"الهواتف المحطمة" ربما تكون مفتاح العدالة للروهينجا
هذه الهواتف تحتوي على فيديوهات وصور ربما تكون دليلا لتقديم الجناة المسؤولين عن الفظائع والأعمال الوحشية ضد الروهينجا إلى العدالة.
بمولد كهربائي صغير ومعدات لحام تقليدية وكماشة وفرشاة أسنان، يصلح أنور الهواتف المحمولة على مكتب يغطيه الغبار في مخيم كوتوبالونج للاجئين في بنغلاديش التي فر إليها مليون مسلم من أقلية الروهينجا العام الماضي حتى أصبحت أكبر مخيم لاجئين في العالم.
معظم الهواتف المحمولة التي يصلحها أنور جاءت إلى بنغلاديش من ولاية الراخين في ميانمار التي هرب منها ما يزيد على 700 ألف مسلم بمن فيهم أنور منذ عام أغسطس 2017، وتعد هذه الهواتف أشياء قيمة جدا للروهينجا اللاجئين للبقاء على اتصال مع أصدقائهم وأفراد عائلاتهم المشتتين عبر مخيمات اللاجئين، وفي معظم الحالات، تكون هذه الهواتف الشيء الوحيد المتبقي لهؤلاء الأشخاص من حياتهم في ميانمار، حيث قد تحتوي على مقطع صغير لمنزلهم أو قريتهم.
والأهم من ذلك، قد تحتوي هذه الهواتف على فيديوهات وصور ربما تكون دليلا لتقديم الجناة المسؤولين عن الفظائع والأعمال الوحشية ضد الروهينجا إلى العدالة، حيث استخدم العديد من مسلمي الروهينجا هواتفهم لتوثيق الأهوال التي دفعتهم إلى الهرب من بلادهم.
يقول أنور الذي تعلم إصلاح الهواتف بنفسه: "ليس لدي دخل ثابت، الجميع هنا لاجئون، أتقاضى مقابلا من الأشخاص القادرين على الدفع، وأصلح هواتف غير القادرين مجانا"، مضيفا: "معظم الناس هنا لديهم صور لمصابين، ولهجمات على عائلات على هواتفهم".
وتابع أنه يحلم بأن يعيش هو ووالدته وشقيقته في أمان وسلام وأن يعودوا إلى بلادهم ويستردوا حقوقهم.
ومحل أنور الصغير لتصليح الهواتف المحمولة هو واحد من بين العديد من المحلات التي تؤدي نفس الغرض حول مخيمات اللاجئين المنتشرة عبر الحدود بين بنغلاديش وميانمار، ومن المحتمل أن يكون هناك بحر من البيانات على هواتف هؤلاء اللاجئين المحطمة.
ووفقا لتقرير نشرته شبكة سي إن إن الأمريكية، ينبغي أن يكون الحفاظ على هذه البيانات الموجودة على هواتف اللاجئين مهمة ضرورية من أجل تحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين، ويمكن أن تلعب مواقع التواصل الاجتماعي وأدلة الصور والفيديوهات دورا حاسما في إنصاف ضحايا حرب الإبادة الجماعية والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية في ميانمار.
وطالما أنكر جيش ميانمار اتهامه بمهاجمة الروهينجا غير المسلحين، وقال إنها عمليات تطهير ردا على هجمات إرهابية، لكن أخبر اللاجئين من الروهينجا، الصحفيين والجمعيات الحقوقية والباحثين مرارا وتكرارا أن جنود ميانمار قتلوا الرجال والنساء والأطفال وأبادوا مئات القرى واغتصبوا السيدات والفتيات بصورة نظامية.
وتعلم السلطات في ميانمار مدى قوى المعلومات ووسائل الاتصال والأدلة البصرية، لذلك قامت بكل ما في وسعها لتدمير هواتف الروهينجا ومنعهم من الحصول عليها، حيث من النادر أن تجد شخصا في الراخين يحمل هاتفا محمولا، لدرجة أن بعضهم كان يخاطر بامتلاكه مواجها السجن أو ما هو أسوأ، علاوة على أن الهواتف المحمولة كانت من أبرز الأشياء التي يصادرها جيش ميانمار على الحدود بينما كان الروهينجا يحاولون الفرار.