"الطماطم الفاسدة"..مزارعو تركيا ضحية غضب بوتين على أردوغان
المزارعون الأتراك يدفعون وحدهم ثمن غضب موسكو وتهور أنقرة وتوتر علاقاتهما حول سوريا ويتكبدون خسائر طائلة.
على طول امتداد الأراضي الخصبة شمال شرق البحر الأبيض المتوسط، يتعفن صف بعد صف من الطماطم، التي كانت فيما مضى ممتلئة وطازجة على أغصانها، ليدفع المزارعون الأتراك ثمن غضب موسكو، وتهور أنقرة.
وفي تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" على موقعها الإلكتروني، أن تداعيات الحرب في سوريا تطال تركيا حيث تقود العقوبات، التي فرضها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن أسقطت قوات الرئيس رجب طيب أردوغان طائرة روسية قبل 16 شهرا، المزارعين إلى الخراب.
وقال منير سين، رئيس جمعية وسطاء الفاكهة والخضراوات في مرسين، المدينة الجنوبية، التي تحتضن أكبر ميناء بحري في تركيا: "لا يمكننا البقاء دون السوق الروسية، معدلات الهدر لم تصل أبدا إلى تلك المستويات العالية".
وأشارت الوكالة إلى أن جهود أردوغان للتقارب مع بوتين، أسفرت عن رفع معظم العقوبات الجزائية على قطاع السياحة الرئيسي في تركيا.
ولكن في ظل تبني الزعيمين أجندات متضاربة في سوريا، يرفض بوتين التراجع عن حظر الطماطم، ليتحكم بذلك في سوق تمثل 70% من مجموع الصادرات التركية من الفاكهة، وفي الوقت الذي يجري فيه إعادة توجيه بعض الشحنات، فإن الفراغ الروسي، الذي يبلغ ربع مليار دولار سنويًا، كبير ليمكن تعويضه.
وفي عام 2016، تراجعت صادرات محصول الطماطم التركية إلى روسيا لتصل إلى 40 مليون دولار، مقارنة بنحو 260 مليون دولار في عام 2015، وفقا لمعهد الإحصائيات التركي، وبعملية حسابية بسيطة يظهر تراجع الصادرات بأكثر من 85%.
ويزيد ضغط بوتين من أعباء البطالة، ويوسع العجز التجاري، ما جعل كارثة مزارعي وبائعي الطماطم قضية رئيسية في حملة أردوغان، الذي يطالب الناخبين بمنحه سلطات جديدة واسعة في استفتاء على التعديلات الدستورية في 16 أبريل/نيسان الجاري.
وفي المقابل، ترد تركيا على نحو فعال من خلال منع شراء القمح من روسيا، أكبر مورد للمحصول في العالم، ولكنه انتقام محفوف بالمخاطر بالنسبة لبلد يعد أكبر مصدر للطحين في العالم، وواحد من أكبر مستهلكي الخبز في العالم.
وكان وزير الزراعة التركي فاروق سيليك، قال في مقابلة أجريت في 29 مارس/أذار الماضي في إسطنبول: إن "هذا التصعيد غير قابل للاستمرار".
وطالب روسيا بالتفاوض على هدنة وتجنب ايذاء المنتجين والمستهلكين في البلدين، مضيفا: "نحن بحاجة إلى بعضنا البعض".
لكن المزارعين الأتراك، محتجزون كرهائن لنزاع أكبر وأكثر ضررا، وهو الحرب متعددة الجنسيات في سوريا، وفقا للوكالة الأمريكية.
وفي حين، جند بوتين دعم أردوغان لجهود إنهاء الصراع السوري، الذي دام 6 سنوات، والذي تدخلت فيه روسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، فإن القادة لا يزالون على خلاف عميق حول سياسة تركيا في الضغط من أجل الإطاحة بالحليف السوري لبوتين، بشار الأسد، واحتضان موسكو للقوات الكردية، الذين تعتبرهم أنقرة إرهابيين.
وفي السياق، قال ألكسندر شوميلين، رئيس مركز الشرق الأوسط للنزاعات في موسكو، إن استمرار بعض الحظر الزراعي يخدم غرضين لبوتين، حيث يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالنفوذ على أردوغان، بينما يساعد أيضا الشركات المحلية على الاستثمار في إنتاج الأغذية لمساعدة الكرملين على الضغط من أجل الاكتفاء الذاتي.
وكان الخلاف الغذائي، بدأ بضجة كبيرة في روسيا في يناير/كانون الثاني عام 2016، عندما بث التلفزيون الحكومي تجريفا احتفاليا لمخزون الطماطم التركية. وبينما حث المشرعون في موسكو روسيا على استمرار الحظر لعدة سنوات، بدأ المستثمرون ومنهم الملياردير فلاديمير إفتوشينكوف الانتقال إلى هذه الصناعة.
وقال وولفانجو بيكولي الرئيس المشارك لمؤسسة التحليل السياسي "تينيو إنتليجانس"، ومقرها لندن: إن "القضية هنا هي أنه بمجرد فرض الحظر، أجريت استثمارات كبيرة في إنتاج الطماطم المحلية، ومن أجل حماية هؤلاء المستثمرين، يجب أن يظل الحظر قائما"، مضيفا "حدسي الشخصي هو أن السبب الحقيقي هو أن روسيا ستواصل ممارسة النفوذ على تركيا لأسباب سياسية".