كل تعزيز للعلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي هو خبر مهم للمنطقة كلها.
وتقوية العلاقات بين السعودية وعُمان تُعد حدثا لافتا على الصعيدين الخليجي والإقليمي.
فتلك الزيارة المهمة، التي قام بها السلطان هيثم بن طارق، سلطان عُمان، الأحد الماضي، إلى السعودية، كانت أول زيارة خارجية له منذ تسلمه مقاليد الحكم في السلطنة، وذلك يؤكد عمق العلاقات بين البلدين، ومدى أهمية المملكة بالنسبة إلى العُمانيين، وما تمثله من عمق استراتيجي لدول الخليج العربي.
الاهتمام الكبير، الذي حظيت به هذه الزيارة السلطانية للسعودية، والتفاصيل التي عكستها أهمية هذا الحدث التأسيسي لمستقبل منطقة الخليج، لا يمكن أن تخطئه عين المراقب السياسي المنصف، فهذه الزيارة تعكس عمق العلاقات الدبلوماسية والأخوية التي تربط بين البلدين، وهي خطوة إيجابية وخلاقة في طريق المستقبل، الذي يحتاج إلى مرحلة جديدة من التعاون وتضافر الجهود، تختلف عما سبق في فترات زمنية، لا سيما من عمر مجلس التعاون الخليجي.
كان لافتاً الترحاب السعودي الكبير على المستوى الرسمي والإعلامي والشعبي بضيفهم الكبير، وصدر بيان رسمي في ختام القمة السعودية-العمانية تضمن الملفات التي تم بحثها بين العاهل السعودي وسلطان عُمان، والإعلان عن اتفاق وجهات النظر في أزمتي اليمن والتهديدات الإيرانية، إضافة إلى تأسيس مجلس التنسيق السعودي-العماني وتطوير التعاون في مجالات عدة.
لا يمكن النظر إلى زيارة السلطان هيثم بن طارق للسعودية على أنها زيارة عادية، بل هي نقلة في مستوى التعاون بين الرياض ومسقط، ونقلة مهمة على المستوى الإقليمي.
وبلا شك، فإن نتائج هذه الزيارة تصب في مصلحة مجلس التعاون ككل، فسلطنة عُمان لها دور مهم في تعزيز الاستقرار بالمنطقة، وكانت ولا تزال ساحة لمفاوضات سياسية عديدة للتوسط والتنسيق في ملفات المنطقة.
واليوم، في مرحلتها السياسية الجديدة، هي مهيأة للقيام بدور مهم بعدما صار التنسيق بينها وبين دول الخليج في أفضل مستوياته، كما أنها قادرة على البروز أكثر كقوة اقتصادية خليجية، من خلال رؤيتها التنموية 2040، وبالتالي هي قادرة على التعاون بفاعلية لسد أي فراغات داخل المنظومة الخليجية.
التهديدات الخارجية لأمن دول الخليج العربي من قوى توسعية، تتطلب حواراً خليجيا-خليجيا، وتعاونا تاما، وأخذ زمام المبادرة لإصلاح الأوضاع والنهوض بالذات بعيداً عن ارتباكات وانكسارات المنطقة، ورهانات القوى الغربية، بما فيها الإدارة الأمريكية، تجاه ملفات المنطقة ومقارباتها.
لذا، فإن الزيارة السلطانية للسعودية مهمة بكل المقاييس لمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي، واستقرار منطقتنا، وحماية مصالحها، وتفتح أبواباً واسعة أمام العمل الخليجي المشترك، للمضي قدما بسفينة الخليج العربي نحو بر الأمان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة