرحلة، فعقب اجتماع لجان مشتركة من "الشرعية" و"الانتقالي" نهاية يناير 2020 في الرياض، والاتفاق على تفاهمات تتضمن بدء عملية الانسحابات للوحدات العسكرية على أن يتبعها تعيين محافظ لعدن ومدير لأمنها، نفذت القوات الجنوبية الانسحابات المطلوبة منها في جبال "شقرة" بمحافظة أبين، فيما رفضت القوات الموالية لحزب الإصلاح الإخواني بمحافظة شبوة تنفيذ الانسحابات المطلوبة منها والعودة إلى أدراجها في مأرب والجوف والبيضاء.
وخلافا لإفشال عملية الانسحابات وتعيين محافظ جديد لعدن، عرقل جناح الإخوان في الشرعية تشكيل حكومة كفاءات مشتركة يشارك فيها المجلس الانتقالي الجنوبي التي كان من المفترض أن تتم بعد مرور شهرين من توقيع الاتفاق.
ومنذ توقيع اتفاق الرياض في الـ5 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومع كل خطوة يدفع بها التحالف العربي والأطراف الموقعة على الاتفاق نحو تنفيذه، كانت تنشط العناصر الإخوانية لإجهاض الاتفاق وعرقلة تنفيذه بكل السبل.
وفي مقابل التغاضي التام عن الجرائم الحوثية بالمناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب، عمدت الخلايا الإخوانية على تأجيج الأوضاع بالمحافظات المحررة، خصوصا عدن وحضرموت وسقطرى، خدمة للمشروع الإيراني التركي القطري من جهة، وخوفا من انتهاء الهيمنة الإخوانية على مفاصل القرار داخل أجهزة الدولة التي سيطوي صفحاتها تنفيذ اتفاق الرياض.
ولم تترك العناصر الإخوانية من وسيلة إلا واستخدمتها بهدف وأد الاتفاق خدمة للمشروع الحوثي، وخلافا للتصعيد العسكري، جنّد تنظيم الإخوان، مئات الخلايا الإلكترونية للنيل من اتفاق الرياض وزرع المكائد بين دول التحالف العربي والشرعية والنيل من الوجود السعودي في مدن الجنوب، بعد سنوات من التحريض على القوات الإماراتية بمدينة عدن.
كما جنّد تنظيم الإخوان وبرعاية قطرية، مئات الخلايا للنيل من السعودية والإمارات، ومحاولة الوقيعة أيضا بين التحالف العربي والمجلس الانتقالي الجنوبي.
مغردون سعوديون ويمنيون تصدّوا للحملات الإخوانية المشبوهة المُسلّطة ضد قيادات التحالف العربي، لاستهداف علاقة السعودية بالإمارات والتحريض على الوجود السعودي في مدن الجنوب بعد سنوات من التحريض على الوجود الإماراتي هناك.
وتسببت عرقلة تطبيق اتفاق الرياض في استمرار الشرخ داخل صفوف القوى المناهضة للانقلاب الحوثي، وهو ما مكّن المليشيا خلالها من استجماع قواها، وشن عمليات هجومية في أكثر من محافظة يمنية، وإثارة الفتنة بين الحكومية اليمنية والانتقالي الجنوبي، سرعان ما كان يتدخل التحالف لاحتواء الأمور إدراكا منه لأهمية تحقيق الوحدة وإغلاق الطريق على مؤامرات تحالف الشر.
22 يونيو/ حزيران 2020: أعلن التحالف العربي بقيادة السعودية، موافقة الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن على وقف شامل لإطلاق النارمع وقف كافة أشكال التصعيد.
واتفقت الأطراف أيضاً على المضي قدماً في تنفيذ اتفاق الرياض، وعودة اللجان والفرق السياسية والعسكرية للعمل على تنفيذه وبشكل عاجل.
28 يوليو/ تموز 2020: أعلنت السعودية التوصل لآلية لتسريع العمل باتفاق الرياض عبر نقاط تنفيذية تتضمن؛ استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي والذي بدأ سريانه منذ 22 / 6 / 2020 م.
كما تتضمن الآلية إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن الإدارة الذاتية وتطبيق اتفاق الرياض وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً، وخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة وفصل قوات الطرفين في (أبين) وإعادتها إلى مواقعها السابقة.
إضافة إلى إصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي، فور إتمام ذلك، وأن يباشروا مهام عملهم في (عدن) والاستمرار في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض في كافة نقاطه ومساراته.
وأعلنت الرياض أنه "جرى العمل على جمع طرفي الاتفاق في الرياض، وبمشاركة فاعلة من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد استجاب الطرفان وأبديا موافقتهما على هذه الآلية وتوافقا على بدء العمل بها، لتجاوز العقبات القائمة وتسريع تنفيذ اتفاق الرياض".
29 يوليو/ تموز 2020: سلسلة خطوات لتنفيذ اتفاق الرياض بموجب الآلية الجديدة.
- أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن، التخلي عن إعلان الإدارة الذاتية "حتى يتاح للتحالف العربي تطبيق اتفاق الرياض".
وكتب المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم على "تويتر"، أن القرار يأتي "في إطار الجهود التي تبذلها قيادة التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض، والوصول إلى حلول من شأنها معالجة الأوضاع السياسية والعسكرية والإنسانية والتنموية، واستجابة لتدخل قيادة السعودية وقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، وحرصا على إنجاح جهود قيادتي البلدين الشقيقين لتنفيذ اتفاق الرياض، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتوحيد الجهود المشتركة لمواجهة ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية".
- أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي، قرارا بتعيين أحمد حامد لملس، محافظا للعاصمة المؤقتة عدن، ومحمد أحمد الحامدي، مديرا لشرطة العاصمة المؤقتة عدن، وترقيته إلى رتبة لواء، بموجب الآلية التنفيذية التي تقدمت بها السعودية.
- كلّف الرئيس اليمني، الدكتور معين عبدالملك بتشكيل حكومة الكفاءات الجديدة بناء على اتفاق الرياض الذي رعته المملكة العربية السعودية.
ونال عبدالملك ثقة الأطراف والأحزاب والمكونات اليمنية، لقيادة حكومة التوافق المرتقبة التي ستضم للمرة الأولى شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي، وعددا من المكونات السياسية.
وتتألف حكومة عبدالملك المرتقبة، التي سيتم تشكيلها خلال 30 يوما، من 24 حقيبة وزارية فقط، وسيتم توزيعها بالمناصفة بين محافظات الشمال والجنوب، بعد تقليص نحو 10 وزارات عن الحكومة الحالية.
وقالت مصادر حكومية لـ"العين الإخبارية"، إن حصص المحافظات الجنوبية الـ12، ستؤول للمجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك الأبرز في اتفاق الرياض، فضلا عن مكونات جنوبية مثل "مؤتمر حضرموت الجامع" و"مكون المهرة ".
ومن المقرر أن يعكف الدكتور معين عبدالملك على تشكيل الحكومة المرتقبة، في مدة 30 يوما، يتخللها بموجب الآلية الجديدة التي قدمتها السعودية، انسحابات وإعادة تموضع للقوات الحكومية والقوات الجنوبية من عدن وأبين.
ويشكل تكليف عبدالملك، ضربة جديدة للمشاريع الإخوانية المشبوهة في اليمن، والممولة من قطر وتركيا، حيث كان الرجل اتهم في الأيام الماضية بشكل صريح قطر بدعم الانقلاب الحوثي، والعمل على تقويض جهود استعادة الدولة ودعم بؤر التخريب في بلاده.
وبانطلاق قطار "اتفاق الرياض" مجددا نحو تحقيق أهدافه، تنطلق مرحلة جديدة من الشراكة والثقة لتوحيد القوى المؤيدة للشرعية، ستكون المليشيا الحوثية المدعومة من إيران، وجماعة الإخوان الإرهاية المدعومة من قطر وتركيا أحد أكبر المتضررين خلالها، وسيكون الرابح الأول هو الشعب اليمني.
aXA6IDMuMTM1LjI0Ny4xNyA= جزيرة ام اند امز