إن دور الـشيخ الـعلامـة عـبد الله بـن بـيه حـفظه الله ورعـاه تجـلى فـي تـربـية الأجـيال وطـلبة الـعلم عـلى مـبادئ السـلم وأسـسه.
إن مــن إكــرام الله تــعالــى ومــنته عــلى عــبده؛ أن يــجعله مــفتاحــاً لــلخير، مــغلاقــاً للشـر، ميسـراً لا معسـراً، مبشـرا لا مـنفرا، مـدافـعاً عـن الإنـسان، سـاعـياً فـي تـحقيق الأمـان، مـسهماً فـي تـطور الـعمران، ومسخـراً قـلمه وفـكره فـي مـا يـنفع الأوطـان... هـذه بـعض أوصـاف مـعالـي الـعلامـة الـشيخ عـبد الله بـن بـيه رئـيس مجـلس الإمـارات لـلإفـتاء الشرعي، ورئيس منتدى تعزيز السلم، حفظه الله ورعاه.
لــقد جــعل هــذا الــرجــل تــحقيق الأمــان شــعاره، ونشــر الســلم دثــاره، فــكان بــحق نـاشـر السـلم بـالـعلم، ولـم يـكن الـشيخ حـفظه الله لـيبلغ هـذه المـنزلـة الـعالـية، والمـكانـة الـراقـية، لـولا مـا تـضلع فـيه مـن كـافـة ثـقافـات السـلم، وتـعمق فـيه مـن شـتى فـلسفات السـلام، الـتي أفـنى عـمره فـي دراسـتها وتحـليلها؛ لـصبح بـحق راعـي مـشاريـع السـلام الـفكريـة والمـؤسـس لـها، والمـؤصـل لـفروعـها الـباسـقة. ومـا دام الـعلم فـي خـدمـة السـلام؛ فإنه لا محالة سينمو ويترعرع، ويصفو منبعه، ويشتد عوده، ويؤتي ثماره.
إن دور الـشيخ الـعلامـة عـبد الله بـن بـيه حـفظه الله ورعـاه تجـلى فـي تـربـية الأجـيال وطـلبة الـعلم عـلى مـبادئ السـلم وأسـسه، بـعيداً عـن الـتيارات المـتطرفـة، والجـماعـات المنحـرفـة، فـكانـت جـهوده حـفظه الله فـرصـة كـبيرة لـلاقـتناع بـالسـلام، والـسعي وراء تحقيق الاستقرار للأنام.
لـــقد ثـــمن الـــشيخ حـــفظه الله ورعـــاه كـــل مـــبادرات الســـلام الـــتي تـــرعـــاهـــا دولـــة الإمـارات الـعربـية؛ بـوابـة السـلام عـلى الـعالـم، والـتي كـان آخـرهـا ولـيس الأخـير تـوقـيع المـعاهـدة الـتاريـخية مـع دولـة إسـرائـيل بـرعـايـة الـولايـات المتحـدة الأمـريـكية، لـقد ثـمن الـشيخ حـفظه الله ورعـاه هـذه المـعاهـدة وأصـل لـها بـالأدلـة الشـرعـية الـصحيحة مـن الـقرآن الـكريـم، وسـيرة سـيد المـرسـلين، وصـحابـته الأكـرمـين، ومـن تـبعهم بـإحـسان فـي كـل وقـت وحـين، مـقدراً الـجهود المـباركـة الـتي رعـاهـا نجـم الأمـان والـوئـام، وقـائـد المـحبة والســلام فــي المــنطقة بــلا مــنازع: ســيدي صــاحــب الــسمو الــشيخ محــمد بــن زايــد آل نـهيان ولـي عهـد أبـوظـبي نـائـب الـقائـد الأعـلى لـلقوات المسـلحة بـدولـة الإمـارات الـعربـية المتحــدة، ســليل الــحكمة، وحــامــل هــم الإنــسانــية، الــذي قــطع العهــد عــلى نــفسه أن لا يسـتكين حـتى يـعم الأمـن والأمـان والسـلام هـذا الـعالـم، ويـرتـاح مـن الـكراهـية والـطائـفية والــعنصريــة، فــكانــت هــذه الاتــفاقــية مــن منجــزاتــه الــعالمــية الــكبرى، الــتي تــعد شــرفــاً عظيماً لوطنه وشعبه والعالم أجمع وهكذا هو السلام، لا يأتي إلا بخير.
إن هـذه المـبادرة الـشجاعـة قـد حـققت وسـتحقق مـصالـح ومـنافـع وفـوائـد للجـميع، وهـي تـدعـم الـقضية الفلسـطينية وتخـدمـها مـن كـافـة الـنواحـي كـما أنـها مـبادرة تشهـد لـها الـفطر السـليمة، وتـؤيـدهـا المـبادئ الإنـسانـية الـنبيلة، فـهي كـما نـصت فـتوى مجـلس الإمـارات لـلإفـتاء الشـرعـي مـن الـصلاحـيات الـحصريـة لـلحاكـم شـرعـاً ونـظامـاً، ولـها في الشريعة أمثلة ونماذج عديدة، وفقاً لما تقضيه المصالح والظروف الزمنية.
وهـذه المـعاهـدة الـخالـدة الـتي رعـاهـا سـيدي صـاحـب الـسمو الـشيخ خـليفة بـن زايـد آل نـهيان، رئـيس الـدولـة، حـفظه الله، ومـتعه بـوافـر الـصحة والـعافـية، وأخـوه صـاحـب الـسمو الـشيخ محـمد بـن راشـد آل مـكتوم، نـائـب رئـيس الـدولـة، رئـيس مجـلس الـوزراء، حـاكـم دبـي، وصـاحـب الـسمو الـشيخ محـمد بـن زايـد آل نـهيان، ولـي عهـد أبـوظـبي، نـائـب الـقائـد الأعـلى لـلقوات المسـلحة؛ هـي امـتداد لمـعاهـدات أخـرى سـبقتها سـواء قـبل الإســـلام أو فـــي ظـــله، وهـــنا نســـتحضر حـــلف الـــفضول، الـــذي كـــان رمـــزاً لـــلقيم والـفضائـل عـند الـعرب قـبل الإسـلام، دون أن يـكون لـه أي انـتماء ديـني، بـل لـقد انـبثق مـن المشـترك الإنـسانـي، المـتوافـق مـع الـفطرة، والمنسجـم مـع الـطبيعة البشـريـة المـحبة للسلام، والساعية في تحقيق الأمان.
وفــي الــتاريــخ الإســلامــي كــثير مــن المــعاهــدات الــتي تــخص بــيت المــقدس وأرض فلسـطين، وعـلى رأسـها العهـدة الـعمريـة الـشهيرة، الـتي أعـطى فـيها عـمر بـن الخـطاب رضـي الله عـنه أهـل إيـليا "أمـانـا لأنـفسهم وأمـوالـهم ولـكنائـسهم وصـلبانـهم وسـقمها وبريئها وســائــر مــلتها؛ أنــه لا تــسكن كــنائــسهم ولا تهــدم، ولا يــنقص مــنها ولا من حيزها ولا من صليبهم ولا شيء من أموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا مــن يضار أحد منهم.."
لـقد أدرك مـعالـي الـشيخ عـبد الله بـن بـيه الـحكمة مـن تـراثـنا، وأبـصر المـقاصـد مـن شـرعـنا، واسـتنبط الـفقه والأحـكام مـن تبحـره فـي مـدونـات فـقهنا، مـما جـعله قـادرا عـلى صياغة نظرات فقهية تنسجم مع احتياجات الواقع وفرضياته الملحة.
فما أحــوجــنا الــيوم إلــى عــلماء أفــذاذ كــأمــثال الــشيخ عــبد الله بــن بــيه؛ يــنفي عــن الـعلم تحـريـف الـغالـين، وانـتحال المـبطلين، وتـأويـل الـجاهـلين، ويـعززه بـإرسـاء السـلم فـي العالمين، واستدرار رحمته للناس أجمعين.
ومـا أحـوجـنا الـيوم إلـى إدراك أهـمية هـذه الـقوانـيين الإنـسانـية الـحضاريـة، الـتي تنظم المجتمعات البشرية، وتساهم في ازدهارها واستقرارها وتقدمها.
ومــا أحــوجــنا إلــى اســتدامــة الالــتفاف حــول قــيادتــنا الــحكيمة كــبيرنــا وصــغيرنــا، قـائـلين: نـعاهـدكـم عـلى الـسمع والـطاعـة، فـنحن مـعكم، واثـقون فـي حـكمتكم ورؤيـتكم، مــؤيــديــن لــكل جــهودكــم، شــاكــريــن أفــضالــكم وآلاءكــم عــلى شــعبكم وعــلى الإنــسانــية، فـأنـتم أعـظم نـعمة حـبانـا الله بـها، تسـتوجـب مـنا كـثيرا مـن الـشكر والـدعـاء والـثناء، فـلله الحمد وله المنة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة